سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

هل سيتم تحريك ملف إدلب مقابل شمال وشرق سوريا؟

 استيرك كلو_

الحراك الدبلوماسي لاستعادة الملف السوري يحتل أولويات أجندة الاجتماعات العلنية والسرية في هذه المرحلة. إذ أن أي حراك لدول الجوار السوري وخاصةً تركيا بشأن تنفيذ مخططاتها يؤثر مباشرةً على جميع الملفات المتعلقة الأخرى وعلى رأسها الملفين الأمني والاقتصادي لهذه الدول. لدى إعلان تركيا عن تنفيذ مشروع التنمية ضمن الأراضي العراقية، أصرت على الحكومة العراقية بالانخراط في الحرب المباشرة والعلنية ضد حزب العمال الكردستاني، واعتبرت هذا الشرط من أهم شروط نجاح هذا المشروع. وبالمقابل لتحضير أرضية تنفيذ هجوم بري آخر على شمال وشرق سوريا، تلعب هذه المرة على وتر شمال غرب سوريا وتحديداً منطقتي إدلب والباب.
الحكومة التركية الحالية والمنهمكة تحت وطأة المعارضة الداخلية، تحاول تحريك ملف المناطق المحتلة التي حولتها إلى جحيم وتستغلها ضد حكومة دمشق منذ بدء الحرب في سوريا وإلى الآن. ولا يخفى بأن أي حراك لم يأتِ إلا بإضافة عقدة على أخرى وجعل سياسة التنكيل والاحتلال والتغيير الديمغرافي والقتل والجوع يكاد يكون اعتيادياً وخاصةً في المناطق الواقعة تحت سيطرتها. ولم تصل كل من حكومة دمشق والاحتلال التركي إلى صيغة تُرضى الطرفين؛ لأن تركيا حاولت وتحاول على الدوم استخدام سوريا كمستعمرة لها وتجاوزت بنود اتفاقية أضنة بعد احتلالها لعفرين وسري كانيه وكري سبي.
شمال غرب سوريا ساحة هامة للسيادة السوريّة وأمنها، والاستياء الشعبي الموجود ورقة هامة بيد تركيا عبر ما سمته الائتلاف وقدمت الدعم له على طاولة إسطنبول. لكن؛ يمكن لها التراجع في أية صفقة مقابل تصفية الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا. والنية القائمة على تحديث اتفاقية أضنة أو ما تسمى أضنة المعدلة، مقابل المناطق المحتلة ستأتي بمتغيرات جديدة، ولكن لصالح الجانب التركي أكثر بكثير من حكومة دمشق، وأولها ستخسر سوريا أهم مصادرها الاقتصادية في حال إن وافقت ولم تجابه التهديد التركي بشكلٍ آخر.
أما الجانب الصعب لهذه الاتفاقية هو قدرة تركيا نفسها على دخول حرب برية في سوريا بعد هجماتها المستمرة على حركة حرية كردستان في باشور كردستان “شمال العراق” والتي كلفتها الكثير وحتى دفعت بداخلها إلى تفوق المعارضة بشكلٍ ملحوظ وخاصةً في العملية الانتخابية الأخيرة، فمهما حاول أردوغان القضاء على المعارضة بالتهديد حيناً وبالوفاق أحياناً أخرى. لكن؛ التفوق بارز ميدانياً، والشعب في شمال كردستان عرقل ويعرقل هذا المخطط عبر موقفه الصامد تجاه سياسة الحزب الفاشي كما حدث أخيراً في مدينة جولميرك الكردية ضد سياسة “الوصي”.
أما الجانب الآخر من هذه المسألة فهو موقف الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا التي صرحت علناً بفتح أبوابها للتفاوض والاتفاق مع حكومة دمشق والدعوة إلى الحوار ما إذا تعلقت المسألة بوحدة الأراضي السورية ضد كافة التهديدات الخارجية. شمال وشرق سوريا من المناطق التي واجهت وتواجه خطر داعش والاحتلال التركي. لكنها؛ لم تتوانَ عن الدفاع عن الشعب السوري وأرضه ككل وكان العالم شاهد على ذلك في أكثر من معركة، ولم تختصر هذه المقاومة على الصعيد العسكري فحسب بل على كافة الصعد الحياتية والمعيشية التي تواجهها رغم جميع سياسات التهديد والحرق. لذا؛ ليس من السهل كسر إرادة شعب ذاق طعم الحرية واختار الحرب الثورية سبيلاً لحياته الحرة.