هل تبخرت الفكرة؟ عدة أعوام ونحن ننتظر الاتحاد الرياضي العام!

قامشلو / جوان محمد ـ

---

منذ أعوام ومازلنا ننتظر تشكيل الاتحاد الرياضي العام والذي من شأنه تنظيم الرياضة في كامل مناطق شمال وشرق سوريا، ولكن حتى الآن لم نشهد تشكيله، ويبدو الفكرة تبخرت أو مازالت مثل الكثير من القرارات مرمية على الرفوف؟.

ولم نعد نستغرب أن يتم إلغاء فكرة تأسيس اتحاد رياضي عام، رغم أنه قبل أشهر طالبت بعض الاتحادات الخبرات لديها بترشيح أسمائها كي تكون ضمن قائمة المرشحين لتولي الرئاسة المشتركة لهذا الاتحاد، ولكن “لا حس ولا خبر عن هذا الاتحاد حتى الآن”.

وفكرة تأسيس الاتحاد الرياضي العام ليست وليدة اليوم بكل تأكيد، ففي عام 2019، وبهدف تنظيم الرياضة من قبل هيئة الشباب والرياضة في شمال وشرق سوريا، بدأت الهيئة بعقد اجتماعات موسعة مع الاتحادات والرياضيين في مختلف المدن والأقاليم، وذلك لتأسيس اتحاد رياضي عام لشمال وشرق سوريا.

وخلقت هذه الخطوة الراحة عند الكثير من الرياضيين لأنهم يطالبون بالاستقلالية بقراراتهم ورياضتهم دون تدخّل أي طرف من كان تكون صفته، أي أن لا يتبع لهيئة الشباب والرياضة في شمال وشرق سوريا، ليس لشيء ولكن من غير المعقول أن يكون هناك بطولة ويتم دراستها والموافقة عليها من قبل الاتحاد الرياضي العام، وبمجرد عدم موافقة هيئة الشباب والرياضة في شمال وشرق سوريا لن تقام هذه البطولة.

وظن الجميع بأن هذه الخطوة سوف تساعد في تطوير الواقع الرياضي للأفضل، وكما ذكرنا بمنح الاتحاد الرياضي العام صلاحياته في العمل دون الرجوع لهيئة الشباب والرياضة مجدداً، ولكن في العام الماضي ذكرت مها محمد الرئيسة المشتركة لهيئة الشباب والرياضة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا عن أعمال الهيئة، وعن نيتهم لتأسيس اتحاد رياضي عام سيعمل لتطبيق القوانين والأحكام التي تصدرها هيئة الشباب والرياضة، وهنا نركز على جملة بأن هذه الاتحاد ملزم بتطبيق القوانين والأحكام التي ستصدرها هيئة الشباب والرياضة؟ وطالما ستُطبّق تعليمات هذه الهيئة فلماذا سوف يُشكل الاتحاد أصلاً؟ لأنه هناك اتحادات رياضية معنية في كل المناطق، وهي تنفذ حالياً قوانين وأحكام هذه الهيئات واللجان التي تتبع لها، وطالما الأمر سيكون بهذا الشكل فلا داعي لتشكيل الاتحاد الرياضي العام.

وكما نود أن نذكّرهم بأنه لا بد بالاعتراف بأن رياضتنا ما زالت تعاني من الرقة إلى قامشلو، وهذه حقيقة لا ريب فيها، والمشكلة والمعضلة الكبيرة هي المنشآت، نعم هي الملاعب والصالات الرياضية التي تفتقرها الكثير من المدن، رغم أن الوضع يختلف من مدينة إلى أخرى في شمال وشرق سوريا، ولكن هل تأسيس اتحاد رياضي عام سوف يفي بالغرض ويحل أغلب مشاكل رياضتنا؟ وهل سنلتزم بالمركزية؟ ونحن هدفنا اللا مركزية على مستوى البلاد ككل؟.

استقلالية الاتحاد القادم

إن الكثيرين كانوا يتأملون باتحاد رياضي عام مستقل له خصوصيته بعيداً عن تدخل أي طرف كان، ولكن يبدو ما زال مصيره مرتبطاً بهيئة الشباب والرياضة في شمال وشرق سوريا، وإلى أي مدى ستنجح التجربة لا أحد يعلم؟ في حال طبعاً شُكِّل هذا الاتحاد.

