لاعب جديد في آسيا الوسطى

دجوار أحمد آغا_

تحت هذا العنوان “لاعب جديد في آسيا الوسطى” كتب إسماعيل ياشا الكاتب التركي المؤيد لأردوغان الأربعاء الماضي 17 الشهر الجاري مقالاً عن قمة المجلس التركي الثامنة والتي عقدت يوم الجمعة 12/11/2021 في جزيرة “الديمقراطية والحريات بإسطنبول” وذلك لرفع مستوى التعاون بين دول الأعضاء من مرحلة إلى مرحلة أخرى في تعزيز العلاقات الثنائية والجماعية، والتقدم نحو التكامل، في إطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وأضاف: “شارك في القمة رؤساء تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان وتركمانستان، بالإضافة إلى رئيس وزراء المجر. القمة شهدت تحولاً هاماً في مسيرة هذا التكتل الذي يعود تاريخه إلى قمة الدول الناطقة باللغة التركية التي استضافتها أنقرة عام 1992. وبعد انعقاد عدد من القمم، تم توقيع اتفاقية في قمة نخجوان عام 2009، وبموجبها شكَّلت أربع دول، هي تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزستان، المجلس التركي. وغيَّرت قمة إسطنبول الأخيرة اسم المجلس التركي إلى “منظمة الدول التركية”، كما افتتح الرؤساء مقر الأمانة العامة للمنظمة في منطقة السلطان أحمد التاريخية بإسطنبول”.

 يتابع الباشا مقاله بالقول: “تحول المجلس التركي إلى منظمة الدول التركية يهدف إلى التحول من “نادٍ ثقافي” إلى “تكتل إستراتيجي” بين عدد من الدول، ومن المتوقع أن يعزز هذا التحول أسس الشراكة المؤسساتية بين الدول الأعضاء، كما يبعث رسالة طمأنة إلى الدول التي تعيش فيها الأقليات التركية. المساحة الجغرافية الشاسعة التي تغطيها الدول السبع المشاركة في قمة إسطنبول تمتد من وسط أوروبا إلى حدود الصين، وتصل إلى 4.5 مليون كيلومتر مربع، ويعيش فيها حوالي 300 مليون نسمة. كما أن هذه الدول تملك ثروات طبيعية وقدرات اقتصادية يمكن أن تجعل المنظمة الجديدة لاعباً كبيراً في الساحتين الإقليمية والدولية”.

ويُكمل مقاله قائلاً: “الدول الأعضاء لمنظمة الدول التركية تجمعها أواصر قومية وتاريخية وثقافية، يمكن أن تشكل أرضية صلبة للتعاون السياسي والاقتصادي والعسكري. وقد تنضم إليها في المستقبل دول أخرى كجمهورية قبرص الشمالية التركية؛ التي قال رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان في كلمته بالقمة إنهم يتمنون رؤيتها بين الدول الأعضاء في المرحلة القادمة”.

ويختتم المقال بالحديث عن إن: “جمهوريات آسيا الوسطى التركية ظلت مدة طويلة تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي؛ الذي كان يحرص على طمس الهويات القومية لشعوب تلك الجمهوريات لصالح الأيديولوجية الشيوعية، كما سعى إلى زرع بذور الخلافات والتفرقة بينها للحيلولة دون اتحادها على أسس قومية ودينية. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي في نهاية 1991، حصلت جمهوريات آسيا الوسطى التركية على استقلالها، إلا أنها كانت بحاجة إلى وقت للتحول إلى دول قومية مستقلة بمعنى الكلمة؛ يمكن أن تحلق وحدها بعيداً عن النفوذ الروسي، وبعد ثلاثة عقود، يمكن أن نقول إن روسيا ما زالت تملك نفوذاً في تلك الجمهوريات، إلا أن ذاك النفوذ اليوم ليس كما كان في حقبة الاتحاد السوفييتي أو في تسعينيات القرن الماضي”.

دعونا الآن نُعيد قراءة هذا الحدث من وجهات نظر أخرى، لكن قبل ذلك نود أن نعرّف القرّاء بإسماعيل ياشا هذا الكاتب التركي الدائم وبشكل كبير لأردوغان والذي كان يقيم في السعودية وتم طرده منها في عام 2014 نتيجة دعمه الواضح لسلطة الإخوان المسلمين في مصر أيام محمود مرسي وذكره بأن السعودية والإمارات كانتا وراء الإطاحة بمرسي وكأن الشعب المصري كان يعشق مرسي والإخوان.

