انتشار الأميّة في بعض مخيمات الرقة العشوائية..

التقط عبد الله العلي (45عاماً) الذي يعيش في مخيم اليوناني القريب من مدينة الرقة في شمال وشرق سوريا، بروشوراً توعوياً حول كورونا لكن لسوء الحظ لا يُجيد الرجل قراءته.

ولدى “العلي” سبعة أطفال يبلغ عمر أكبرهم نحو 15 عاماً إلا أن الحرب وما رافقها من نزوح متكرر لم تسمح لهؤلاء الأطفال بارتياد المدرسة مثلهم مثل مئات الأطفال في هذا المخيم.

كما تسبب عدم الاستقرار والفقر الذي حلَّ بنازحي المخيمات العشوائية في الرقة، بانتشار الأمية بين الأطفال بحسب نشطاء مدنيين.

وفي خيمة تفتقر لأدنى متطلبات الحياة، يعيش “العلي” مع عائلته التي لا يُجيد فيها أحد القراءة أو الكتابة. وينحدر “العلي” من قرية الرصافة 45 كم جنوب غربي مدينة الرقة، التي تقع تحت سيطرة الحكومة السوريّة.

ويعيش في مخيم اليوناني 267 عائلة معظمها من قرية الرصافة ومدينة حمص الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، وثمة في المخيم نحو 80 طفلاً في سن الدراسة، بحسب سعيد السعيد مندوب المخيم.

“شعلة الأمل” 

“لا أُجيد القراءة والكتابة لكن كان حلمي أن يصبح أولادي من جيل المعرفة والعلم ويرتقوا إلى مراتب عُليا”، لكن الحرب أطفأت شعلة الأمل، كما وصف “العلي”.

وقال: “في بداية العام الدراسي ذهب أطفالي إلى المدرسة ولكن مسافة الطريق الطويل أنهكتهم وأظهرت ملامح التعب الشديد عليهم، لذا منعتهم من الذهاب خوفاً على صحتهم”.

والمدرسة الموجودة في قرية حويجة السوافي جنوب الرقة، هي أقرب مدرسة إلى المخيم ولكنها تبعد عنه أكثر من اثنين كيلومتر.

يختلف حال مصطفى الكدو (٣٥ عاماً) في مخيم حويجة السوافي عن حال “العلي” بالرغم من أنه يجيد القراءة والكتابة، لكن طفله زيد (12عاماً) لا يعرف حتى شكل الحروف الأبجدية، وكل ما يعرفه هو رعي الأغنام وانتظار التجار المتجولين لبيع الخردة التي جمعها من مكبات النفايات، المحيطة بالمخيم.

وامتنع “الكدو” عن الجواب على سؤال عدم إرسال أطفاله إلى المدارس بالرغم من قرب المدرسة من المخيم. وفي تصريح سابق لنورث برس قال شيخموس أحمد الرئيس المشترك لشؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية إن “بعض النازحين في المخيمات العشوائية يفضلون البقاء فيها، لأن المخيمات النظامية لها نظامها الداخلي الخاص”.

مخيم اليوناني 

ولا ينسجم النظام الداخلي للمخيمات النظامية مع طبيعة أعمال ساكني المخيمات العشوائية لأن معظم ساكني المخيمات الأخيرة يعملون في الزراعة وتربية المواشي.

عائلات “غير مهتمة”

وقالت روعة الحمدان وهي معلمة في مدرسة حويجة السوافي للمرحلة الابتدائية، إن عدد المتقدمين من طلاب المخيم كان جيداً مع بداية الفصل الدراسي لكن بعد مرور عدة أيام لم يتبقَ منهم إلا القليل.

وترى روعة أن السبب في عدم التحاق الأطفال بالمدارس هو عدم الاهتمام من ذوي الطلبة.

ويتميز طلاب المخيمات الذين يرتادون المدارس مع عددهم القليل بحبهم وتعلقهم بالتعليم، بالإضافة إلى الالتزام بموعد الاجتماع الصباحي بالرغم من بُعد مسافة المدرسة عنهم التي تصل إلى اثنين كيلو متراً، بحسب “روعة الحمدان”.

وأضافت أن طلاب المخيمات يلتزمون بواجباتهم المدرسية، لكن عددهم أربعة فقط في الصف الثالث الابتدائي وقد تم تقييمهم بـ “أكثر من الجيد”.

لا آذان صاغية 

وقال عبد الناصر حمي، المتحدث والمنسق في شؤون المخيمات مع المنظمات الدولية والجمعيات المحلية في المجلس المدني بمدينة الرقة، إنه بلغ عدد المخيمات العشوائية في مدينة الرقة ٥٨ مخيماً عشوائياً وأغلبها تفتقر لمراكز تعليمية.

وأضاف “حمي” أن انتشار الأمية في المخيمات العشوائية هو بسبب عدم وجود مراكز أو كوادر تعليمية في المخيمات.

وخلال الفترة الماضية ناشد سكان ونشطاء، منظمات دولية وجمعيات محلية من أجل توجيه اهتمامها لإنشاء مراكز تعليمية “لكن لم يُبالِ أحد”، بحسب “حمي”.

وأضاف: “قدمت عدة مناشدات عن طريق لجنة التربية والتعليم والمنظمات الدولية لكن لم أتلقَّ أي رد حتى الآن”.