سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

على أمريكا الاعتراف بالإدارة الكردية في الشمال السوري

أليزا ماركوس ـ خبر 24  –

إذا كانت الولايات المتحدة تريد حقاً الاستقرار في سوريا، فيجب عليها دعم الكرد سياسياً وعملياً، وليس فقط بالأسلحة اعلنت الولايات المتحدة في الشهر الماضي أنها تعتزم إبقاء القوات في سوريا لدعم المقاتلين الذين يقودهم الكرد في الشمال السوري، إلى أن يتم دحر داعش بالكامل واستقرار المنطقة. على الرغم من أن هذا الالتزام أمر بالغ الأهمية، إلا أنه لا يمكن ضمان الاستقرار والأمن الحقيقيين إلا من خلال تقديم اعتراف سياسي ودعم عملي للإدارة الكردية في شمال شرق سوريا. وبدأت الولايات المتحدة تدعم الكرد في سوريا، منذ سقوط الأسلحة الأمريكية الأولى على المقاتلين الكرد المحاصرين من قبل مرتزقة داعش في مدينة كوباني السورية في أواخر عام 2014، حيث ركزت واشنطن على هزيمة مرتزقة داعش وتجنب التصريحات أو الأعمال التي قد تنطوي على دعم الحكم الذاتي الكردي أو الفيدرالية التي يقودها الكر في سوريا، وبفضل تضحيات المقاتلين الكرد من وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، فقدت مرتزقة داعش سيطرتهم على كامل شمال شرق سوريا تقريباً، بما في ذلك العاصمة الرقة التي أعلنوها بأنفسهم عاصمة لخلافتهم. والآن تجري المعارك في آخر معقل لهم في دير الزور، حيث يتعرضون لهجوم من قبل المقاتلين الكرد وقواتهم الديمقراطية السورية الشاملة وسينهار قريباً، ويسيطر الكرد الآن على أكثر من ربع الأراضي السورية حيث يعيش ما يقدر بأكثر من مليوني شخص هناك، لقد أنشأوا الإدارة الخاصة بهم لإدارة وتقديم الخدمات، وكجزء من رؤيتهم لسورية لا مركزية وشاملة، وتعمل مؤسساتهم وفقاً للقواعد التي تعزز المشاركة المتساوية للمرأة والتمثيل المتساوي للمجموعات العرقية والدينية. لقد أثبت الحكم الذي يديرونه الآن صعوبة التعامل في تقديم الخدمة المدنية، ووفقا للمسؤولين الكرد أن نحو  190000 شخص باستثناء الأسايش، غالبا ما يكونوا غير مدربين وعديمي الخبرة. إلى جانب التمويل المحدود والمعركة المستمرة مع مرتزقة داعش وجدت السلطة التي يقودها الكرد صعوبة في توفير الخدمات الضرورية لدعم السكان وتعزيز الاستقرار والأمن المتوفرين بشكلٍ جيد هناك.
وتواجه المنطقة الكردية تحدياً إضافياً في الحظر الفعلي المفروض على جيرانها وبقية العالم، لقد أغلقت تركيا حدودها مع المنطقة، بل أغلقت أجزاء منها بجدار إسمنتي وفرص التجارة مع العراق المجاورة أو بقية المناطق السورية محدودة للغاية، ومعظم المساعدات الدولية مثل دعم الولايات المتحدة وأوروبا تذهب بمعظمها إلى مخيمات اللاجئين أو المناطق العربية حول الرقة أو منبج وتتجاهل المناطق ذات الأغلبية الكردية، وهذا يضعف الإدارة ويشل النمو الاقتصادي في تلك المناطق.
وترددت واشنطن في الاعتراف بالسلطة الحاكمة كهيئة حاكمة شرعية للمنطقة التي تسيطر عليها؛ لأن تركيا تسند وحدات الحماية إلى حزب العمال الكردستاني التي تقاتل تركيا منذ عقود من الزمن، وتدرجها تركيا كمنظمة إرهابية وهذا لا يبرر لأمريكا مساعدة الكرد عسكرياً وتجاهلهم سياسياً، وهذا لا يشجع على الاستقرار في تلك المنطقة من سوريا. والطريقة الوحيدة لبناء بديل للفوضى والدكتاتورية القمعية في بقية سوريا هي من خلال الاعتراف بالإدارة التي يقودها الكرد والمشاركة السياسية النشطة للولايات المتحدة. ويمكن للولايات المتحدة استخدام دعمها لرفع المعنويات للدفع بالكرد باتجاه نظام أكثر انفتاحاً في المناطق التي يسيطرون عليها، كما يمكن أن تضم الولايات المتحدة نشطاء معارضين ومستقلين في الاجتماعات السياسية في شمال شرق سوريا، ويمكنها أن تطلب من الإدارة رفع اللوائح التي تعرقل أنشطة الجماعات والأفراد الذين ليسوا جزءاً من المنظمات السياسية التابعة لسلطة الإدارة الذاتية. وفي الوقت نفسه، ينبغي على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مساعدة الكرد السوريين في القضايا الفنية، مثل المياه والصرف الصحي والخدمات الأخرى.
ويجب أن يساعدوا في تدريبهم مهنياً تعمل على أساس الكفاءة والمهارة بدلاً من الولاء الحزبي، ولا يمكن أن تأتي المشاركة السياسية في وقت أكثر أهمية، حيث استعاد الرئيس بشار الأسد السيطرة على معظم سوريا نتيجة الدعم الروسي، ويريد بعد ذلك التحرك ضد إدلب، آخر معاقل المتمردين الرئيسية، حيث يعيش حوالي ثلاثة ملايين شخص. وقد تم تعليق المعركة هناك التي كان من المخطط لها الأسبوع الماضي، على الأقل في الوقت الراهن بموجب اتفاق توسطت فيه روسيا وتركيا، التي قدمت الكثير من الدعم لفصائل المعارضة هناك. ومن الواضح أن الكرد غير متأكدين من التزام واشنطن تجاههم، وعلى الرغم من أن قيادات من وحدات حماية الشعب نفت مشاركتها في معركة إدلب إن حدثت، ولكن أشارت التقارير إلى أن قوة كردية رمزية مستعدة للمشاركة في هجوم النظام السوري على إدلب فيما لو تأكدوا بأن هذه العملية سيساعد الكرد من خلال إضعاف تركيا، التي كانت قد غزت واحتلت منطقة عفرين الكردية في الشهور الأولى من هذا العام.
لقد آن الأوان لكي تتوقف واشنطن عن معاملة الكرد بأنه يمكن التخلص منهم في القتال ضد الإرهابيين، واعتبارهم شركاء فعليين وهذه الحقيقة يجب أن تدركها واشنطن. إن التجربة الكردية في سوريا مهما كانت ناقصة، ستكون هي الطريق المحتمل الوحيد للاستقرار على المدى الطويل وبمساعدة واعتراف من المجتمع الدولي يمكن للولايات المتحدة إنقاذ جزء من سوريا، وإعطاء الكرد الدعم الذي يحتاجون إليه للمطالبة بتسوية عادلة من دمشق، والاحتفاظ بقاعدة لعمليات مستقبلية ضد المتطرفين الذين يمارسون العنف والإرهاب في أي مكان يصلون إليه.