No Result
View All Result
المشاهدات 0
رجائي فايد-
عاش العالم، وليست مصر وحدها، هذا الاحتفال المبهر، لنقل موميات بعض ملوك الفراعنة بتوابيتها الذهبية، من المتحف المصري بميدان التحرير، إلى متحف الحضارة المصرية بمدينة الفسطاط بالقاهرة، وكان السؤال لماذا كان هذا النقل وهؤلاء الملوك يرقدون الرقاد الأبدي بعد انتقالات سابقة، كانت الأولى عند رقادهم الأول، حيث دفنوا مع حاجياتهم الخاصة في مقابرهم بباطن الأرض، انتظاراً لبعثهم يوم الحساب في آخر الزمان، ولذلك حفلت تلك الاحتفالية بفتيات جميلات، يحملن أواني أنيقة تليق بالملوك، تحوي حاجياتهم الخاصة التي ستعود إليهم يوم البعث، ويسرن بها مع العربات التي تحمل توابيت الملوك، وكان الانتقال الثاني إلى المتحف المصري بميدان التحرير، عندما اكتشفت بعض مقابر الملوك في القرن التاسع عشر، وبعد نجاح شاب عبقري فرنسي هو (جون فرانسوا شامبليون) في فك رموز اللغة الهيروغليفية المصرية، والتي كانت بداية أسس علم المصريات، وبعد أن تكدس المتحف المصري بمقتنياته التي تزداد يوماً بعد يوم، رؤي أنه لا بد من متحف جديد يواجه تلك الزيادة، وكان القرار منذ سنوات بإنشاء المتحف الجديد الكبير على طريق (القاهرة ـ الفيوم)، ومع تزايد الآثار المكتشفة (فأجدادنا تركوا لنا الكثير)، وجد أنه لا بد من وجود متحف ثالث، هو (المتحف الحضاري)، وهو مأتم الرحيل الثالث للموميات من ميدان التحرير إلى منطقة الفسطاط بالقاهرة، كما أن هناك تخطيطاً لمنطقة أهرامات الجيزة ليكون بها متحف لمقتنيات الفرعون الذهبي (توت عنخ آمون) مع تابوته الذهبي إضافة لمراكب الشمس المعروضة في تلك المنطقة، وتقول (لالويت) العالمة الفرنسية المولعة بعلم المصريات “هذا التاريخ المديد الذي ننهمك في دراسته، بكل ما أوتينا من ولع وشغف صادقين، لن نصل أبداً إلى نهايته، إن علماء دراسات تاريخ مصر القديم أشبه بعامل بالقطعة، على المستويين الذهني والعقلي، يجمعون يوماً بعد يوم عناصر جديدة تنبثق دون توقف من وسط رمال مصر”.
وتتزامن هذه الاحتفالية مع أزمة خطيرة تشهدها مصر حالياً، وهي بناء أثيوبيا سداً ضخماً على النيل، قد يحرم مصر من حصتها من مياهه، والتي قامت بسبب تدفقها من الجنوب إلى الشمال حضارة وادى النيل، كان للنيل إله هو (حابي) أي (سعيد)، وهو المسيطر على فيضان النيل، حسب معتقداتهم، وكانوا يقدسونه، ففي إحدى النصوص (من يلوث ماء النيل سوف يصيبه غضب الآلهة).
لقد كان المصريون القدماء يعتقدون أن فيضان النيل هو دموع (إيزيس) حزناً على وفاة زوجها (أوزوريس)، الذى قتله إله الشر (ست)، ولكن إرادة الحياة لديهم غلبت، وكان النهر العظيم سبباً في تجمعهم من حوله، فأنشؤوا حضاراتهم، كما كان إنشاء الجيش الذى يحمي هذا النهر، ويحارب كل من يتسبب في منع فيضانه، وجاء في أحد البرديات “إذا أعلن الملك الحرب فيجب أن تستجيب تلك القوات له”، ويقود الملك بنفسه تلك القوات حماية للنهر، وتسجل المعابد الفرعونية ذلك، حيث استشهد بعض هؤلاء الملوك في تلك المعارك.
لقد وصلت مفاوضات سد النهضة الأثيوبي إلى طريق مسدود، مع صعوبة خيار الحرب فنتائجها كارثية على كل الأطراف، وليست كما كان يحدث في عصر الفراعنة، مجرد حملات تأديبية يعاقب فيها من يقف في طريق فيضان النهر، ولكن الاستثمارات الدولية لسد النهضة الأثيوبي بالمليارات، وستسعى تلك الدول لحماية أموالها، إذن فما العمل؟
كنا نغني للنيل (النيل نجاشي)، فهل نندبه قائلين (النيل مجاشي)!
No Result
View All Result