قامشلو/ ميديا غانم –
الأطفال السوريون هم أكبر الضحايا في بيئة متعددة الأوجه، من العنف حيث يتعرضون للاضطهاد الوحشي بمختلف أشكاله، وبمناسبة التاسع عشر من حزيران، لازال الاغتصاب والاعتداء الجنسي الطابع الطاغي على عالم الطفولة السورية.
تعد الأزمة في سوريا التي بدأت عام 2011 والمستمرة حتى الآن، حسب المؤسسات والخبراء ثاني أخطر أزمة إنسانية بعد الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945)، حيث بلغ عدد ضحاياها حسب إحصائيات الأمم المتحدة، والمرصد السوري لحقوق الإنسان 610 ألف ضحية، و100 ألف مفقود، و13 مليون لاجئ ونازح، حتى نهاية 2021.
وخلال سنوات الحرب، التي لازال يعيشها السوريون، فقد مورس العنف بأشكاله، إضافة إلى الانتهاكات والجرائم، كما وخلفت الحرب أضراراً بحق البشر، والبينة التحتية، وحتى الطبيعة لم تسلم منها، ولكن وفق الخبراء، فإن الفئة الأكثر تضرراً من هذه الأزمة، والحرب هم الأطفال، لأن تفكيرهم وقوتهم الجسدية لحماية أنفسهم من العنف لم تكتمل بعد، فبعد أحد عشر عاماً من الحرب والأزمة، وبمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع المصادف لـ 19 حزيران، كما أعلنته الأمم المتحدة عام 2015، نتساءل ما وضع الطفولة في سوريا؟.
ماذا جلبت الحرب للطفولة في سوريا؟!
حسب تقرير الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 11 آذار 2022 ولد خمسة ملايين طفل في سوريا، منذ بداية الحرب السورية 2011 هؤلاء الأطفال، ولدوا في زمن الحرب؛ لذا لم يروا سواه، وجاء في التقرير ذاته، أن 553 ألف طفل يعانون من سوء التغذية والجوع الشديدين، وبأن واحد من ثلاثة أطفال في سوريا، يعانون من الأمراض النفسية، كالقلق، والتوتر وغيرها، ناهيك عن فقدان 900 طفل لحياتهم في عام 2021 (واحد من كل ثلاثة منهم بسبب الألغام)، بينما بلغ العدد الكلي لضحايا الأطفال خلال زمن الحرب حتى نهاية 2021 إلى 13 ألف طفل، ولم تؤثر ظروف الحرب على الأطفال بعد الولادة فقط، بل كان له تأثير عليهم، حتى وإن كانوا أجنة في بطون أمهاتهم، حيث بلغ عدد النساء الحوامل، اللاتي يعانين من ضعف جسدي شديد إلى 265حالة.
من جهة أخرى، وصفت المنظمة الألمانية “أنقذوا الطفولة” Save The Children، في تقرير صدر في 15 آذار 2022، سوريا بأنها “بيئة خطيرة للغاية للأطفال” وقالت: “يحتاج 14.6 مليون سوري، منهم 6.5 مليون طفل إلى مساعدة إنسانية، واستناداً إلى إحصائية المنظمة، بلغ عدد المتسربين من المدارس 2.4 مليون طفل، إلى جانب ازدياد حالات زواج الفتيات، واستخدام الأطفال في العمل والحرب.
وحسب الإحصائيات الرسمية لحكومة دمشق، فإن أكثر من عشرة آلاف مدرسة، أي 42% من المدارس السورية تضررت مبانيها، بينما النصف الآخر قد دمر نهائياً.
أما المركز الأمريكي لأبحاث “نومبيو”، فقد كشف، بأن سوريا تأتي في المرتبة التاسعة على مستوى العالم في عام 2021 من حيث الجرائم، بما في ذلك الجرائم المرتكبة بحق الأطفال.
الاعتداءات الجنسية على أطفال سوريا عام 2022
يعد الاعتداء والتحرش الجنسي على الأطفال، من أبشع الأعمال وحشية، ويعدً انتهاكاً لمعايير حقوق الإنسان، وعلى الرغم من ذلك، تنتشر هذه الجريمة في جميع أنحاء العالم، وتتضمن الاغتصاب والاعتداء والتحرش، ووفقا للبحوث والإحصاءات العالمية؛ فإن 70 بالمائة من أطفال العالم، يتعرضون للاغتصاب، والاعتداء الجنسي بشكل مباشر في حياتهم، وفي كل عام يتعرض 200 ألف طفل لهذه الجريمة، وحسب اليونيسف فإن 83 بالمائة من ضحايا هذه الجريمة، يخفون ما تعرضوا إليه، ولا يتقدمون بشكوى.
وتجد المنظمة، أن الأسر لا تكشف عن الجريمة، ويتم إخفاؤها؛ بسبب شعورهم بالحياء والخوف، وعدم تقبل المجتمع للضحية، وهذا الأمر يحصل في سوريا أيضاً؛ لذلك لا توجد إحصاءات رسمية أو غير رسمية عن الاعتداء الجنسي على الأطفال، وإليكم البعض من الحالات، التي حصلت في عام 2022، في سوريا:
في مدينة منبج بشمال وشرق سوريا في 28 كانون الثاني من العام الجاري، تم العثور على جثة الطفلة، ياسمين، والتي بلغت من العمر خمس سنوات في سلة قمامة، وفقاً للمرصد السوري للحقوق الإنسان، فإن الفتاة تعرضت لاغتصاب من قبل رجل، فتم نحرها حتى الموت من قبل عائلتها، ورميها داخل حاوية القمامة.
وفي 12 من حزيران الجاري، تعرضت في مدينة الباب المحتلة من قبل تركيا، ومرتزقتها، ما يُسمّى بالجيش الوطني السوري طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات للاغتصاب من قبل مرتزق تابع للجبهة الشامية، في المدينة؛ ما أثار غضباً شعبياً هناك.
وفي مدينة أعزاز بتاريخ 12 من حزيران الجاري، تعرضت طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات للاغتصاب، والضرب المبرح من قبل ابن عم والدها، في مخيم الحرمين في المنطقة، التي تحتلها تركيا ومرتزقتها.
الحالات الثلاثة بينت مدى التعنيف بحق الأطفال، وخاصة الإناث منهم، في ظل ظروف الحرب الدائرة في سوريا.
أسباب ارتكاب الجرائم في زمن الحرب..!
توضيحاً لأسباب ارتكاب مثل هذه الجرائم بحق الطفولة، وزيادة جريمة الاغتصاب، لدى الأطفال، أفادنا الخبير، والمختص بالشؤون النفسية والتربوية، بنكين عبد الله: “العنف ضد الأطفال، والاعتداء الجنسي عليهم، كان منتشراً في سوريا قبل الأزمة أيضاً، لكنه ازداد في الفوضى والأزمة، التي تعيشها البلاد منذ 2011، حيث تعيش حالة الصراع والحرب، فمنذ 2011 تراكمت المشاكل الاجتماعية، مثل، الهجرة وانعدام الدخل الاقتصادي للأسر، ونقص التعليم، والفقر والبطالة، هذه الظروف أدت إلى تدهور الوعي المجتمع وتراجعه؛ ونتيجة لذلك تدهورت البيئة المجتمعية، وخاصة لدى الرجال، ولعدم وجود مؤسسات رقابية وقانون صارم، تتفاقم هذه الجرائم أكثر فأكثر؛ وبسبب الوضع الاقتصادي ازدادت هذه الجرائم، والاعتداءات على الطفولة، ومنها تكاثر زواج القاصرات”.