ما وضع الاتحادات القائمة؟

بدأ تشكيل الاتحادات الرياضية بشمال وشرق سوريا في عام 2015، وكان قبل ذلك الإعلان عن هيئات الشباب والرياضة في كلاً من الجزيرة وعفرين المحتلة حالياً وكوباني، وهذه الاتحادات غير قادرة حتى الآن بالحصول على الاستقلالية في القرارات، لأنها تتبع إدارياً لهيئة الشباب والرياضة، والميزانية تأتي من الهيئة نفسها، ولكن إلى متى هذا الأمر؟.

وإلى جانب هذه المناطق وبعد العام 2016 حيث تم تحرير مدن مثل الطبقة والرقة وريف دير الزور ومنبج وانضمت لرياضة شمال وشرق سوريا عبر لجان للشباب والرياضة واتحادات رياضية في هذه المناطق، بينما في كوباني تم حل الاتحاد الرياضي وجاء بديلاً عنه مجلس رياضي، وذلك في آذار عام 2020.

في كل منطقة هناك خصوصية في العديد من النقاط مثلاً قضية التراخيص، ففي إقليم الجزيرة قضية الترخيص بدأت عام 2015، ولها شروط معينة، وفي مناطق أخرى ما زالت الأندية غير مستقرة بوضعها، وحتى في إقليم الجزيرة توقف نشاط العديد من الأندية هذا العام، ولذلك هناك تداخل كبير سوف يحصل في قضية الترخيص بحالها، ففي حال أصدرت قوانين خاصة بالتراخيص من قبل الاتحاد الرياضي العام في حال شُكِّل سيكون هناك سؤال مهم يطرح نفسه وهو ماذا سيكون حال الأندية الحالية المتوقفة مثلاً في إقليم الجزيرة؟، فالاتحاد غير قادر لحل أي نادٍ إلا بعد توقف نشاطه لمدة ثلاث سنوات، بحسب قانونه الناظم للعمل الرياضي.

وفي كل إقليم ومدينة هناك بطولات ودوريات خاصة بها لمختلف البطولات، فكيف ستكون البطولات القادمة في حال قُرِّر إقامة دوري عام في شمال وشرق سوريا لكرة القدم مثلاً؟ الدوريات المحلية في هذه المناطق هل سوف تُلغى أم ستبقى؟، فهل ستشارك أصحاب الألقاب بالمراكز الأولى فقط مثلاً في هذه البطولات؟ أم ماذا؟.

لا مركزية

المركزية في القرار من أهم المعضلات التي قد تواجه تشكيل هذا الاتحاد في حال أُعيدت فكرة تأسيسه لأرض الواقع، كمثال في العام الماضي 2021 أقيمت بطولة على مستوى شمال وشرق سوريا لكرة القدم في مدينة الرقة، وانسحب نادي سردم قبل البدء بيوم عبر بيان رسمي، وتدخلت وقتها هيئة الشباب والرياضة في شمال وشرق سوريا وأوقفت نشاط النادي لعام كامل!، ليعود النادي فيما بعد للاعتذار، وتقوم هيئة الشباب والرياضة بإصدار عفو وإلغاء عقوبة النادي!.

وهنا نشهد تدخّل مركزي، فهل الاتحاد الرياضي العام سوف يتدخل في شؤون الاتحادات الموجودة؟ أم تلك الاتحادات سوف تنحل وتتحول لمكاتب وأفرع تتبع للاتحاد الرياضي العام بشكلٍ مباشر؟ وهل ستبقى كافة البطولات والدوريات مرتبطة بروزنامة يصدرها الاتحاد الرياضي العام الذي مزمع تأسيسه؟ وهنا نرجع لنقطة المركزية من جديد.

