سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

98 عاماً.. ونار انتفاضة آكري لم تنطفئ

إعداد/ سيدار رشيد_

انطلقت انتفاضة آكري، بقيادة إحسان نوري باشا، في السادس عشر من شهر أيار عام 1926، واليوم تمر ذكراها السنوية 98، لتأتي رداً على ظلم واضطهاد دولة الاحتلال التركي، وقد نظمها ساسة ومثقفون، وعلى الرغم من جهوزيتها وتصديها لمخططات القوى الاستعمارية، التي اتفقت فيما بينها كما يحدث الآن، لكنها لم تحقق المطلوب، ولم تنجح في السعي لتحقيق الأهداف، التي قامت من أجلها. 
وبعد 98 عاماً، يسير الشعب الكردي نحو الحرية بنضال علمي، وتنظيمي واجتماعي، أصبح على أجندة الرأي العام
العالمي.
سياسة التتريك 
بعد اندحار ثورة الشيخ سعيد عام 1925م، بدأ الأتراك ممارسة سياسة التتريك، وبدأ منجل الحرب يحصد الأخضر واليابس، يقتلون دون رحمة ويضربون بوحشية ويعيثون فساداً في أرض كردستان، ونزعوا السلاح من يد الناس، حيث وصلت نيران ظلمهم إلى كل شيء “الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية”، فقد نفوا مئات الآلاف الكرد من بلادهم، ولجأ الكثيرون من السياسيين والوطنيين إلى سوريا، والعراق وإيران، وسائر بلاد أوروبا، ولكن على الرغم من ذلك لم يستطيعوا أن يخمدوا جذوة الثورة الوطنية، والحس القومي في أنفسهم، أو يكسروا إرادتهم، أو يمنعوهم من التفكير في الانتفاضة والعودة إلى النضال الثوري في الكفاح المسلح لتحقيق أهدافهم القومية، فتلك النيران التي كانت قد اتقدت في جبال “جابكجور، وفارقين، وصاصون، وآكري”، ظلت متقدة ولم تنطفئ.
انتفاضة آكري وتنظيم الكرد أنفسهم
وخلال انتفاضة آكري، قام الكرد بتنظيم أنفسهم بشكل جيد، وانضمت العديد من المناطق الكردية في باشور للانتفاضة، وكانت هناك مقاومة تاريخية، تكبد الجيش التركي خسائر فادحة بالأرواح والمعدات، ونتيجة لذلك تحالفت كل من تركيا، وإيران، وروسيا، لإنهاء الانتفاضة، فتم إفشال الانتفاضة بمؤامرة بين الاتحاد السوفياتي آنذاك، وإيران، وتركيا فتنازلت تركيا لإيران عن أجزاء من أراضيها “باكور كردستان”، “كله رش”، فاستولت على آكري الصغيرة بدلاً عنها، واتفقوا على تنفيذ هجوم واسع وكبير بالعدد والعدة، لإنهاء الانتفاضة.
وفي تلك الأثناء أراد الاتحاد السوفياتي التقرب من تركيا، ووقع اتفاقية معها، الاتفاقية تضمنت اعتقال إحسان نوري باشا، وتسليمه للأتراك، لكنهم قاموا باعتقال صديقه بدلاً عنه، وعندما أحس بالخطر توجه إلى إيران، لكنهم لاحقوه ودبروا له مكيدة عن طريق دراجة نارية صدمته ما أدى إلى استشهاده.
دور منظمة خويبين
 وكان لمنظمة خويبين دور سياسي في انتفاضة آكري، حيث ساهموا بشكل ما في الانتفاضة، ولكن المصالح الشخصية لبعض الشخصيات القيادية فيها حالت دون تحقيق الأهداف، وجل هؤلاء كانوا الوجهاء والأغوات، والبكوات، وطبقة الأغنياء، لكنهم لم يتحملوا المسؤولية حيال الانتفاضة، حيث كانوا يتنقلون بين دمشق وبيروت، من غير فائدة وتأثير على الانتفاضة، التي تُركت لمصيرها، ما أدى لفشلها والقضاء عليها.
فثورة آكري كانت ثورة مدروسة في القرن العشرين، وكانت تعدُ أول ثورة حدثت بطريقة علمية وعسكرية شاملة، حيث انضمّ للثورة كل من أرارات، وبيازيد وقارس، وكانت هناك مقاومة كبيرة وتنظيم عسكري قوي، تكبد فيهما الجيش التركي خسائر فادحة، لكن فيما بعد تم وضع بعض الخطط الكبيرة والتي تشبه تلك، التي تُحاك في الوقت الحالي.
فالمخططات، التي نفذها الاتحاد السوفيتي وتركيا وإيران من أجل مصالحهم الخاصة ضد انتفاضة آكري، لا تزال تنفذ من القوى المحلية والدولية، والتنظيم السياسي للكرد لم يكن يحظى بشعبية آنذاك، لكن الآن يحققون النتائج بقيادة حركة حرية كردستان.