عن الانتخابات العراقية.. المقدمات والنتائج وتحليلها وتداعياتها ـ2ـ

رجائي فايد_

بالرغم من أن أمين عام الأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش)، قد أثنى على الانتخابات البرلمانية العراقية، وحثّ (أصحاب المصلحة) في العراق، على التحلي بالصبر واحترام الجدول الزمني للانتخابات، وترك الأمر للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، التي تقوم بحل أي نزاعات انتخابية، كما أكدت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، أن الانتخابات التي طال انتظارها، (جرت بسلاسة، وشهدت تحسينات فنية، وإجرائية كبيرة، وأكدت وقوف الأمم المتحدة، إلى جانب العراقيين جميعهم، وأشادت بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، على عملها الجاد لتنظيم الانتخابات، وبالجهود الكبيرة، التي بذلتها قوات الأمن العراقية يوم الاقتراع)، حيث جرت تلك الانتخابات، دون حظر تجول، كما كان يحدث في الانتخابات السابقة، كما لم تحدث أي مفخخات أو تفجيرات، وهذا ما يعني أن هناك راحة وقبولاّ دولياّ بتلك الانتخابات، لكنّ الخاسرين لم يستسلموا كما كتبنا سابقاّ، فالهزيمة كانت ثقيلة، فعلى سبيل المثال، فإن تحالف (الفتح) الذى يضم الحشد الشعبي، والحليف القوي لطهران، والذى تبوأ في الانتخابات السابقة المركز الثاني في البرلمان، وحصل فيها على 48 مقعداّ، غير أنه قد تقهقر ترتيبه في الانتخابات الحالية، وحصل على نحو 15 مقعدا فقط، وعدّ مراقبون أن الخسارة التي سجلها الحشد الشعبي حسب النتائج الأولية، تعود إلى خيبة أمل ناخبيه من أدائه السياسي، وإخفاقه في تلبية تطلعاتهم، بالإضافة إلى العنف، والممارسات القمعية، المنسوبة للفصائل المكونة للحشد، لكنّ قياديي هذا التحالف ندّدوا مراراّ، بـما جرى في تلك الانتخابات من (تزوير)، لذلك دعوا أنصارهم للتظاهر ضد ما قالوا أنه (تزوير) في نتائج تلك الانتخابات، وعلى الفور نفّذ أنصارهم هذا المطلب فتظاهروا، وخلال تلك المظاهرات رفعوا شعارات (كلا كلا للتزوير)، (نعم نعم للحشد)، وحاولوا بشعاراتهم، التي لم تخلُ (بطبيعة الحال) من العنف، اختراق المنطقة الخضراء، لكن الانتشار الكثيف للقوات الأمنية، حال بينهم وبين ذلك، ورغم التأكيد على القوات الأمنية، بعدم مقابلة العنف بالعنف، وعدم استخدام الرصاص الحي، إلا أنه جرت اشتباكات عنيفة أمام بوابة المنطقة الخضراء، حيث سقط قتيل في صفوف المتظاهرين، ومئات الجرحى، وأعربت (يونامي) عن أسفها لتصاعد العنف، ودعت الأطراف كافة، إلى (ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، واحترام الحق في الاحتجاج السلمي، وأن تبقى المظاهرات سلمية)، في الوقت نفسه، أعلنت خلية الإعلام الأمني في العراق، أن القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، وجّه بتشكيل لجنة تحقيق عليا، تضم في عضويتها ممثلين عن أمن الحشد الشعبي، ورغم تأكيد قادة هذه الفصائل على  التظاهر السلمي، غير أنهم كانوا يدركون طبيعة عنف المتظاهرين، والعنف المتبادل أمنياّ، والذي أسفر عما حدث، وأصدر هؤلاء المتظاهرون بياناّ، طالبوا فيه (بإحالة رئيس وأعضاء مجلس المفوضين إلى القضاء، لمحاكمتهم بسبب مخالفاتهم القانونية، واختيار رئيس مفوضية مستقل وأعضاء مستقلين، وإجراء مراجعة شاملة للكادر الإداري للمفوضية، للتأكّد من عدم انتمائهم إلى جهات سياسية متنفذة)، وقد حمل (قيس الخزعلي) مسؤولية العنف، الذي حدث لرئيس الحكومة (مصطفى الكاظمي) وبلهجة تهديدية، فهل كانت محاولة اغتيال رأس الدولة العراقية، والقائد العام للقوات المسلحة، والتي تمت في منزله، بقلب المنطقة الخضراء، في إطار هذا التهديد، أم أن تهديد الأطراف الخاسرة، قد يلجئون في النهاية، إلى خيار (شمشون) بهدم المعبد على رؤوس الجميع، (علي وعلى أعدائي).