روناهي/ قامشلو ـ
تحقيقُ العدالةِ يعنيّ استيفاءُ ما تمَّ التجاوزُ عليه من الحقوقِ، وعندما يكونُ الحقّ الذي تمَّ التجاوزُ عليه هو الحياةُ نفسها، فلا ينبغي التساهلُ في الإجراءاتِ تحت أيّ طائلٍ في معرفةِ الحقيقةِ، واليوم وبعد سنتين ستظهرُ الحقائق في قصة المواطنة شابرين تمو ابنة كركي لكي التي توفيت في ظروفٍ غامضةٍ، لتُوضع أخيراً في عهدةِ محكمة قامشلو، بعد مماطلةٍ وإهمالٍ متعمدٍ من قبل الجهاتِ المعنيةِ في كركي لكي، وإماطةِ اللثامِ عن خفاياها وحيثياتها، وتفصل ما بين القتلِ والانتحارِ.
من الطبيعيّ أنّ تزداد أعدادُ حوادثِ العنفِ وجرائمِ القتلِ عندما تمرُّ المجتمعاتُ بأزماتٍ خانقةٍ متعددةِ السوريات، إذ تتراجعُ آلياتُ الردعِ وضبطِ إيقاع مسيرِ الأفرادِ، وتظهرُ كثيرٌ من السلوكياتِ الشاذةِ الكامنةِ لتكونَ أعمالاً واقعيّة، وعدا ارتكابِ الجرائم تنتشرُ العاداتُ السلبيّة في المجتمع، وهو الواقعُ الذي تعاني منه جلُّ المناطقِ السوريّة، منذ أكثر من عقدٍ من عمر الأزمة السوريّة، إلا أنّنا سنتحدث عن قضية وفاة المواطنة شابرين تمو المعلقة بين ثلاث فرضياتٍ محتملةٍ، وإن بنسبٍ متفاوتةٍ، كنموذجٍ لكثيرٍ من القضايا، لتأكيدِ ضرورةٍ حسم القضايا الجنائيّة بشكلٍ عاجلٍ لما لها من نتائج رادعة، ومصدر راحة للأهالي، وكذلك تأكيد الثقة بالمنظومة القضائيّة.
ذكر تقريرٌ نشرته منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في 13 تموز الماضي، تزايد حالاتِ العنفِ بأنواعه الموجّهِ ضد النساءِ في مناطقِ شمال وشرق سوريا. وتمَّ تسجيلُ ما لا يقلُّ عن 1679 جريمةٍ بحقِّ النساء خلال عام 2020، وبيَّن التقريرُ، أنَّ العنفَ المنزليّ تجاه النساء من قبل الأزواجِ، أو أحد أفراد العائلة، ترك آثاراً مجحفةً ستبقى ملازمةً للعديدِ منهنّ، نفسيّاً وجسديّاً، وقد تصلُ إلى التفكيرِ في الانتحارِ، بالإضافةِ إلى التفكّكِ الأسريّ والطلاقِ، واستندتِ المنظمةُ إلى إحصائيّةٍ صادرة عن “مجلس العدالة الاجتماعية” في شمال وشرق سوريا عن تسجيل 1679 جريمةٍ بحقّ المرأة خلال العام الماضي، منها 476 حالة ضرب وإيذاء، ولفت التقرير إلى أنَّ منظمة “سارة” لمناهضةِ العنفِ ضدَّ المرأة في إقليم الجزيرة، وثقت ما لا يقلّ عن 22 جريمة قتلٍ بحقِّ المرأةِ بالإضافةِ إلى تسع حالات انتحار، وذلك خلال عام 2020 وحتى نهاية آذار 2021.
كما أشار التقرير إلى أنَّ العنفَ ضدّ المرأة لم يقتصر على شمال وشرق سوريا فحسب، بل امتدّ حتى مناطق مختلفة من “سوريا”، وفي وقتٍ سابقٍ وثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، العديدَ من حالاتِ العنفِ، والقتلِ ضدّ النساءِ ومنها القتل بداعي “الشرف” في “إدلب”، و”ريف حلب”، و”درعا”، خلال عام 2020.