سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

هل الجاذبية تجعلك تتقدّم في العمر بشكلٍ أبطأ؟

قلبت نظرية النسبية العامة لأينشتاين فهم البشرية للكون قبل أكثر من قرن مضى، ومنذ ذلك الحين، اكتشف العلماء أن مسيرة الزمن الثابتة ليست ثابتة على الإطلاق.
ومن بين الآثار المؤلمة للنسبية العامة أن الوقت يمر بسرعة أكبر في الجزء العلوي من كل فرع في العالم مما يمر به في الجزء السفلي.
وتحدث ظاهرة الانحناء الذهني هذه لأنه كلما اقترب الجسم من الأرض، كانت تأثيرات الجاذبية أقوى. ونظراً لأن النسبية العامة تصف الجاذبية بأنها انحراف في المكان والزمان، فإن الوقت نفسه ينتقل ببطء أكبر على ارتفاعات أعلى ومسافات أكبر من الأرض، حيث يكون للجاذبية تأثير أقل.
لذا، إذا كان الوقت مرتبطاً بالجاذبية، فهل هذا يعني أن الناس على قمة الجبال يشيخون أسرع من الناس على مستوى سطح البحر؟ هل زيادة الجاذبية تجعل الناس يتقدمون في العمر بشكل أبطأ؟.
في الواقع، بالنسبة لجميع الأجسام البعيدة عن مجال الجاذبية، مثل الأرض، فإن الوقت في الواقع يتحرك ببطء أكثر.
وقال أحد الخبراء: “الجاذبية تجعلنا نتقدم في العمر، بشكلٍ نسبي، بالمقارنة مع شخص ليس بالقرب من أي جسم ضخم، فنحن نتقدم في العمر ببطء أكبر بمقدار ضئيل للغاية، في الواقع، بالنسبة لهذا الشخص، يتطور العالم من حولنا بشكلٍ أبطأ تحت تأثير الجاذبية”.
وإذا كنت ستجلس على قمة جبل إيفرست – التي ترتفع 29000 قدم (8848 متراً) فوق مستوى سطح البحر – لمدة 30 عاماً، فستكون أكبر بمقدار 0.91 مللي ثانية مما لو كنت قد أمضيت تلك الثلاثين عاماً نفسها على مستوى سطح البحر.
وفي تجربة مدهشة، استخدم باحثو التكنولوجيا، واحدة من أكثر الساعات الذرية دقة في العالم لإثبات أن الوقت يعمل بشكلٍ أسرع حتى على ارتفاع 0.008 بوصة (0.2 مليمتر) فقط فوق سطح الأرض.
وقال أحد الخبراء: “هذه ليست مجرد حسابات، رأينا التغيير في دقات الساعة على مسافة تقارب عرض شعرة الإنسان”. والمفتاح لفهم سبب تشوه الأجسام الضخمة بمرور الوقت هو إدراك أن “الزمكان” هو نسيج رباعي الأبعاد منسوج من ثلاثة إحداثيات فضائية (أعلى/أسفل، يمين/يسار، للأمام/للخلف) وإحداثيات زمنية واحدة (الماضي/مستقبل). والجاذبية، في النموذج النسبي، هي ما نسميه عندما يشوه أي جسم بكتلة هذا النسيج، ما يؤدي إلى انحناء المكان والزمان كواحد”.
وقال أيضاً: “أي شيء يمتلك كتلة يؤثر على الزمكان”، وبالقرب من جسم ذي كتلة، “الزمكان مشوه، ما يؤدي إلى انحناء الفضاء وتمدد الوقت، التأثير حقيقي وقابل للقياس ولكنه ضئيل في مواقف الحياة اليومية”.
وعندما يتعلق الأمر بالمواقف غير اليومية، فإن هذه الظاهرة المعروفة أيضاً باسم “تمدد وقت الجاذبية” يمكن أن تصبح فوضوية، تحتاج الأقمار الصناعية لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) التي تدور حول العالم على ارتفاع 12544 ميلاً (20186 كيلومتراً) إلى تعديل حقيقة أن ساعاتها تعمل 45.7 ميكرو ثانية أسرع من الساعات الموجودة هنا، على مدار 24 ساعة.
ورأى الخبير ذاته: “إن التأثير الأكثر إلحاحاً للنسبية على مرور الوقت هو على الأرجح دقة نظام تحديد المواقع العالمي، ونظراً لأنها (أقمار GPS الصناعية) تتحرك بسرعات عالية بعيداً عن الأرض، يجب مراعاة التأثيرات النسبية للسرعة والجاذبية بعناية حتى نتمكن من استنتاج موقعنا على الكرة الأرضية بدقة عالية”.
وبالقرب من الأرض، من الواضح أن الجاذبية تجعلنا نتقدم في العمر بشكلٍ أبطأ، بالتأكيد، لا يستغرق الأمر سوى أجزاء من الألف من الثانية، كما أن الارتعاش عند مستوى سطح البحر ليس استراتيجية قابلة للتطبيق لمكافحة الشيخوخة، لكن الوقت ثمين وعابر، خاصةً عندما يكون بعيداً عن أي أشياء ذات كتلة.