سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

​​​​​​​نهاد قيا: “لتركيا مخططات لاحتلال ما تبقى من باشور كردستان”

أوضح الصحفي نهاد قيا أن الهجمات على حفتانين هي أولى الخطوات ضمن مخطط تركي نحو احتلال ما تبقى من باشور كردستان، ونوه بأن نيجيرفان البرزاني يقف في صف تركيا، وأن احتلال المزيد من الأراضي الكردستانية خسارة لكافة القوى وللشعب الكردي، وأشار إلى أن الشيء الوحيد الذي يحافظ على وجود الشعب الكردي هي المقاومة والوحدة الوطنية.
تتعرض مناطق باشور كردستان لهجمات عنيفة من قبل جيش الاحتلال التركي، وبشكل خاص منطقة حفتانين، إلا أن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يترأس حكومة إقليم كردستان بقي صامتاً حتى الآن، ولتوضيح أهدف الدولة التركية من هجماتها على مناطق باشور كردستان، والدور الذي يلعبه الحزب الديمقراطي الكردستاني في هذه الهجمات، وموقف أحزاب باشور كردستان وما هو المطلوب من الشعب الكردي الآن، أجرت وكالة هاوار حواراً مع الصحفي المختص بالشأن الكردي والسياسة التركية نهاد قي  ، وفيما يلي نص الحوار:
ـ ما هدف الاحتلال التركي من الهجمات على حفتانين؟
بعد وصول حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم في تركيا يسعى وبالتعاون مع حزب الحركة القومية لإعادة الإمبراطورية العثمانية، لذلك نرى بأن تركيا تتدخل في العديد من الدول ضمن الشرق الأوسط مستفيدة من الصراعات القائمة في المنطقة، والتي يمكن تقييمها كحرب عالمية ثالثة. والآن تحاول التدخل في البحر الأبيض المتوسط، المنطقة التي كانت تحت سيطرة العثمانيين، وتتدخل في الوضع السوري واحتلت كلاً من إدلب وعفرين وكري سبي وسري كانيه؛ تركيا تحاول التوسع بموجب الميثاق الملي أي ضم كل من حلب (من عفرين إلى قامشلو) والموصل (من الموصل إلى كركوك) إلى تركيا الجديدة، تركيا تحاول تحقيق أحلامها خطوةً بخطوة، والهجمات التي تُشن على حفتانين هي أولى الخطوات نحو احتلال باقي مناطق باشور كردستان.
ـ كيف تقيّمون الدور الذي يلعبه الحزب الديمقراطي الكردستاني في هذه الهجمات؟
لا يمكن للاحتلال تحقيق أحلامه إلا بالتعاون والتنسيق مع بعض القوى المحلية، وتركيا توظف الحزب الديمقراطي الكردستاني لتحقيق أحلامها، تاريخ الشعب الكردي مليء بالأمثلة المشابهة، فكلما هاجمت قوة جغرافية كردستان وظفت قوى أو عشائر محلية من أجل بسط احتلالها. وعبر تلك الخيانة تم احتلال كردستان والقضاء على كل من انتفض في وجههم.
السؤال لماذا لم يستطع الشعب الكردي نيل حريته؟ أو لماذا تم وأد كافة الثورات والانتفاضات الكردية في القرون الماضية؟ السبب أن الكرد كانوا يتحركون بموجب العشائر أي مصلحة العشيرة، ولم يكونوا يتحركون بموجب فكر وطني، الشعب الكردي لم يستطع تأسيس دولته كباقي الشعوب في القرنين التاسع عشر والعشرين قرني تأسيس الدول القومية.
والآن في القرن الحادي والعشرين حدثت تغييرات وتطورات من الناحية الفكرية أي الفكر القومي لحل للمشاكل العالقة، ورغم كل ذلك الكرد لم يستطيعوا توحيد الفكر القومي حتى الآن، ولعب الحزب الديمقراطي الكردستاني دوراً مهماً في هذا الإطار. الآن إن لم يلتف الكرد حول وطنيتهم لن يتمكنوا من تحقيق أي شيء، باقي الشعوب تجاوزت هذه المرحلة، ونحن حتى الآن لم نستطع تحقيقها، ففي السابق العشائر الكردية كانت تنفر من بعضها البعض، والآن الأحزاب الكردية تنفر من بعضها البعض. في السابق كانت هناك خيانة، الآن الأحزاب الكردية تقوم بهذا الدور، وللحزب الديمقراطي دور مهم في هذا الآن، لأنه ربط مصالحه بمصالح دولة الاحتلال التركي، الحزب ربط نفسه بتركيا من كافة الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية، ونتيجة هذه السياسات حدثت خلافات عميقة بين حكومة هولير والحكومة المركزية العراقية.
