سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

هل بات في الإمكان علاجُ قصر القامة وتأخُّر النموّ؟

لماذا يسجل البشر معدلات أكبر من ذي قبل على مقياس طول القامة؟ ولماذا أصبح الأطفال حول العالم يبلغون سن الحلم في عُمر أصغر من ذي قبل؟
يقول العلماء: إنّ جهاز استشعار في الدماغ يقف وراء ذلك، وشهدت قامات البريطانيين خلال القرن العشرين نموًّا بمعدل بلغ 10 سنتيمترات، وشهدت قامات الناس في بلدان أخرى نموًّا بمعدلات وصلت نحو 20 سنتيمترا.
وقد شهدت أحوال الصحة الغذائية حول العالم تحسنًا، لكن كيف تتمّ عمليّة نموّ القامة؟ هذا هو ما لم يكن مفهوماً.
ويرى باحثون بريطانيون: أنّ هذا الكشف العلمي كفيل بأنّ يمهّد الطريق إلى تحضير عقاقير تساعد في نموّ الكتلة العضلية، وفي علاج حالات التأخّر في النمو.
ويعرف العلماء منذ زمن طويل، أنّ البشر الذين يتبعون نظاما غذائيا جيّدا، يميلون إلى طول القامة أكثر من غيرهم، ويصلون إلى سن البلوغ أسرع من سواهم.
في كوريا الجنوبية، على سبيل المثال، شهدت معدلات طول القامة نموًّا بمعدل مذهل في ظلّ التحوّل من بلد فقير إلى متطوّر، وفي أفريقيا، وأجزاء من جنوبي آسيا، لم يحرز الناس على مقياس طول القامة معدلات كبيرة يُشار إليها على مدى المئة عام الماضية.
“إنجابُ المزيد من الأطفال”
لدى حصول الجسم على الغذاء، تصل إشارات إلى منطقة التحكم بالهرمونات في الدماغ، وتقدّم ما يشبه الإفادة عن صحة الجسم الغذائية، ممّا يساعد على طول القامة.
ونُشرت هذه الدراسة في دورية نيتشر العلمية، وقادها فريق بحثيّ من جامعات كمبريدج، وكوين ماري، وبريستول، وميشيغان، وفاندربيلت.
وتوصّل الباحثون إلى أنّ عملية طول القامة يقف وراءها جهاز استشعار في الدماغ، يّسمّى: “مستقبِل الميلانوكورتين 3” (MC3R)، وهو همزة الوصل بين التغذية، والنمو، والجنس.
يقول ستيفن أوراهيلي، الباحث في جامعة كمبريدج: “إنّ هذا المستقبِل يُنَبِّئ المخّ: أنّ حالة الجسم ممتازة، وأنّ ثمّة غذاءً وفيرًا، يؤهّل لنمو سريع، وبأن ثمة قدرةً على إنجاب المزيد من الأطفال”.
ويضيف أوراهيلي: “الأمر أكثر من مذهل – لقد رصدنا سير العملية تفصيليًا في جسم الإنسان”.
وفي حالات عدم قيام هذا المستقبِل MC3R بعمله في الدماغ، يميل الجسم إلى قِصر القامة، وتأخُّر سنّ البلوغ، حسب الباحثين.
وللتأكّد من صحّة ذلك، اعتمد الباحثون على قاعدة ضخمة من بيانات خاصة، بجينات نحو نصف مليون متطوّع. وتوصّل العلماء إلى أن طفرات جينية، تعطّل عمل هذا المستقبِل الدماغي في حالات قصار القامة والمتأخّرين في النمو.
عقاقيرٌ للمستقبل
ولا يقتصر الأمر في هذا الصدد على البشر؛ وقد أجرى الباحثون دراسات على الفئران، ليتأكّدوا من أنّ جسوم الحيوانات، تشهد العملية ذاتها بالكيفية نفسها.
ومن شأن هذا الكشف العلميّ أن يساعد الأطفال، الذين يعانون تأخّرًا خطيرا في النمو وفي بلوغ سن الحُلم، فضلاً عمن تعاني أجسامهم ضعفًا؛ بسبب الأمراض المزمنة ويحتاجون إلى بناء عضلات.
يقول الباحث أوراهيلي: “ينبغي أن يركز الباحثون في المستقبل على معرفة ما إذا كانت العقاقير المنشّطة لمستقبِل MC3R قادرة على تحويل السعرات إلى عضلات، بما قد يساعد في تحسين الوظائف الجسدية لبعض الحالات”.
كما رصد العلماء من قبل مستقبِلاً دماغيا مسؤولا عن الشهية، يُسمّى MC4R، واكتشف الباحثون أنّ الأشخاص، الذين يعانون تعطّلاً في هذا المستقبل عادة ما يكونون بُدناء.
“هل تستمرّ قامات البشر في النموِّ؟”
ثمّة سقف لطول القامة، ويصل الإنسان إلى هذا السقف، عندما يستوفي إمكاناته الجينية، وهو الأمر الذي يتأثّر كثيرا بعوامل تتعلّق بالصّحّة والتغذية.
وعندما يحصل أطفال من بيوت فقيرة على كفايتهم من الغذاء والسعرات الحرارية، يحرزون نموًّا في قاماتهم، ولكن في حدود إمكاناتهم الجينية الموروثة عن آبائهم وأجدادهم.
ويميل طوال القامة إلى العيش لفترة أطول، كما أنّهم أقلّ عرضة للمعاناة من أمراض القلب، فضلاً عن أهليتهم للكسب أكثر من قصار القامة. لكن لا يمكن للبشر الاستمرار في تسجيل نموّ في قاماتهم للأبد.
وفي عديد من دول أوروبا، شهدت قامات الناس نموًّا خلال القرن الماضي، لكن السنوات العشْر الأخيرة شهدت نوعا من الثبات على هذا المقياس.
وفي بقاع أخرى من العالم، شهدت قامات الناس نموًّا على مدى المئة عام الأخيرة، لا سيما بين النساء في كوريا الجنوبية، وبين الرجال في إيران.
وسجّل الرجال في هولندا أعلى معدلات نموٍّ على مقياس طول القامة عند 182 سنتيمتراً، وفي المقابل سجّلت النساء في” غواتيمالا” أقلّ معدلات على المقياس نفسه عند أقلّ من 140 سنتيمتراً.
وكالات