تقرير/ صالح العيسى –
روناهي/ الرقة – يعمل مكتب ذوي الاحتياجات الخاصة التابع للجنة الشؤون الاجتماعية، والعمل في مجلس الرقة المدني؛ على تقديم ما توفر من دعمٍ لذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب كونه صلة الوصل بينهم وبين المنظمات الدولية التي تقف مكتوفة الأيدي أمام معاناة الآلاف، وإن تدخلت فبمساعداتٍ خجولة كالسِلال الغذائية، وبعض العقاقير الطبية من مسكناتٍ للآلام، ومضاداتَ حيويَّة لا غير.
ما زالت المنظمات الإنسانية متقاعسة عن القيام بعملها تجاه ذوي الهمم في مناطق شمال وشرق سوريا، ويكتفون فقط بالنظر والتصوير، وبأحسن حال يوثّقون أسماءهم ويقدمون القليل من المساعدات التي لا تسد حاجاتهم، ولتزايد عددهم في الآونة الأخيرة؛ لا تستطيع الإدارة المدنية من تغطية كافة احتياجاتهم، بسبب قلة الإمكانات وتغاضي المنظمات عن القيام بواجبها تجاههم.
المنظمات تركت الآلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة بلا عون
وضمن هذا الموضوع قالت العضوة في مكتب ذوي الاحتياجات الخاصة التابعة للجنة الشؤون الاجتماعية بالرقة؛ أميرة الحسن عن أولويَّاتهم في العمل: “يتركَّز عملنا على توثيق كافة حالات الإعاقة من إصابات الحرب، والإعاقات الخلقية، والناجمة عن وقوع الحوادث، والأمراض، إلى جانب القيام بزيارات لمنازل الأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة”.
وأضافت أميرة حول آلية عملهم قائلةً: “يمنح المكتب بطاقة للمعاق من الشباب، والأطفال، وقد بلغ عددها 5300 بطاقة، ويزيدون، أمَّا للعجزة، والوافدين فيتم توثيق حالاتهم رقمياً عبر سجلَّات الحاسوب، وذلك بالتنسيق مع المجالس المحلية، والكومينات”.
أمَّا الصعوبات التي تواجه المكتب فهي كما أوضحت أميرة بالقول: “الصعوبة الكبرى التي تواجهنا كمكتب لذوي الاحتياجات الخاصة هو العجز عن تقديم كافة المتطلبات، والاحتياجات لهم ، فمما يندى له الجبين اكتفاء المنظمات بتسجيل الأسماء، وإنشاء الجداول، والإحصائيَّات ليس إلَّا، مما يثير سخط الأهالي من تلك الممارسات من قبل المنظمات، أما المنظمات التي استجابت فقد قدمت الدعم الذي اقتصر على السلال الغذائية، وبعض المعدات الطبية كالعكازات والكراسي المُدَوَلبة لـ400 اسمٍ ممن يعانون الإعاقات الحركية، تاركةً الآلاف بلا عون”.
وفي ختام حديثها ناشدت أميرة كلَّ من يهتم من منظمات، وداعمين بتقديم المساعدة لهؤلاء الذين لاحول لهم ولا قوة، لا أن يكتفوا بالجداول، والإحصائيات التي لا تُغني، ولا تُسمن. بل ونحملهم مسؤولية العجز في تغطية جميع الحالات”.
ويجدر بالذكر إحدى تلك الحالات التي صادفها المكتب، وهي حالة إنسانية بامتياز! حيث لا يستطيع الناظر إزاحة بصره دون أن يذرف دموع الحسرة على عائلة كاملة تُعرف بـ “عائلة عبد”، فالأخوة عَبْد كأي إنسان طبيعي يتمتعون بصحة جيدة إلى أن يدخل أحدهم سنَّ المراهقة، فيبدأ الصراع مع المرض لينتهي به الأمر طريح الفراش لا يستطيع الحراك.
أعاني صعوبة في التعامل مع عددٍ يفوق طاقتي!!
