No Result
View All Result
المشاهدات 8
رجائي فايد-
وعن السيرة الذاتية للبشدري هو بابكر محمود رسول آغا البشدري، سياسي عراقي كردي ولد في كركوك سنة 1937، وينتمى إلى إحدى العشائر الكردية، ووفق التقاليد العشائرية المطبقة على تشكيلات البيشمركة، تقلد إمرة (بترليون) ليرأس من هم أكبر منه سناً وخبرة، وعندما تمكن حزب البعث من التخلص من حكم عبد الكريم قاسم في شباط 1963، دخلت الحكومة العراقية في مفاوضات مع الحركة الكردية، وكان (البشدري) ضمن الوفد الكردي المفاوض، وبفشل تلك المفاوضات وجد أن انحيازه لجانب الحكومة هو الخيار الأفضل له ولشعبه من خلال ما سوف يحصلون عليها من مناصب (تلك كانت قناعاته من خلال حواراتي معه).
وبالفعل كافأته الحكومة فتقلد مناصب حكومية في المنطقة الكردية، قائمقام قضاء ثم محافظاً للسليمانية ثم رئيساً للمجلس التشريعي لمنطقة الحكم الذاتي (البرلمان المحلي)، والذي تشكل بعد مفاوضات بين حكومة البعث والحركة الكردية، والتي انتهت بصدور بيان الحكم الذاتي في 11 آذار 1970، وتم رفضه من قبل الحركة الكردية فيما بعد لتبنيها شكلية الحكم الذاتي وفق النظرة البعثية، وتحمل (البشدري) إدانة قسم كبير من شعبه الكردي على اختياره هذا، وقد تبين لي، من خلال حواراتي معه، أن الإعلان عن الحكم الذاتي كان بصيغة بيان حكومي، وليس بصيغة اتفاق بين طرفين، بحيث أنه كان أشبه بمكرمة حكومية وليس نتيجة نضال ومفاوضات مضنية بين طرفين.
وبعد تقلده رئاسة المجلس التشريعي لمدة عامين قررت الحكومة العراقية تعيينه وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية في بغداد، فيما بعد اختير رئيساً لمنظمة العمل العربية للفترة 1990 ـ 1999، حيث أقام في القاهرة منذ أن نقل مقر المنظمة من بغداد إلى القاهرة، ومع عودة مقر الجامعة العربية من تونس إلى مقرها التاريخي في القاهرة بعد انتهاء حملة مقاطعة مصر نتيجة اتفاقية (كامب ديفيد)، تمكنت حينها من التواصل مع (البشدري) خلال تلك الظروف، وبعد غزو الكويت وهزيمة صدام في حرب (عاصفة الصحراء) واشتداد الأزمة بين الكرد والحكومة العراقية، حاول العودة إلى خندقه الكردي المعارض للحكومة العراقية، وتلك التحولات رصدتها كثيراً وبخاصة تلك التي جرت بين أطراف الحركة الكردية، ولم يحقق نجاحاً ملموساً في تواصله مع أطراف المعارضة العراقية، لكنه تعرض لمحاولة اغتيال سنة 1991 في مدينة عمان مع أسرته.
إن عرفاني بجميل (البشدري)، يجب ألا ينسينا أن دراسة شخصية كتلك قد تكشف بعض ضبابيات تلك الفترة، من حيث صعوبة وحتمية الاختيار بين خندقين وتحمل تبعات هذا الاختيار، والذي قد يفقد الشخص حياته نتيجةً لذلك، كما تكشف هذه الدراسة عن بعض الإضاءات لفترة ملتبسة في التاريخ العراقي الحديث، حيث كانت المسألة الكردية حاضرة وبشدة في السياسة العراقية داخلياً وخارجياً، لكننا لم نعطها ما تستحقه من اهتمام، رغم أن تداعياتها تسببت في ضرب الأمن القومي العربي في الصميم.
البشدري لم يبخل علي يوماً بالإجابة عن أي استفسار من وجهة نظره، وأذكر أن باحثة سعودية كانت تحضر لشهادة الدكتوراه من جامعة سعودية ووجدت أنه من الأفضل أن تلتقي بمن كان يوماً آمراً في تشكيلات (البيشمركة)، وبالفعل كان كريماً معها كما توقعت وأفاض في الإجابة على جميع استفساراتها.
No Result
View All Result