واقع التعليم في مدارس النظام مأساوي ومستقبل الطلاب مجهول 

روناهي/ قامشلو –

تكثر القصص والأرقام حول خسائر الأرواح التي سببتها الأزمة في سوريا، إلا أن خسائر أخرى لا يُسلَط عليها الضوء لكونها لم تُلفِت الأنظار بموتٍ صادم، ومنها خسائر الطاقات البشرية الكامنة في جيل كامل لم يتمكن من الاندماج في إطار تعليمي فاشل، فما سبب التعليم الفاشل وهل فشلت مدارس النظام في ظل الأزمة؟

واقع التعليم في سوريا مُزْرٍ ومأساوي، فقد دُمرت البنية التحتية للتعليم وشُرِّد الطلاب أو تسربوا، وهاجر من هاجر وبقيت آلاف المدارس المدمرة والتي لم تُرمَّم بعد شاهداً على حجم المأساة، التي حلّت بالتعليم وفي هذه المرحلة ذاقت الطفولة السورية مرارة الحرمان من التعليم أو صعوبة الوصول إليه.

إنّ المدارس في منطقة شمال وشرق سوريا التابعة للنظام تعاني معظمها من نقص في الكوادر ومن قلة الدعم، كذلك فإنّها تعاني من نقص كبير في الكتب المدرسية والمقاعد، في حين يكثر عدد التلاميذ في الشعبة الدراسية الواحدة ليزيد عن 45 تلميذاً، أمّا رواتب المدرّسين بمعظمهم فما زالت تأتي من النظام وتكون قليلة جداً بالنسبة للوضع المعيشي الصعب التي تعاني منه المنطقة.

ولكن هل يُعد هذا سبب لتركهم يتخذون القرار من أنفسهم ويهملوا التعليم ويتسببوا بتضييع مستقبل جيل كامل لاحول له ولا قوة، استهتار المعلمين وتغيبهم الدائم وعدم الاهتمام ولجوء الطلاب لدورات خاصة في المنازل والمعاهد واقع أصبحنا نشاهده في كافة المدارس، ولربما عدد الطلاب في المعاهد فاق عددهم في المدارس.

إهمال الإدارة المدرسية

تتصف الإدارة المتسيبة بالفوضى من قبل المدير والعاملين، وأيضاً تتصف بفقدان الاتزان بين الأعضاء وتتعدى إلى الطلاب أنفسهم فيتغيبون عن المدرسة ويهملون الواجبات.

 قد يؤدي الغياب المتكرر والتأخير الدائم عن العمل من قبل المعلمين إلى تعطيل الدراسة في الفصول، وإهمال الطلاب والإخلال بالنظام العام، والرحلة التعليمية الطويلة للطالب فلا تستغرب يوماً أن وصل طفلك لمرحلة متقدمة من الدراسة ولا يجيد القراءة والكتابة بشكل جيد.

 وخلال تسليطنا الضوء على هذه الظاهرة الأليمة كان لنا لقاء مع عدة طلاب من مراحل مختلفة قرروا التكتم على أسمائهم، فحدثنا أحدهم عن واقع التدريس في مدرسته بقوله: “أنا طالب في الصف السابع أذهب إلى المدرسة كل يوم وبانتظام، ولكنني آخذ أربع حصص في اليوم فربما آخذ درس أو درسين فقط، لاحتواء البرنامج على حصص الرياضة والموسيقا والرسم أيضاً وتعتبر حصص فراغ، وأيضاً بعض المعلمين لا يُتعبون أنفسهم بالشرح تقول (الدرس تسميع والأسئلة وظيفة) وهكذا أكثر دروسنا”.

وعند سؤاله على هذه الحصص ولماذا تُعد حصص فراغ وأين معلمو هذه المواد أجاب بـ: “دعهم يحضروا لنا معلمي المواد الأساسية أولاً لأنه مع الأيام ستصبح نصف المواد حصص فراغ”.

أسلوبٌ ساخر في التعليم!

وأخبرنا طالب آخر في مرحلة تعليمية أعلى أنه لا يذهب إلى المدرسة سوى مرة كل أسبوع أو أسبوعين،

إلا أن المضحك بالأمر أن بعض المدرسين يخبرون الطلبة بفتح دورات خاصة لديهم، كما بيَّن لنا طالب في صفه الثامن: “معلمة العربي لا تأتي سوى يومين بالأسبوع، وتقول إن مستوانا ضعيف جداً وطلبت منا إخبار ذوينا بفتح دورات خاصة للغة العربية لديها في أحد المعاهد”.

ألم تستطع هذه المعلمة أن تكثف جهودها قليلاً وأن تعطي بضمير يقظ فما ذنب طالب في الصف الثامن غضب عليه معلمه لأنه لا يجيد القراءة، وما سبب نجاحه حتى هذه المرحلة مع عدم قدرته على التهجئة جيداً، وأشار لنا طالب في الصف الأول أن معلمته تقوم بتوبيخه دائماً لأنه لا يستطيع القراءة باللغة الإنكليزية بقوله: “معلمة اللغة الإنكليزية دائماً تقول إني كسول ولست طالب شاطر، وتوبخني لعدم قدرتي على حفظ الدرس مع أنها لم تُدرسنا الأحرف حتى، وتريد أن أحفظ بصم وأقرأ فقط”.

وأطلعنا أيضاً أنه لا يملك جميع الكتب المدرسية بعد، مع العلم أن المرحلة الدراسية للفصل الأول على وشك الانتهاء، وأن والدته قامت بشراء نصف كتبه.

بقليل من الاهتمام، وضبط الدوام المدرسي، والتركيز على التعليم والتدريس بوجدانية لِما وصلت أوضاع الطلبة إلى هذا الحد المؤلم في المدارس الحكومية التابعة للنظام.