وقد شخَّص الأطبَّاء مرضهم بالوهن العضلي الوبيل الذي يتَّسم بالضعف والتعب السريع لأي من العضلات التي تقع ضمن التحكم الإرادي لدى الإنسان، ويحدث هذا المرض بسبب عطب في الاتصال الطبيعي بين الأعصاب والعضلات، ولا يوجد علاج له، ولكن يمكن أن يساعد العلاج في التخفيف من الشعور بالعلامات والأعراض؛ مثل ضعف عضلات الذراع أو الساق والرؤية المزدوجة، وتدلي الجفون والصعوبات في التحدث والمضغ والبلع والتنفس.
بالرغم من أنه يمكن أن يصيب الأشخاص في أي عمر، فإنه أكثر شيوعاً لدى النساء اللاتي يصغرن عن 40 عاماً، والرجال الأكبر من 60 عاماً، ويزيد تفاقم ضعف العضلات الذي يسببه المرض مع تكرار استخدام العضلات المصابة، ولأنَّ الأعراض عادةً ما تتحسن حالتها مع الحصول على الراحة، فقد تتكرر إصابة المريض بضعف العضلات والتعافي منها من وقت لآخر، وبالرغم من ذلك، عامَّةً تزداد أعراضه مع مرور الوقت، وعادةً تبلغ أسوأ المستويات خلال سنوات قليلة منذ بدئه للمرة الأولى، وبالرغم من أن هذا المرض يمكن أن يصيب أي عضلة تخضع للتحكم الإرادي، فإن بعضاً من مجموعات العضلات تتأثر بشكل عام أكثر من غيرها، إذ يعاني ياسر ذو الأربعة والعشرين ربيعاً، وأخواته الثلاث هالة البالغة من العمر تسعاً وعشرين سنة، وروضة ذات الاثنين وثلاثين عاماً، والثالثة التي اكتفت بالبكاء دون أن تنبس ببنت شفة، وعمرها عشرون سنةً من هذا المرض الذي لا شفاءَ منه.
أمَّا الأخوات الثلاث فقد اجتمعت كلمتهنَّ على أنه قد انفضَّ الجمع من حولهن بعد المصاب الذي لحق بهن فلا قريبٌ يسأل، ولا أخٌ يطرق الباب. علماً أن هنالك ثلاث أخوة متزوجين يسكن كل منهم مع عائلته في بيت مستقلٍّ قد نجوا من النقمة التي فتكت بأخيهم الأصغر، وأخواتهم الثلاث كذلك المنظمات التي تسمَّى بالإنسانية، والإغاثية فقد اكتفت بالزيارات الإغاثية، والجداول الإنسانية لا أكثر.
وليس لديهم عونٌ سوى أمٍّ، وأختٍ نذرت نفسها، وأفنت سنين حياتها في خدمتهم تدعى يسرى والتي قالت: “أعاني صعوبة في التعامل مع عددٍ يفوق طاقتي، فلدي ثلاث أخواتٍ يحتجن لرعاية، ومراقبة دائمتين، وتحتاج الفتيات المريضات أيضاً للفوط، والقثاطر البوليَّة التي تلازمهن على مدار اليوم، بالإضافة لفرشاتٍ هوائية تقي أجسادهن الساكنة من الوذمات السريرية، وتآكل النسيج الذي ينجم عن التمدد في الفراش لفترات طويلة”.
وأضافت يسرى: “تكتفي المنظمات بزيارتنا في المنزل والتقاط الصور لياسر، والفتيات دون تقديم أي شيءٍ على الإطلاق، وبعد طول انتظار قدَّموا لياسر كرسيّاً مدولباً دون أن يكترثوا للفتيات، والحال ذاته مع الكثير ممن يعانون المعاناة ذاتها”.
ومن جهته قال ياسر: “أعيشُ، وأمِّي، وأخواتي الأربع في هذا البيت الذي ندفع إجاره “10000 ليرة سورية” في الشهر الواحد، ولم نحظى بأي نوعٍ من المساعدات التي نحن بأمس الحاجة لها فلا أستطيع العمل لتقديم ما يسدُّ رمقنا، ويغطي أجار البيت، أو ما نحتاجه من المستلزمات الطبية كالأدوية، والقثاطر البولية، والفوط”.
