هل ستنجح تجربة أول امرأة مُدرِّبة للرجال في روج آفا أيضاً؟

إعداد/ جوان محمد-

دخول معترك رياضة كرة القدم ليس بالأمر السهل في المجتمعات الشرق أوسطية، وخاصةً ما زالت العقلية والذهنية الذكورية سائدة في الكثير منها، وتحرّم على النساء اعتناق الكثير من المجالات، امرأة مصرية تصبح أول مدربة كرة قدم في بلادها، فهل بعد هذه التجربة الناجحة سنرى في روج آفا مدربات لدينا أيضاً؟.

في مصر الرياضة النسائية لكرة القدم جيدة إلى حدٍ ما ولكن أن تقوم امرأة بتدريب فريق للرجال فهذا أمر مختلف بكل تأكيد، وفي روج آفا في العام الماضي وهذا العام حصلت مباريات مختلطة بين فرق للذكور والإناث وهي خطوة تأتي لكسر القالب الذكوري بخصوص رياضة كرة القدم، ولكن بالخروج عن المألوف وأن تصبح بعد أن كانت لاعبة مدربة فهذه التجربة لم تحصل بعد في روج آفا، رغم انضمام العديد من اللاعبات لدورات تدريب مختلفة في إقليم الجزيرة ومؤخراً بدورة آسيوية على مستوى سوريا أُقيمت بمدينة قامشلو.

كسر المألوف في الكرة النسائية

منذ طفولتها وهي تكسر المألوف، إذ بدأت بمشاركة جيرانها من الذكور، لعب كرة القدم في الشارع، ثم واصلت طريقها لتصبح أول مدربة لفريق كرة قدم من الرجال في مصر.

ورغم صعوبة البدايات، إلا أن “المدربة فايزة حيدر” تسير على طريقها بخطوات ثابتة.

وبكل تأكيد لا شيء يأتي بالسهل فقد صادفت الكثير من المضايقات والتنمر حتى ولكن التصميم والإرادة يكسران كافة الحواجز التي تعترضك.

واعتادت فايزة لعب كرة القدم مع الذكور في الشارع أثناء طفولتها، تصرف واجهت بسببه انتقادات عديدة من المحيطين بها، الذين لم يعتادوا رؤية فتاة تلعب كرة القدم مع الذكور، لكن فايزة حيدر، واصلت كسر الصور النمطية، وأصبحت لاعبة كرة قدم، ثم مدربة لفريق جميع اللاعبين فيه من الرجال.

وتوضح المصرية البالغة من العمر 36 عاماً، أن رياضة كرة القدم النسائية ليست جديدة في مصر، إذ أن بداية المنتخب الوطني النسائي لكرة القدم على سبيل المثال، تعود لعام 1997، بالإضافة إلى وجود عدد من النساء في مجال تحكيم المباريات.

لكن تدريب امرأة لفريق كرة قدم من الرجال، مسألة غير معتادة في مصر، مما صعّب في البداية، مهمة فايزة التي تقول “لم يعتد الرجال على وجود امرأة كمدربة، كانت هناك سخرية ونكات، بعض اللاعبين لم يأخذوا التدريبات على محمل الجد”.

أن التنمر على المرأة كثير في مجتمعاتنا ولما لا نعلم فهي مثلها مثل الرجال لديها الحق في ممارسة الرياضة التي تريد، ولكن السخرية وعدم التيقن من قدراتها حال لوصول الرجال لعقلية لا تدرك بأن المرأة وصلت للفضاء وأبهرت العالم بإنجازات في الكثير من المجالات وحتى الرياضة.

ونجحت “المدربة فايزة” في مواجهة هذه التحديات، خاصة وأنها تتمتع بالمعرفة، فهي حاصلة على شهادة تدريب رسمية من الدوري الإنكليزي الممتاز بالإضافة إلى خبرتها كلاعبة في منتخب مصر النسائي لكرة القدم.

وتضيف فايزة في تصريحات نقلتها محطة إيه أر دي الألمانية “لاحظ اللاعبون أن بوسعهم أن يتعلموا مني، وهي ليست صدفة، فقد تلقيت تدريبات كمدربة لكرة القدم في هولندا وإنكلترا وإسبانيا”.

عبد الرحمن عصام، أحد لاعبي الفريق الذي تدربه كابتن فايزة، يؤكد عدم شعوره بفرق في التدريب بين الرجال والنساء، رغم اعترافه بأن هذه التجربة جديدة ولا مثيل لها.

وبالرغم من “ذكورية” لعبة كرة القدم في مصر، إلا أن فايزة لا ترى أي سبب يجعل النساء أقل من الرجال في هذا المجال وتقول: “جنس لاعب الكرة ليس له أي دور، مثله مثل لون البشرة أو الدين”.

أن هذه الروح المقاومة لدى فايزة لعبت دوراً كبيراً في تحقيق أحلامها ومبتغاها وبمرور الوقت، أصبحت فايزة تحظى بدعم حتى ممن عارضوا اتجاهها لكرة القدم في البداية مثل والدتها، التي تقول إنها كانت تعارض دومًا رغبة ابنتها في لعب كرة القدم لدرجة أنها كانت تمنع عنها المال اللازم للذهاب لنادي كرة القدم، لكن فايزة واصلت مسيرتها وأصبحت لاعبة كرة قدم ناجحة.

أن المؤلم في الكثير من الحالات تقف الأم أمام نجاح ابنتها وحدث هذا كثيراً رغم أنه كان يجب حدوث العكس، ناهيك عن تنمر المجتمع ضد المرأة في حالة مارست الرياضة وخاصةً لعبة كرة القدم، ولكن فائزة مثال للمرأة المقاومة في مجتمعات تسودها عقليات مريضة ومتخلّفة وكسرت بذلك النمطية السائدة وحققت أحلامها.

ورغم أن الفتيات في روج آفا أصبحن نموذجاً لكسر التقاليد البالية في مجتمعنا وأصبحنَ يمارسنَ لعبة كرة القدم ووصلن للإنجازات الكبيرة على صعيد سوريا، ولكن مهنة التدريب لم تصلها أي شابة في مجال تدريب لعبة كرة القدم للرجال، رغم خضوع الكثيرات من اللاعبات لدورات التدريب، ولعلَ وعسى نشهد في المستقبل القريب خطوة تشبه خطوة فايزة المصرية في روج آفا أيضاً.