بالعودة الى المقال لنبدأ من مكان اجتماع القمة كما سماها بـ”جزيرة الديمقراطيات والحريات” تُرى كم من الآلاف المؤلفة من المواطنين الأتراك وليس الكرد مسجونين في سجون هذه الجزيرة! وكم من عشرات الآلاف من الكرد معتقلين في سجون بلد الديمقراطيات والحريات! وأخرها وليس أخيراً الزوجين الإسرائيلين الذين اعتقلتهما تركيا بلد الحريات بتهمة التجسس ومن ثم أطلقت سراحهما قبل بضعة أيام! يا سلام على هذه الديمقراطية والحرية التي تتوفي للأجانب والعدو الافتراضي ولا تتوفر لمواطني تركيا وكردستان!

ثم تعمل هذه القمة على تطوير العلاقات الثنائية، أليس الأولى بتركيا أن تطور العلاقات الثنائية مع جيرانها الذين لها معهم حدود مشتركة برية وبحرية من سوريا والعراق وإيران وروسيا وأرمينيا واليونان وبلغاريا وجورجيا، على العكس من ذلك فهي تتدخل بالشؤون الداخلية لهذه الدول وترسل بمئات المرتزقة اليهم وتحتل أراضيهم بشكل مباشر (سوريا – إقليم كردستان ـ العراق) نموذجاً.

نأتي بعد ذلك إلى الدول الناطقة بالتركية أليس لكازاخستان (الروسية، الكازاخية) وأوزبكستان (الأوزبكية) وقرغيزيا (القرغيزية، الروسية) وأذربيجان (آذرية) وطاجاكستان (الطاجيكية) لغات خاصة بها؟ أين هي التركية في ذلك، بل حتى تركمانستان لغتها تركمانية وليست تركية إنما هم من أصل واحد هي لغة قبائل الغز في آسيا الوسطى وهو ما يُثبت أن الأتراك هم محتلون ومستوطنون في بلاد ما بين النهرين (ميزبوتاميا) وليسوا من السكان الأصليين. أضف إلى ذلك أن اللغة التركية إن جردتها من الكلمات العربية والفارسية والكردية لا يمكن تسميتها لغة حينها. يحضرني هنا قول لا زلت أتذكره لمدرس التاريخ في الصف العاشر الأستاذ حسن عثمان أطال الله في عمره وأمده بالصحة والعافية حين قال لنا في أحد حصص التاريخ “إن الأتراك أرادوا أن ينقوا لغتهم ويصفوها من الشوائب فألفوا كتاباً أسموه “تصفية لغتي”.

يتابع ياشا مقاله يذكر الثروات الطبيعية التي تتمتع بها هذه الدول والمساحات الشاسعة من الأراضي التي تمتد لأكثر من 4،5 مليون كم2 وحوالي 300 مليون نسمة مع إمكانيات اقتصادية هائلة يمكنها أن تكون تكتل قوي في المنطقة. لكن في حقيقة الأمر الصراع يدور الآن بين تركيا وروسيا حول هذه الدول وبالتأكيد روسيا لها اليد الطولى في هذه الدول فهم عاشوا معاً لعقود من الزمن وهناك علاقات اقتصادية وثقافية وسياسية تجمع شعوب هذه المنطقي (آسيا الوسطى) بروسيا الاتحادية الذين كانوا يشكلون معاً الاتحاد السوفيتي هذا الاتحاد الذي يتهمه ياشا بأنه احتل هذه الدول هو من مد يد العون لثورة مصطفى كمال وهو من سانده في الوقوف في وجه أطماع الغرب.

حقيقة الأمر برمته هي أطماع أردوغان في كسب ود هذه الدول بعد أن سدت أوروبا أبوابها في وجهه وبعد أن تعرفت الدول العربية حقيقة هذا الطاغية وأطماعه في إعادة احتلال البلدان العربية وإحياء الإمبراطورية العثمانية وما تدخّله المباشر في كلاً من ليبيا وسوريا والعراق واليمن وصولاً إلى لبنان وتونس والجزائر إلا خطوة في هذا الاتجاه.

تساقطت أوراق أردوغان الواحدة تلو الأخرى وأصبح عارياً لا يجد ما يستر به نفسه سوى محاولة بائسة ويائسة أخيرة لإطالة عمره في السلطة من خلال تشكيل المنظمة (منظمة الدول التركية) وكأنه بذلك سينافس الاتحاد الأوروبي أو دول الكومنولث أو جامعة الدول العربية.

نترك لكم التعليق