No Result
View All Result
المشاهدات 2
عبد الجليل السعيد (كاتب وإعلامي)-
إن الأوضاع غير المستقرة في سوريا منذ عقد من الزمن ألقت بظلالها دوماً على تعاطي الحكومة الإسرائيلية مع مستجدات سياسية وميدانية وأمنية لم تكن بالحسبان في يوم من الأيام، ضمن حدود الجار الشمالي الأكثر فاعلية في أحداث المنطقة سابقاً. ومع وصول التمدد الإيراني في سوريا إلى ذروته، اتخذت مؤسسات صنع القرار العسكري الإسرائيلي قراراً واضحاً يقضي بتكثيف الغارات الجوية على معسكرات الحرس الثوري الإيراني في سوريا والمليشيات التابعة لها، وحتى مستودعات ذخائرها وأسلحتها، سواء كانت لبنانية مثل حزب الله أو عراقية مثل الحشد الشعبي أو غير ذلك من الجنسيات الأخرى.
وقد وافقت روسيا على هذه الخيارات الإسرائيلية واشترطت على تل أبيب عدة شروط تقنية ولوجستية، منها على سبيل المثال لا الحصر إخبار غرفة التنسيق المشتركة بين الجانبين بزمان ومكان الغارات قبل وقوعها بساعة أو ساعتين، وعدم قصف المناطق التي يتداخل فيها الوجود الروسي مع الإيراني بسوريا، وعدم استهداف مواقع حساسة وسيادية تخص الدولة السورية في دمشق.
وقد انتقلت إسرائيل خلال العامين السابقين إلى مرحلة الكشف العلني والتصريح الإعلامي حول تبنيها عمليات سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف إيرانية في سوريا، وهذا أمر غريب نوعاً ما إذا ما تمت مقارنته بسياسة الكتمان العسكري الإسرائيلي المعروفة قبل ذلك.
وجملة الأحداث الأخيرة في المنطقة تجعل التكهن بطبيعة ردة الفعل الإسرائيلية على أي شيء يحصل في سوريا مرتبطة كماً وكيفاً بما تقوم به إيران، وحتى الحادثة الأخيرة لاستهداف سفينة إيرانية قبالة سواحل مدينة بانياس السورية تأتي كما يقول رئيس الأركان الإيراني في إطار ما سمّاه “الشغب الإسرائيلي”.
لكن إسرائيل الحليف الأقرب لأمريكا في المنطقة إن لم نقل في العالم لها لوبي سياسي ضاغط وقوي في واشنطن، وأصدقاء أوفياء في مؤسسات صناعة القرار الأمريكية المتعددة، ومن المؤكد أن لديها قراءة خاصة للشأن السوري ككل لا سيما أن الجار الشمالي السوري يدخل عقداً جديداً من الصراع المحتدم، بين مصالح دول معروفة لها أتباع معروفون كذلك على الأرض، وحجم التنسيق بين روسيا وأمريكا إزاء سوريا شبه معدوم، بينما تتمتع تل أبيب بعلاقة متوازنة مع الدولتين بما يخص الملف السوري.
ومع أن الحكومة الإسرائيلية لا تعلق البتة على الملفات السياسية في سوريا، فإنها تستقبل الوفود الأمريكية تباعاً وترسل وفوداً إلى واشنطن هدفها واضح لا داعي للدخول في تفاصيله، ومن المفترض إشباع الوضع السوري نقاشاً خلال هذه اللقاءات سواء أكانت في تل أبيب أو واشنطن، والقضية السورية ستكون حاضرة ومحل نقاشات مسهبة وبقوة في غرف الاجتماعات وبكل تفاصيلها المعقدة وغير القابلة للنشر أحياناً.
الإسرائيلي لن يكون بمعزل عن طبيعة التحديات التي تواجه سوريا في حال تأخر فرض جدول زمني لحل سياسي عادل وشامل وسيكون لها دور في التجاذبات والحلول أيضاً، ومع قدوم فصل الصيف كل عام تؤكد إسرائيل مجدداً أنها ليست بصدد فتح جبهة عسكرية تفضي لحرب جديدة في المنطقة، لكنها لا تخفي أبداً حرصها الشديد على الاستمرار في مشروعها الرامي لإنهاء جميع مظاهر الوجود الإيراني في سوريا.
No Result
View All Result