سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مرتزقة “تحرير الشام” تتحكم بلقمة عيش أهالي إدلب..

امتنعت صفاء نوار (35 عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة في مدينة الدانا شمال إدلب، شمال غربي سوريا، عن تحضير مؤونتها الشتوية هذا العام من البصل والمخلل والملوخية بسبب ارتفاع أسعارها للضعف خلال الآونة الأخيرة.
وفي العاشر من تموز الماضي، أصدرت مرتزقة ما سميت نفسها بـ “حكومة الإنقاذ الجناح المدني لهيئة تحرير الشام”، قراراً يقضي بمنع دخول الشاحنات المحملة بعض المنتجات الزراعية من ريف حلب الشمالي إلى مناطق نفوذها في إدلب.
وشمل القرار الملوخية والبصل والبطاطا والخيار والكوسا والجبس والفليفلة، وتم تحديد تاريخ منع دخول كل مادة وتاريخ الانتهاء.
وشهدت إدلب وبالتزامن مع صدور القرار، ارتفاعاً في أسعار المنتجات الممنوعة من الدخول، حيث ارتفع سعر الكيلوغرام من الملوخية من ليرة تركيّة إلى ليرتين، في حين وصل الكيلوغرام من البطاطا إلى ثلاث ليرات تركيّة بعدما كان يُباع بليرة ونصف.
كما وصل سعر كيس البصل إلى ما يقارب 20 ليرة تركية، بعد أن كان يُباع بعشر ليرات.
وتقول “نوار” إن القرار حرمها وعدد من جاراتها من تحضير المؤونة نتيجة ارتفاع أصناف القوائم الممنوعة إلى الضعف.
وفي الحادي عشر من أيار الماضي، أصدر معبر باب الهوى الحدودي بين سوريا وتركيا قراراً يقضي بمنع استيراد البصل اليابس والثوم والبطاطا والكوسا والخيار والجبس والبندورة.
ومنع القرار دخول كل من البصل اليابس والثوم والبطاطا، من بداية حزيران الماضي وحتى نهاية تموز الماضي.
 كما تم تحديد تاريخ منع دخول الكوسا والخيار والجبس، من بداية حزيران الماضي وحتى نهاية آب الجاري، بالإضافة للبندورة والتي تم مُنِع استيرادها من بداية تموز/ الماضي وحتى الشهر الجاري.
وقال مزارعون لنورث برس فضّلوا عدم نشر اسمهم، إن القرار جاء بالتزامن مع بدء قطاف الخضراوات الموسمية في منطقة سهل الروج غرب إدلب، إذ أن هذه المحاصيل تتبع لقيادات من هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) ومزروعة بكمياتٍ كبيرة من البطاطا والملوخية والبصل والجبس.
وأضافت المصادر أن القرار أتاح لهم التحكم بالأسعار وفقاً “لما يخدم مصالحهم”، على حد تعبيرهم.
ولاقى القرار موجة من السخرية والسخط الشعبي بين السكان، وخاصةً بعد أن شهدت أسواق إدلب تعديلات جديدة على اللوائح التسعيرية.
وكان إبراهيم عيسى (42 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح من ريف حماة الشمالي، يأمل أن يتمكن من تحضير مؤونة هذا العام بعد انقطاعه عامين عن تحضيرها، إلا أن القرار حال دون ذلك.
ويعتقد “عيسى” أن جميع قرارات ما تسمى بـ “حكومة الإنقاذ” تصب في مصلحتها، حيث “تكسب مرابح طائلة على حساب السكان الذين يعانون من ظروف معيشية واقتصادية مزرية”.
وفي وقت سابق من شباط الماضي، قالت مصادر مُطلعة، لنورث برس إن “هيئة تحرير الشام تعمل على أخذ نسبة من أرباح التجار العاملين في إدلب، وهو ما يبرر ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية”.
وأضافت المصادر حينها، إن “التجار في إدلب هم من يضعون الأسعار بما يخدم مصالحهم دون أي ضوابط من الجهات الرقابية التابعة لحكومة الإنقاذ”.
وأشارت إلى أن ما تسمى بـ “حكومة الإنقاذ تعمل على تسهيل عملهم، لتحقق أرباحاً طائلة مع التجار، متجاهلين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعصف بالسكان”.
ويعمل الرجل الأربعيني بأجرة يومية لا تتعدى 30 ليرة تركية، إذ تمكن من ادخار مبلغ من المال يمكنه من شراء مستلزمات المؤونة، لكنه الآن يحتاج إلى ضعف المبلغ المُدخّر، “وهو ما لا قدرة لي عليه”.