هذا ما يحدث لدماغ الصائم في رمضان

إن الصيام المتقطع مفيد جداً للدماغ، لأن الجوع المتقطع ينقي العقل، ويوقظ الحواس، ويحسّن وظائف المخ، بالإضافة إلى أنه يخفّض نسبة السكر بالدم، ويقلّل مستويات الإنسولين، ويساعد على إنقاص الوزن عن طريق تقليل إجمالي السعرات الحرارية.

وعدم تناول الطعام، ليوم واحد، يزيد من عوامل النمو الطبيعي لدماغك، والتي تدعم بقاء الخلايا العصبية، ونموها.

كما أن الصيام يجبر الجسم على حرق احتياطياته من الدهون مرة، أو مرتين في الأسبوع (في حالة الصيام مرة أو مرتين)، ونواتج هذه العملية تسمى الكيتونات، التي تحافظ على استمرارية دماغك خلال فترات الصيام والجوع، وتؤدي إلى تحسين الإدراك، وتنمية الروابط بين الخلايا العصبية، ودرء التنكس العصبي (تراجع وظائف الخلايا العصبية).

فوائد الصيام للجهاز العصبي

وجدت دراسة، نُشرت عام 2017، أن خلايا مخ فئران التجارب، التي تصوم بانتظام، قد تنمو أكثر من المعتاد بمجرد تناول الطعام مرة أخرى.

وأشارت الدراسة، إلى أن بروتين، يُعرف باسم عامل التغذية العصبية المشتقة من الدماغ (بي دي إن إف)، ويوجد هذا البروتين عند البشر، والذي يكون معنياً بالتعلم وبالذاكرة.

وتميل مستويات هذا البروتين إلى الانخفاض مع تقدم الشخص في السن، خاصة إذا أصيب شخص ما بمرض، يمكن أن يؤثر على الوظائف المعرفية مثل الزهايمر، ومع ذلك، فإن مستويات تزايد هذا البروتين في الفئران، التي أخضعت للصوم بلغت 50%.

دراسة أخرى، نُشرت في مجلة (نيورولوجي إنترناشونال) وجدت أن مستويات بلازما الدم من السيروتونين (ناقل عصبي يلعب دوراً في المزاج) وعامل التغذية العصبية المشتقة من الدماغ (بي دي إن إف) وعامل نمو العصب، زادت بشكل ملحوظ خلال شهر رمضان، وهذا يرتبط بتأثيرات إيجابية.

هل الصيام يساعد على النوم؟

عند الأشخاص الأصحاء، والذين يتناولون غذاء صحياً متوازناً، فإن الصيام قد يساعد في تحسين جودة النوم. ومعروف، أن الإفراط في تناول الطعام، قد يؤدي إلى مشاكل: مثل صعوبات الهضم، والارتجاع المعدي المريئي، ومشاكل القولون، وهذه المشاكل تلعب دوراً في اضطرابات النوم، لذلك فإن الصيام الصحي يحمي الجسم منها.

ونعني هنا بالصيام الصحي، الذي يشمل تناول الطعام باعتدال، وعدم الإفراط في الحلويات، والكافيين، أو السهر.

لماذا ينام الصائم كثيراً؟

إن اختلال مواعيد النوم، والاستيقاظ في شهر رمضان؛ نتيجة السهر والاستيقاظ متأخراً مثلاً، يزيد من فرص الإصابة بمشاكل النوم، حيث تظهر هذه المضاعفات نتيجة اختلاف مواعيد النوم والاستيقاظ، ما يؤدي إلى معاناة الكثير من الصائمين من أعراض زيادة النعاس، والخمول، والصداع، وتعكر المزاج.

وإن كثيراً من الناس ينامون بشكل متكرر، وغير منتظم أثناء اليوم الواحد، وذلك بسبب طبيعة الشهر الكريم، والعبادات الدينية، والعادات الاجتماعية المحفزة على السهر، ومن ثم الاستيقاظ في وقت متأخر من النهار، وخروج نمط النوم عن نسقه الطبيعي.

يلجأ بعض الأفراد إلى حرمان أنفسهم من النوم أثناء النهار؛ بسبب ارتباطهم بمواعيد العمل، ويصيب النوم المتقطع الإنسان بدرجة الحرمان من النوم، أو عدم الاكتفاء من النوم، أو النوم والاستيقاظ في أوقات غير مرغوبة من الليل، أو النهار.

وقالت المؤسسة: إن هذا السلوك يرفع نسبة الإصابة باضطرابات الساعة الحيوية، كمتلازمة تأخر مرحلة النوم، واختلال أوقات النوم، والاستيقاظ ليلاً بدلاً من النهار، وقد يستوفي كثير من الأفراد معظم ساعات نومهم خلال النهار، إلا أن كثيرا منهم يشكو من أعراض نقص النوم؛ بسبب التغيير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ، واضطراب إفراز بعض الهرمونات كالميلاتونين، حيث تصل قمة إفرازه في الليل خلال فترة النوم، ومستوى هذا الهرمون، ينخفض كثيرا خلال النهار عند الصحو، ما يساعد الجسم على الحفاظ على التوازن؛ لأنها تتحكم في الساعة الطبيعية بالجسم، والتي تتمثل بدورات النوم، والصحو المتزامنة مع الليل والنهار.

هل الصيام يقوي الذاكرة؟

عموماً نعم، وفقاً لدراسة أجراها باحثون من معهد الطب النفسي وعلم النفس، وعلم الأعصاب في كينغز كوليج لندن، فإن الصيام المتقطع، وسيلة فعالة لتحسين الاحتفاظ بالذاكرة على المدى الطويل، وتوليد خلايا عصبية جديدة، وأجريت الدراسة على الفئران.

ووجدت الدراسة، التي نشرت في مجلة موليكولار سايكاتري، أن اتباع نظام غذائي مقيد بالسعرات الحرارية عن طريق الصيام كل يومين، كان وسيلة فعالة لتعزيز جين، الذي يلعب دوراً مركزيا في إنتاج الخلايا العصبية الجديدة، المولودة في منطقة الحصين في الدماغ، أو تكوين الخلايا العصبية.

الدراسة في رمضان

أكد مديرو مدارس في قطر، أن النوم الجيد، هو سلاح الطالب للصيام، والمذاكرة دون الإحساس بالإرهاق، وبالتعب، وبالآثار المترتبة على الصيام، وذلك في تقرير لصحيفة الراية القطرية.

ولفت المدراء إلى أن الصوم يعمل على تعزيز الجانب النفسي لدى الطالب، فيقوي العزيمة، ويعزز قدراته، ويجعل ذهنه نشطاً، كما يمنحه قيماً نفسية مهمة، مثل المثابرة، والصبر، وكلها تصب في صالح تقوية مستوى التحصيل العلمي لدى الطلاب.

وقدم المديرون النصائح التالية للدراسة أثناء الصيام:

ـ تنظيم ساعات اليوم بما يتوافق مع الجدول المدرسي.

ـ الحرص على النوم مبكراً.

ـ البعد عن وسائل التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية.

ـ تخصيص وقت للدراسة، سواء بعد صلاة الفجر، أو التراويح.

ـ عدم مغادرة المنزل لأي سبب، والتفرغ للدراسة، والبعد عن المجالس، وتضييع الوقت.

ـ الحضور للدوام المدرسي دون تأخير أو غياب.

ـ تناول الأغذية الصحية، والبعد عن المنبهات، والمشروبات الغازية، التي تسبب العطش للطالب، وتؤثر على صيامه، وبالتالي تؤثر على دراسته، وتركيزه خلال اليوم المدرسي.