شرح مهام وأهداف الاتحاد

وفي حديث أجري في عام 2020 لصحيفتنا “روناهي” مع الرئيس المشترك السابق لهيئة الشباب والرياضة محمود بشير بخصوص تشكيل اتحاد رياضي عام ذكر قائلاً: “وضعنا خطة وشكّلنا لجنة تحضيرية من الرياضيين أنفسهم من كافة المناطق، وقُسموا كورشات عمل للقيام على تأسيس اتحاد رياضي عام تعمل تحت مظلته كافة الاتحادات الرياضية الموجودة في الأقاليم والمناطق المختلفة في شمال وشرق سوريا، بحيث كان هناك نقص وخلل واضح في الآلية التنظيمية وعلى سبيل المثال في حال أُقيم دوري على مستوى شمال وشرق سوريا من يرعاه؟، ومن يدعم هذه الاتحادات؟ فهيئة الشباب والرياضة هي تختص بالشباب والرياضة، ولتكن الهيكلية الرياضية مستقلة توجب علينا تشكيل هذا الاتحاد الخاص بالرياضيين فقط“

وتابع قائلاً: “تأخر تشكيل الاتحاد بسبب هجمات دولة الاحتلال التركي على سري كانيه وكري سبي في عام 2019 وبعدها ظهور فيروس كورونا وزيادة المشاكل العالقة التنظيمية رياضياً في شمال وشرق سوريا وخاصةً في إقليم الجزيرة، ومنذ فترة بدأنا مجدداً بالعمل على تشكيل الاتحاد الرياضي العام ونقترب من الانتهاء من القانون الناظم للعمل الرياضي وهو قانون ملائم للجميع والذي ستعمل بموجبه كافة الاتحادات الرياضية، بحيث استفدنا من التجارب السابقة للاتحادات واكتشفنا نقاط الخلل لديها وعلى أساس ذلك تمت صياغة هذا القانون”.

وأضاف: “هذا الاتحاد سيتولى مهام التنظيم والإشراف على البطولات المختلفة على مستوى شمال وشرق سوريا” ونوه: “سيعمل هذا الاتحاد على وضع قوانين ترخيص مناسبة للأندية وإعادة هيكليتها جميعاً، وسيوضح آلية انتقال اللاعبين، وكيفية حماية حقوقهم، وآلية الدعم، وإصدار قانون عقوبات مناسب”.

وأشار: “سيكون هناك مجلس تنفيذي سيضم ممثلين عن الاتحادات الفرعية الموجودة في الأقاليم والمناطق المختلفة في شمال وشرق سوريا، وسيعقد اجتماعات شهرية دورياً، وللعلم جاء هذا الاتحاد بسبب الحاجة الملحة والضرورية لتشكيله، وتردنا رسائل مستعجلة بشكلٍ دائم من الرياضيين من مختلف المناطق للإسراع بتأسيسه”.

واختتم الرئيس المشترك السابق لهيئة الشباب والرياضة في شمال وشرق سوريا محمود بشير حديثه وقتها قائلاً: ندرك بأن البنية التحتية غير جاهزة في أغلب المناطق، وسنسعى في العام القادم 2021، أن يكون عام ترميم وتأهيل الصالات والملاعب الرياضية لأنها تعتبر الأساس لنجاح رياضتنا.

وعود من ثم وعود؟ 

وهنا نستشف من التصريحات بأنه كنا على وشك تشكيل الاتحاد الرياضي وقتها في عام 2020، ولكنه لم يشكل وإلى الآن مازلنا ننتظر تنفيذ الوعود بتشكيل هذا الاتحاد، ولكن من أهم شروط نجاحه في حال شُكِّل هو الاستقلالية وعدم تتبعه لهيئة الشباب والرياضة في شمال وشرق سوريا وتنفيذ تعليماته كما ذُكر في سياق التقرير، لأنه وقتها لا داعي لهذا الاتحاد من الأساس، فلا بد أن يكن مستقلاً بكل شيء من الميزانية إلى القرارات.

ونذكّر كل الجهات المعنية بأنه كل المؤشرات الحالية تدل على أنه يتطلب الإعلان عن الاتحاد الرياضي العام بأقرب وقت ممكن، على أن يكون مُفعلاً ومُشكلاً من أناس يستحقون تمثيل الرياضة في شمال وشرق وسوريا، وبعيداً عن التدخّلات من أي طرف كان، وهذا الأمر وحده كفيل بتعديل مسار رياضة شمال وشرق سوريا في الوقت الحالي، ومنح الاتحادات بشكلٍ عام نوعاً من الاستقلالية، غير ذلك سوف نبقى في دوامة الرياضة الشكلية والاسمية فقط.