سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

نساء من ديرك يجدنَ في البالة حلاً لظروفهن المعيشية الصعبة..

ديرك/ هيلين علي –

ظروفٌ معيشيةٌ صعبة وغلاء أسعارٍ كبير أرهق المواطنين اقتصادياً ونفسياً؛ الأمر الذي أجبر سكان مدينة ديرك وريفها على التوافد بكثرة على شراء الأشياء المستعملة من أدواتٍ منزليةٍ وأثاث والأهم من هذا الألبسة التي أصبح تأمينها للأولاد عبئاً لا يحتمله أرباب الأسر.
“البالة حلٌ بديل” 
تتزاحم النسوة على أبواب “محلات البالة” كما نسميها باللهجة العامية ينبشن ويبحثن في كومٍ من الثياب عن قطعةٍ مناسبة لأولادهن تقول “ح.م” مواطنة من ريف ديرك أمٌ لخمسة أطفالٍ لها من العمر أربعين عاماً: “أرتاد محلات البالة منذ زمن، وانقطعتُ عنها بسبب جائحة كورونا الأمر الذي زاد من الوضع سوءاً”.
تشير الأم (ح.م) بأنّ انتشار كوفيد 19 تسبب بإغلاق محلات الألبسة المستعملة التي كانت تحصل على بضاعتها من الخارج، مما أثّر سلباً على حياتهم الاقتصادية كأسرٍ كبيرة لا تستطيع تغطية كافة المصاريف؛ فاللباس والثياب الجديدة أصبحت تحت بند الترف “لا يوجد قطعة ثياب مناسبة وجيدة تحت سعر الـ ١٥ ألفاً” بحسب تعبيرها.
 ترفع (ح.م) كنزةً شتويةً بيدها لتردد مبتسمةً وكأنها حصلت على جائزةٍ نقديةٍ كبيرة: “وجدتها أخيراً” لتتابع وصفها لحالتها النفسية والمادية التي تعيشها؛ بأنها قرابة شهرين وهي تحاول شراء الكنزة الشتوية لابنها؛ لتلجأ أخيراً لمحلات البالة بعد أن عجزت عن شراء واحدة جديدة.
ولا تختلف فرحة أم محمد المرأة الثلاثينية من ديرك زوجةٌ لرجلٍ يعمل عاملاً في مكابس البلوك التي يتأرجح فيها العمل وعدم ثبات الأجر عن فرحة رفيقاتها في الحصول عما تبحث عنه من قطع الثياب لأولادها لتردد قائلةً وهي تبث شكواها عبر منبر صحيفتنا “روناهي”: “ماذا يفعل أجر عامل البلوك في هذه الأيام الصعبة؟؟!..
حلول لحل مشكلة الملابس
أما كيف تحل أم محمد مشكلة تأمين الألبسة لأولادها تقول: “أقوم بعملية تدوير الملابس بين أبنائي فالصغير يلبس من الكبير والبالة موجودة والألبسة الجديدة للضرورة والمناسبات الطارئة”.
هذا وتربط النساء في ديرك وريفها علاقةٌ حميمة توطدت في محلات البالة وقويت، فكم من أمٍ تُلوح لرفيقتها بقطعة ثيابٍ تظن بأنها ستكون على مقاس ابنها أو ابنتها التي ترافقها وقد تعبت من البحث لتفرح عندما تحصل على مبتغاها، وكم من صداقاتٍ توثقت عبر تبادل أرقام الجوالات ليخبرن بعضهن عن فتح بالةٍ جديدة في مكانٍ معين.
نساء يحاولن التغلب على ظروفهن المعيشية ليرسمن الضحكة على وجوه أولادهن فمهما قست الظروف؛ تبقى المرأة السورية مثالاً للتعامل مع الأزمات وحلها.
فالبالة التي تجمع حولها تنهيدات أمهاتٍ وحسراتهن وتخوفهن من عدم إيجاد طلبهن هي ذاتها من تُدخل البهجة لقلوبهن وقلوب أطفالٍ صغارٍ يحلمون بقطعة ثيابٍ يلبسونها ليواجهوا بها برد الشتاء.