طراز الإدارة وحقيقة القيادة… دعوة إلى التطبيق العملي

مثنى عبد الكريم-

في البداية وقبل أن أبدأ هذا المقال أود أن أهنئ شعبنا بشهر رمضان المبارك الذي تزامن هذه السنة بأن يكون في شهر نيسان المحبة الذي جمع بين الأربعاء الأحمر والأكيتو والفصح وميلاد القائد، هذا الجمع الذي يدل على مدى روعة التجانس المجتمعي والتعايش الذي نعيشه اليوم رغم سنوات الصراع والألم والتهجير والقتل والتدمير، رغم كل ما جرى ويجري لا يزال شعبنا الطيب الكريم السوري يتبادل التهنئة، فها هو الإيزيدي يبارك للمسلم رمضانه وها هو المسلم يبارك للمسيحي فصحه وللسرياني الآكيتو وها هما مسيحين ومسلمين يباركون للإيزيدين جارشما سور “أربعاءهم الأحمر”، ما أروع هذا التمازج والتعايش العظيم وما أجمل هذه المشاعر والتي تحتاج إلى أن نحافظ عليها بعد أن تحققت وأن نسعى لتوطيدها، كل هذا تحقق بفضل الله ثم بتضحيات شهدائنا ومقاومة قواتنا وصبر شعبنا ليتم الإعلان عن مرحلة الإدارة المدنية لكل المناطق المحررة، وهكذا بدأ النضال الاجتماعي والتنظيمي والإداري جنباً إلى جنب مع النضال السياسي والأمني الهادف لاستقرار المنطقة وضمان سلمها الأهلي والمجتمعي، وهنا أذكركم أعزائي وعزيزاتي متابعي زاويتنا الكرام، بما كتبته في مقالتي السابقة عن الإصلاح الإداري وبأنه ضرورة حتمية، ولذلك أستمر اليوم في هذا الطرح الضروري، والذي يجب أن نفهمه ويفهمه كذلك السادة المسؤولون وصناع القرار بأن أي مشروع لا يكون له حاضنة شعبية سيكون مصيره الزوال، والأمثلة التاريخية كثيرة سواءً في تاريخنا القديم أو تاريخنا الحديث، فالحاضنة الشعبية هي أساس البناء وتكوين القاعدة الجماهيرية، وبالتالي ثبات قواعد وأسس المشروع، وكل مشروع يرتبط أفقياً وعمودياً بحاضنته، فإذا فقدت حلقة من هذه السلسلة ستؤدي إلى حدوث خلل عظيم بل وخطير، سنستخدم اليوم المساحة الحرة المتاحة من الشفافية والديمقراطية وحرية التعبير لنسأل المعنيين إلى متى ستستمرون ببعدكم عن حقيقة القيادة وطراز الإدارة؟!

إلى متى تستمرون بنقض القواعد التي تبنيها الأحزاب السياسية المتنوعة بتناقضاتكم العجيبة!!

قلنا مراراً وتكراراً أن عمل الأحزاب السياسية مرتبط جذراً بقرارات الإدارة ومدى مصداقيتها ونتائجها على الشعب، وقلنا أن قانون العاملين لم يكن هذا وقته وكان بإمكان الإدارة تجاوز هذه المسألة بالاكتفاء بالزيادات على رواتب الموظفين تزامناً مع ضبط الأسواق والمحاسبة الحقيقية للمتلاعبين والفاسدين، فقانون العاملين ومع احترامي للحقوقيين الذين درسوه يعني أن الموظف ووفقاً لهذا القانون يجب ألا يكون له راتب نهاية الخدمة ومكافأة وحوافز وطبابة وبدل طعام وبدل سكن، وهكذا أمور مما تضمنها جميع قوانين العاملين في العالم، لست بصدد ذكر القانون بقدر ما أنا بصدد نقد عدم وجود باحثين استراتيجيين ومختصين اقتصاديين ذوي خبرة عميقة في إصدار قوانين والتراجع عنها أو حتى التأخير بتطبيقها، وهذا يجعلنا نفقد مصداقيتنا أمام شعبنا، فما قانون الضرائب إلا جزء من هذا!! ارتفاع جنوني في أسعار المواد التموينية ورفع سعر الخبز وعدم ضمان اكتفاء حاجة المواطن منه، فهل من المعقول أن يكون لكل أسرة مكونة من خمسة اشخاص ربطة واحدة من تسعة أرغفة لفطورهم وغدائهم وعشائهم؟ وبسعر ٢٥٠ ل.س، وسط غياب تام للـ٥٠ ليرة من الأسواق؟!

نعلم جميعاً الحصار الذي يفرضه النظام السوري والحرب التركية المائية علينا والمتزامنة مع حربها العسكرية، ولكن هذا ليس بعذر بل حجة غير مقبولة، فأين الخطط المدروسة لسنوات كهذه، ختاماً أقول للمعنيين وأصحاب القرار بأن التغيير وحكومة التكنوقراط وفق حقيقة القيادة وطراز الإدارة هي الحل الجذري، ويجب أن تكون حكومة ذات صلاحيات، وما هذا الأمر إلا مطلب شعبي وحكاية وطن.