سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

وتستمرّ معاناتهم..!

محمد سعيد_

تحدثنا كثيراً عن معاناة مربي المواشي سابقاً، وسنتحدث عن تلك المعاناة أيضاً هذه المرة، لأن الأوضاع تتدهور أكثر، فأكثر بالنسبة للمربين بسبب عدم إيجاد حلول لمشاكلهم، أو بمعنى أدق للأسباب الواضحة، التي أودت بهم، وبمواشيهم إلى ما هم عليه الآن، فعلى الرغم من وجود جهات عدة تختص بالفلاحين ومربي المواشي، ومشاكلهم، ومتطلباتهم (وذلك حسب مسميات تلك الجهات فعلى سبيل الذكر، لا الحصر، نذكر الثروة الحيوانية واتحاد الفلاحين، و مديرية الزراعة، ومديرية الأعلاف وشركة التطوير وإلخ…، إلا أن هذه الجهات مجتمعة أو متفرقة لم تستطع إنقاذ الفلاحين، ولا زراعتهم، ولا ماشيتهم، ولا هم يحزنون؟!
فقد وقع الفلاحون في شرك الجفاف بأنواعه، سواءً جفاف الجو وانحباس الأمطار، وندرتها، أو جفاف العقول، وقلة حيلتها أو جفاف الرحمة، ونضوب نبعها لدى التجار، الذين باتوا يأكلون لحوم الكادحين، ويشربون دماءهم، فأصبحوا يحتكرون الأعلاف ويبيعونها بأسعار مرتفعة جداً نقداً، وبفائدة كبيرة بالدفع الآجل، وكون الفلاح مضطراً لتأمين الأعلاف لماشيته، فيُجبر على الشراء بأسعار لم ينزل الله بها من سلطان، فيتفاقم الوضع أكثر، ليضع في حسبانه، بأنه قد يخسر نصف عدد ماشيته، أو أكثر من ذلك للحفاظـ على ما تبقى منها، وهذا سيزيد من نسبة الفقر بين الفلاحين، ومربي الماشية، الأمر الذي ينعكس على الاقتصاد برمته بسبب قلة الوارد المالي للفلاح، الذي لا يسد جزءاً يسيراً من المطلوب الفعلي منه، وخاصة مع جهنم الأسعار الحالية، وارتفاع الفائدة، التي ستثقل كاهل الفلاحين، ما قد يدفعهم لتغيير مهنهم وطبيعة عملهم، والتخلي عن الزراعة، وتربية المواشي، ما يساهم بشكل كبير في تراجع أعداد المواشي، و من ثم انقراضها.
 ولما للإنتاج الزراعي بشقيه الحيواني، والنباتي من أهمية كبرى، في رفد السوق المحلية من مواد أولية غذائية، فيجب تشكيل لجنة مشتركة من الجهات المعنية بالزراعة، وبالمواشي والعمل على إيجاد الحلول المناسبة للوصول بالفلاحين لبر الأمان، واتخاذ خطوات فاعلة لضبط أسعار الأعلاف، ضمن المعقول، وانقاذ الفلاحين من احتكار التجار وجشعهم، والعمل على تأمين الأعلاف، وايجاد البدائل العلفية المناسبة، وهذا لا يتطلب سوى إرادة فعلية من قبل الجهات المختصة، لإنقاذ الفلاحين والثروة الحيوانية من الانقراض.