هلز حاجي… نجمة واعدة في سماء كرة قدم السيدات بسوريا

قامشلو/ جوان محمد ـ

---

نجمة تتألق في عالم المستديرة وتنقش اسمها بحروف من ذهب في بطولات إقليم الجزيرة؛ “هلز حاجي” اسم بات متداولاً بين الجميع لما تُقدمه من مستوى رائع ومميز مع ناديها بيمان حالياً، تراوغ وتصنع الهجمات وتسجل، غيورة على قميص ناديها وتقاوم حتى آخر نفس للعب والوصول للفوز.

هلز حاجي ذات 17 ربيعاً من ديرك بشمال وشرق سوريا، لديها أخ وأخت فقط، تدرس الثالث الثانوي في مدارس الإدارة الذاتية بإقليم الجزيرة، مثلها مثل أي فتاة لها الحق في ممارسة اللعبة التي تحبها، ولعل عشقها للمستديرة كان حافزاً لتحديها كافة المصاعب في مسيرتها بعالم كرة القدم.

مكانك المطبخ

عقليات ما زالت ترى في الفتاة مكانها المنزل وبالتحديد المطبخ، وحتى لو كانت بعمر صغير، ولكن قد لا تدرك تلك العقول بأن داخل كل فتاة نبض مقاوم وقادر لتجاوز عقولهم المريضة، هلز كانت مصممة على المُضي قُدماً في إكمال مشوارها في عالم كرة القدم رغم التنمر التي تعرضت له.

المقاومة شعاري

وتقول  هلز بهذا الصدد: “كانت هناك صعوبات في بداية مشواري الكروي كنت أتعرض بشكلٍ يومي للتنمر والسخرية بكلمات لا توصف ولا بأي شكل من الأشكال من بعض ضعفاء النفوس وأعداء النجاح الذين تجردوا من الحس الإنساني، ووصلت لدرجة الكلمات النابية وصفارات الاستهجان وكانوا يقولون بصوتٍ مرتفع بأن الفتاة مكانها البيت والمطبخ وأشياء أخرى، ولكنني كسرت حاجز تلك العقليات المتخلفة التي تدعو إلى كسر إرادة الفتاة الحرة المتحررة وسلب شخصيتها وإنكار ذاتها ووجودها، وأثبت لهم العكس بأن الفتاة والمرأة قادرة للعمل في مجال الرياضة وحتى هي قادرة في كافة مجالات العمل التي كانت مقتصرة على الرجال وحدهم بحسب نظرتهم”.

عاشقة المستديرة

هلز النجمة المتألقة اختارت كرة القدم لحبها وعشقها الجنوني لكرة القدم ولأنها ترى فيها الحياة وتزيد من احترام وثقة ومحبة من حولها لها، وتقول بأن البدايات كانت في الحي الشعبي بمدينتها ومدرستها وكانت تتدرب وتلعب مع صديقاتها ومع أفراد العائلة، والدتها ووالدها كان يشجعها بشكلٍ خاص، وكم جميل أن يكون الأم والأب السند للابنة، بالإضافة إلى شقيقتها دريا وكانوا يلعبون سوياً منذ الصغر وهي تلعب حالياً معها في نفس النادي “بيمان” لموسم 2020 ـ 2021، وتقول عن شقيقتها: ” أشعر أننا بقلب وعقل واحد في الفريق عندما نكون جنباً لجنب”.

كما أضافت قائلةً بأنها لن تنسي جهود وتعب الكابتن نسيم مصطفى الذي كان أول مدرب لها وأول نادي رسمي لعبت معه وهو نادي جودي ولمدة ثلاث سنوات في إقليم الجزيرة.

هلز كانت موهبة صاعدة لذلك مثّلت روج آفا باسم سيدات عامودا في الدوري السوري الأول على الملاعب المكشوفة عام 2019 ـ 2020، وحققت مع سيدات عامودا لقب الدوري وكانت لاعبة ضمن البدلاء وتشارك في الربع الساعة الأخيرة، ولكنها في الموسم التالي أصبحت أساسية بعدما نالت إعجاب الكادر الفني والإداري وحققت معهم موسم 2020ـ 2021، مع سيدات عامودا المركز الرابع.

هلز تود اللعب في مركز الجناح الأيمن فهي تبدع فيه بطريقة ممتازة وتقول بأنهم يسموها الجناح الطائر، لما تمتاز به من سرعة وتقديم أداء مميزاً، لذا نحن أمام لاعبة سيكون لها شأن كبير في المستقبل القريب.

تألق وإبداع

هلز أبدعت وتفننت بالكرة وسجلت هدفاً للذكرى في مرمى سيدات نادي الطريق في افتتاح مباريات ناديها بمسابقة الكأس بإقليم الجزيرة، هكذا هي هلز فقط امنحوها الراحة النفسية في الملعب وسترون كيف تتميز وتتألق.

وعن سؤالنا لهلز عن من تشجع فقالت: “محلياً أشجع كل النوادي، وعالمياً أشجع نادي ريال مدريد ـ يوفنتوس وعلى صعيد المنتخبات أشجع المنتخب السوري والأرجنتيني”.

ولعل ليست كل فتاة ولاعبة قادرة لتحمّل اللعب على الملاعب كبيرة ولمدة 90 دقيقة وخاصةً فجأة تنتقل من اللعب على الملاعب المغطاة الصغيرة للسداسيات إلى الملاعب الكبيرة بـ 11 لاعبة ونوهت هلز بأن هذا الأمر ليس بالسهل أن تلعب وتتمرن على ملعب بمقاييس ومواصفات معينة ومنها ترابية، وتنتقل فجأة للعب على ملعب بمواصفات ومقاييس أخرى.

