هل استحقَ الأمر كل ذلك؟!

نورا خليل

هل يستحق الأمر أن تقتل إنسانة وأن تسجن نفسك في حالة من الضعف الروحي والجسدي والنفسي والعاطفي والعقلي؟.. هل استحق الأمر أن تفقد قواك؛ لأن شيئاً ما افترس دماغك؟.

انا متأكدة أنك توافقني الرأي بأن الأمر لم ولن يستحق تلك المشاعر السلبية وقتل إنسانة. جرائم القتل أو القتل غير القانوني أرقام مفزعة 17 أو 23 أو 20 هل لانتشار الأسلحة النارية والمخدرات والكحول وظواهر عدم المساواة والبطالة وعدم الاستقرار السياسي والقوالب النمطية المبنية على النوع دافع ومسبب لجرائم قتل النساء في الشرق الأوسط؟

أي معاناة تتعرض لها المرأة على أساس النوع الاجتماعي وعلى أي درجة وصلت بنا السوية الحقوقية للمرأة في ظل استمرار قتل النساء في العالم أجمع بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص. طبعاً في البعض من مناطق سوريا كالشمال الشرقي يوجد قانون يحمي المرأة من العنف ولكن يبدو أنه قانون فسيفسائي للوضع الحقوقي في سوريا، فهناك بالتأكيد حلقة مفقودة في سلسلة حلقات أخرى بزمن الحرب, فالقانون الذي يتجاهل جثث النساء والفتيات والذي يسد أذنيه عن القتل بطلقات طائشة سيزدهر تحت عباءته الفساد وتصادر فيه الأرواح بحجج أو من دنه، هذه مأساة مجتمع انتشر فيها مشاكل عدة؛ فهل لنا الحق في رفع أصواتنا مرة أخرى بقضية المساءلة؛ فنحن عمال إنسانيين هدفنا بناء استجابة أفضل. كي لا ندور في حلقات مفرغة ولكننا كمجتمع نتساءل هل يمكن أن نترحم من يتم قتلهم ونرحم عوائلهم لحين الانتهاء من التحقيقات أو لحين إعداد لائحة اتهام, فمن أعطانا الحق لنمارس التشويش بحق النساء دون علم بتفاصيل ما جرى، حيث يتم التداول العشوائي للشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي رغم إننا لا نسمح بممارسة العنف ضد الفتيات وبخاصة اللواتي لا حول لهن ولا قوة. باسم الشرف تقتل الأمهات الشابات بأبشع الطرق وتنخذل وتنظلم وتنتهك أرواحهن بدون وجه حق. قتل النساء هو الجريمة التي عادت إلى السطح في هذه الأيام والمعنى الحقيقي لقتل النساء هو القتل العمد مع سابق الإصرار، فمع جحافل الإرهاب في وطننا حيث شهد وطننا السوري انهيارات ومشاكل متأزمة في كل المجالات ومع الأسف الشديد كانت المرأة والطفل الحلقة الأضعف في الحرب ورغم انتشار المجموعات المرتزقة التي تعمل على إلغاء الآخر؛ انتشرت ظاهرة قتل النساء في مناطقنا سواء كانت حالات فردية أو جرائم ضد الإنسانية. وبالرغم من صدمتي كإنسانة مثل غيري بمثل هذه المآسي الإنسانية إلا أنني كناشطة مدنية في قطاع الحماية أتناول الموضوع في سياق أكثر شمولاً، فقتل النساء هو القتل المقصود وفعل مدروس لإيذاء الشخص ويرجع إلى كثرة المشكلات الاجتماعية والأسرية في مجتمعنا وإلى العنف الأسري وعدم معرفة التعامل مع المشاكل وعدم المعرفة بفن إدارة الخلافات الزوجية إلى الحصار الاقتصادي والاحتلال وكذلك الضغوطات الاجتماعية واليأس والكآبة وما يترتب على انتشاره نتائج مؤسفة مثل التفكك الأسري وانتشار الظواهر السلبية، ففي المحصلة القتل جريمة وهو احتجاج على ظرف ما نتيجة ضعف ما لا تستطيع العائلة تحمله فتلجأ إلى الهروب إلى عالم آخر.

 إذاً كيف علينا العمل لضرورة تعزيز سيادة القانون والاهتمام بالتعليم ودعم الجهات المسؤولة في مواجهة جرائم القتل والمساءلة المجتمعية؟!

ما يتطلب منا كمؤسسات وهيئات ولجان عدم الاكتفاء بدور المتفرج والرصد والتوثيق فقط ووضع رؤوسنا في الرمال؛ كي لا نرى حجم هذه الجرائم. ولكي لا تتحول إلى ظاهرة في مجتمعنا ولا تتفاقم؛ علينا بوضع الحلول المناسبة لهذه الحالات والعمل لنشر التوعية بين المجتمع وكيفية التعامل مع العادات والتقاليد البالية وتعزيز دور القانون.

وكلمتي الأخيرة التي أريد أن تصل إلى المجتمع هي أن القتل ليس حلاً لأي أزمة أو مشكلة وأقول للعائلة أو الاصدقاء أحياناً الإنسان يصل لمرحلة من الاكتئاب واليأس فعلينا أن نعطيهم الدعم النفسي .وأناشد كل امرأة  أن تخطو خطوات جادة وفعالة في درب حريتها وكسر قيود الذل والعبودية التي تكبلها للوصول إلى حياة كريمة لا ذل فيها ولا عنف وأن ترسخ روح المعرفة الحقة والمحبة والمساواة وثقافة الجمال والأخلاق في مجتمع جديد وبروح وفكر جديد مناهض للعنف، فالحياة هي حيث نفكر وحيث نقرر أن نبتسم وأن نعيش كما نريد لا كما يريدون ولنستمر في تثقيف المرأة وتعليمها أن القوة وحياة الشراكة الندية هي أنت,  فكوني أنتِ……سر قوتك.