عسكرياً: باشور كردستان محتلة من قبل جيش الاحتلال التركي والسبب الرئيس هو الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي سمح للمحتل التركي بإنشاء عشرات القواعد العسكرية في مدن ومناطق باشور كردستان، كباطوفان وبامرني، وشلادزي، وأثناء ظهور داعش احتلت تركيا منطقة بعشيقة، والمناطق التي تم ذكرها هي في عمق باشور كردستان، والآن احتلت عدّة مناطق في حفتانين وخاكورك وزاب.
الذي أعطى الشرعية للاحتلال التركي هو الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولكنه يتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني حزب العمال الكردستاني بأنه السبب في هذه الهجمات على مناطق باشور كردستان، العلاقة بين الحزب الديمقراطي والدولة التركية المحتلة وصلت لدرجة عدم قدرته على التخلي عن تركيا.
ـ يطالب الشعب الكردي ومنظومة المجتمع الكردستاني الحزب الديمقراطي الكردستاني بتحديد موقفه من الهجمات التركية إلا أن الحزب لم يبدِ موقفاً رسمياً، بل على العكس زار رئيس حكومة الإقليم تركيا منذ أيام؟
الحزب الديمقراطي الكردستاني عبر عن موقفه، حتى الآن لم يدن هذه الهجمات، وزيارة نيجيرفان البرزاني إلى أنقرة هي للتأكيد على أن الحزب إلى جانب تركيا، وبهذه الزيارة يقول نيجيرفان البرزاني: “أنا مع تركيا في هذه الحرب”، تم الإدلاء ببيان بصدد الزيارة، وتضمن بأن نيجيرفان البرزاني زار أنقرة لافتتاح ممثلية لحكومة إقليم كردستان في تركيا، لنشاهد الفيديوهات والصور التي خرجت من الزيارة، لم يكن هناك أي علم يمثل إقليم كردستان ولا حتى علم الحكومة العراقية، عن أي ممثلية يتحدثون.
بحسب الأعراف والبروتوكولات لا توجد أي رسمية لمثل هذه اللقاءات، اللقاء الرسمي هو الذي تم مع أردوغان، ولم يكن هناك لا علم الإقليم ولا علم الحكومة المركزية العراقية، فقط كان هناك علم تركيا، إذن ما تم الإدلاء به حول فتح ممثلية لحكومة إقليم كردستان في تركيا، كان يجب في البداية أن يتم الاعتراف بعلم الإقليم ووضعه في اللقاءات الرسمية كما يحدث مع باقي القوى والدول، الشيء الآخر الذي أود لفت الانتباه إليه؛ ظهرت عدّة أخبار بصدد زيارة نيجيرفان البرزاني لأنقرة عبر الإعلام التركي، ولم تذكر أي وسيلة إعلامية تركية اسم كردستان في تلك الأخبار فقط قالوا كرد العراق.
تركيا تتبع نفس السياسات التي تطبقها على الشعب الكردي في باكور كردستان على الحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث تقول بأن هناك كرد ولكن لا يوجد شيء اسمه كردستان، لقد تم استقبال نيجيرفان البرزاني في أنقرة على أنه والي المحافظة الـ 82 في تركيا، وليس كرئيس لحكومة إقليم كردستان، أي تم التعامل مع البرزاني على أنه والي لأحدى المحافظات التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومة إقليم كردستان راضون بهذه المعاملة…!!
كما تضمن الاجتماع وعلى لسان مولود شاويش أوغلو وزير الخارجية التركية بأنه تمت المناقشة حول حزب العمال الكردستاني خلال الاجتماع، ما أود قوله بأن زيارة نيجيرفان البرزاني كانت جواباً لمناشدة منظومة المجتمع الكردستاني KCK لتوضيح موقفه من الهجمات التركية، وبأنه مع تركيا حتى وإن احتلت السليمانية وكركوك وهولير.