نجمة حقيقية

ولا مستحيل أمام هلز البطلة التي لعبت في الدوري السوري وها هي تشارك في دوري أندية إقليم الجزيرة وحققت مع ناديها المركز الثالث وكان لهلز النصيب الكبير في هذا الدوري بحيث امتازت بالتنقل والسرع والحركة والمرواغة والقتال في الملعب حتى آخر نفس، لتصبح حديث من هم جالسون ويتابعون المباريات في الدوري، وبالفعل كانت تستحق أن يتكلموا عنها فهي نجمة بكل معنى الكلمة، وتملك كل المقومات لذلك، فهي كمان ذكرنا تمتلك القوة والمرونة والغيرة على قميص الفريق وعدم الاستسلام في المستطيل الأخضر حتى إعلان صافرة النهاية من قبل الحكم لنهاية المباراة.

وعن تجربة الدوري الأول على الملاعب المكشوفة بإقليم الجزيرة أوضحت هلز قائلةً: “تجربتي الحالية في الدوري بإقليم الجزيرة لم أجد أي صعوبة فيها بل أشعر بأنني أمتاز في اللعب كوني اكتسبت الخبرة من الدوري السوري وأصبحت شخصية قوية واعتمد على نفسي وخاصةً بتشجيع وحضور عائلتي في المباريات، والذين كان لهم الدور الكبير بتمتعي بالقوة والثقة والإرادة الصلبة وخاصةً والدي ووالدتي كان لهما دور جوهري في مسيرتي الكروية كما ذكرت مسبقاً، ودعني أشكر عبر صحيفتكم كل من ساندني وساعدني من الأصدقاء والأهل والرياضيين وإدارة نادي بيمان الذي ألعب معه حالياً والذي لم يبخل بتقديم أي دعم واهتمام للاعبات وخاصةً الكابتن محمد عكو (أبو جوان)”.

مستقبل مزدهر

هلز كان لها الموهبة بالفطرة وهذه الموهبة صقلت ونمت عبر اللعب مع ناديها جودي وبالمشاركة في البطولات، سواء إن كانت على صعيد إقليم الجزيرة أو على مستوى سوريا، وكان واضحاً التطور الذي طرأ على لعب وأداء هلز وأصبحت تلفت الانتباه بمهارتها في ميدان الملعب، وأكدت هلز بأن هذا الأمر أصبح واضحاً بحكم كانت لاعبة احتياط مع سيدات عامودا ومن ثم أصبحت لاعبة في التشكيلة الأساسية، ونفس الأمر مع سيدات بيمان فهي تلعب أساسية. وقيّمت دوري إقليم الجزيرة لهذا الموسم حيث كان الأول من نوعه على الملاعب المكشوفة قائلةً: “أراها تجربة ناجحة بغض النظر عن بعض النواقص، أما بالنسبة للتحكيم فلهم كل الشكر فالمستوى لا بأس به، فبعض الحكام ينسون الأساسيات ويبحثون عن الكماليات”.

هلز من مدينة الموزايك الجميل ديرك التي تمتاز بنجمات ومواهب واعدة لكرة القدم وهي واحدةً منهن، ولكن حتى الآن لم نشهد وجود فريق نسائي فيه لكرة القدم وعن الأسباب تجيب هلز: “أتوقع العادات والتقاليد تلعب دوراً كبيراً في ذلك، وعلى الأهالي التفكير ملياً بمصلحة بناتهن فلهن الحق لممارسة هوايتهن الرياضية”.

وأكدت هلز بأنها جاهزة للعب مع أي فريق يُشكل في مدينتها ديرك لكرة القدم للسيدات وأشارت إلى أنه لشيء جميل أن تلعب باسم مدينتك وتلبس شعار نادي ديرك، وتتمنى ذلك لأن مع تفعيل الرياضة الأنثوية الواقع الرياضي يتحرك نحو الأفضل، وحثت نادي ديرك لتفعيل فريق سيدات بكرة القدم وقالت: “هو نادي يملك المقومات الممتازة للسير بهذه الخطوة ولم يكن محل صدفة تأهله على صعيد الرجال للمباراة النهائية بمسابقة كأس إقليم الجزيرة ولكنهم لم يحالفهم الحظ وخسروا بهدف بدون رد من نادي سردم”.

ادعموا المرأة الرياضيّة

هلز ناشدت الجهات المعنية برياضة المرأة والمهتمة بشؤون المرأة في شمال وشرق سوريا منح الاهتمام أكثر للمرأة الرياضية والعمل على تشجيعها للوصول لمجتمع حضاري بعيداً عن تقاليد والعادات التي تدعو إلى تقييد دور المرأة في المجتمع والتي تنص بأن (مكانها المطبخ ودورها فقط الإنجاب ورعاية الأطفال).

النجمة هلز حاجي لاعبة نادي بيمان لكرة قدم السيدات قالت في ختام حديثها لصحيفتنا “روناهي”: “أود أن أرسل رسالة للجميع بأن الرياضة حياة ولا يجوز أن نمزج التعصب الفكري والمصلحة الشخصية في رياضتنا، بل يجب أن تبقى ذات رسالة سامية وخاصةً على صعيد الرياضة الأنثوية، فهي تعاني من قلة الدعم ولكن رغم ذلك اللاعبات يمضين قُدماً ويحققن الإنجازات والدليل؛ الدوري الذي أُقيم في إقليم الجزيرة على الملاعب الكبيرة والمكشوفة”.