ـ كيف تقيّمون البيانات الصادرة عن بعض المراكز الإعلامية التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني مؤخراً؟
البيانات الصادرة عن المكاتب الإعلامية التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني مؤخراً مخزية، وليس لها أي ثقل سياسي ولا اجتماعي ولا حتى أي ثقل أخلاقي. هذه البيانات كحديث أردوغان حديث الشوارع، والحزب الديمقراطي الكردستاني يتبع الأسلوب نفسه ويصدر بيانات تخلو من أي ثقل سياسي وأخلاقي.
ـ ما موقف الشعب والأحزاب الكردية في باشور كردستان الآن؟
الشعب في باشور كردستان له موقف والأحزاب الكردية أيضاً ولكن هذه المواقف غير كافية وضعيفة جداً، بالنظر إلى حكومة إقليم كردستان فهي تتألف من تحالف عدّة أحزاب، الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وحزب كوران وأحزاب إسلامية، ولكن في البروتكولات الرسمية لا يوجد غير الحزب الديمقراطي الكردستاني وباقي الأحزاب لا تبدي أي مواقف حيال ذلك.
أثناء زيارة نيجيرفان البرزاني إلى أنقرة لم يكن ضمن الوفد أي من الأحزاب التي تم ذكرها آنفاً، حتى ممثل رئيس الحكومة مسرور البرزاني لم يكن ضمن الوفد، الحزب الديمقراطي الكردستاني استلم زمام كافة الأمور ضمن إقليم كردستان من الناحية العسكرية والسياسية والاقتصادية والخدمية، وباقي الأحزاب ليس لها أي تأثير ضمن الإقليم، وعمل الديمقراطي عبر خلق نزاعات وخلافات فيما بينها وشراء ذمم البعض منها، لذلك لا يصدر أي صوت من تلك الأحزاب حيال الهجمات التي يشنها الاحتلال التركي.
أما بالنسبة للشعب فهو يعاني من الضغوطات التي يمارسها الحزب الديمقراطي الكردستاني، في العام الماضي انتفض الشعب في وجه الاحتلال التركي وأضرم النيران في أحد مقراته في منطقة شلادزي، والذي حمى المقر هم أسايش الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتم اعتقال المنتفضين وتعذيبهم. أود الإشارة هنا إلى نقطة، وضع الحزب الديمقراطي جهاز تعقب على سيارة الشاب الذي ترأس الانتفاضة ضد جيش الاحتلال التركي في شلادزي، وبعدها قصفت طائرة مسيرة تركية السيارة واستشهد الشاب، الحزب الديمقراطي الكردستاني يمارس ضغوطات وممارسات ضد شعب باشور كردستان، لذلك الشعب لا يستطيع رفع صوته في العديد من المناطق في باشور كردستان وبشكل خاص في هولير ودهوك.
ـ برأيكم ما تداعيات احتلال تركيا المزيد من الأراضي في باشور كردستان، وما تأثيرها على الشعب الكردي؟
أولاً لندرك جيداً بأن باشور كردستان ليس ملكاً للحزب الديمقراطي الكردستاني وللاتحاد الوطني الكردستاني، باشور كردستان هو جزء من كردستان، وإذا تم احتلال باشور؛ فإن كافة القوى الكردستانية ستخسر (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الكردستاني والعمال الكردستاني وكوران والجميع)، لذا يجب أن يبدي الجميع مواقف صارمة حيال الهجمات التركية والخونة الذين يتعاملون مع الأعداء، وللأسف إلى الآن الأحزاب الكردية لا تستطيع توحيد موقفها حيال الهجمات التركية، وهذا يدعم موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني الداعم والمتحالف مع الاحتلال التركي.
ـ ذكرتم بأنه في حال تم احتلال المزيد من أراضي باشور كردستان؛ فإن الكرد سيخسرون، ما المطلوب الآن من الشعب الكردي في هذه المرحلة؟
بعد هجمات مرتزقة داعش على الكرد، سطع نجم الكرد في العالم وبرزت هويتهم، وأثر الكرد على العالم أجمع، وأشار البعض إلى أن الكرد موجودون ولن يتمكن أحد من القضاء عليهم، ولكن يجب أن ندرك جيداً بأن هناك محاولات لإبادة الكرد، والدليل مدينة عفرين التي كانت من أكثر المناطق أمناً في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية واحتضنت آلاف النازحين تم احتلالها ولم يتحدث أحد عن ذلك، تم احتلال كري سبي وسري كانيه ولم يتحدث أحد عن ذلك أيضاً، الشيء الوحيد الذي يحافظ على وجود الشعب الكردي هي المقاومة المستمرة والوحدة الوطنية بين الشعب الكردي.