نوفة عيسى مُعمِّرة تجاوزت المائة عام تُبصِر بالبصيرة

جل آغا/ أمل محمد –

المُعمرة التي تجاوزت المائة عام في قرية ديرونا آغي التابعة لناحية جل آغا “نوفة عيسى” عمياء فقدت البصر بإحدى عينيها في العشرينات من عمرها، لتفقد نور عينها الثانية بعد عدة سنوات لتعيش أكثر من خمسين عام وهي لا تُبصِر حتى ضوء الشمس.

تجلس وحيدةً أمام منزلها الطيني القديم في مشهد بات اعتيادياً لأهالي القرية، تسمع خفق النعال من المارّة والذين يلقون التحية عليها، تعرف كل فرد من أهالي قريتها من خلال صوته وتسترجع أشكالهم عن طريق مخيلتها التي لم يتبقَ سواها حافظة بالوجوه والذكريات، في جميع الأوقات والفصول تجدها جالسةً أمام باب منزلها لعلها تُروّح قليلاً عن نفسها، اللون الأسود رافقها سنوات عديدة عاشت في الظلام لأكثر من خمسين عام ومع ذلك لا تزال تقوم بالكثير من أعمالها اليومية.

رحلة مع الظلام

زارت صحيفتنا منزل “نوفة عيسى” العتيق أو إن صح القول غرفتها الطينية الوحيدة التي تحتضنها، والتي تتسلل إليها الرياح من الشقوق الكثيرة في جدرانها فلا تحميها من حر الصيف ولا تنعم عليها بالدفء في الشتاء، استقبلتنا وحدثتنا عن مشوارها الطويل مع عدم القدرة على الإبصار فقالت: “فقدت إحدى عينيي بسبب مرض في العشرينات من عمري، وفقدت الأخرى وذلك بعد أن نطحني خاروف في عيني مباشرةً، لم يكن هناك مجال لاستعادة عيني، تقبلت الوضع إما سأعيش عالةً على الآخرين أو أعتمد على نفسي، مع حالتي هذه تمكنت من تربية أطفالي وإدارة شؤون منزل كامل”.

امرأة من حديد

تعيش الأم نوفة وحيدة في غرفتها بجوار منزل ولدها، زوجة ابنها تقوم برعايتها وتفقّدها من الحين والآخر ومع ذلك تعتمد نوفة على نفسها وتقوم بالكثير من الأعمال وزادت: “غرفتي صغيرة أعلم أين هي أغراضي وكيف استخدمها، حتى الآن وبهذا الوضع أقوم بإشعال الببور، أعرف الطريق جيداً إلى الخارج، أقوم حتى بالطهي، تكيفت مع وضعي ولكن لا أنكر أنه صعب، أن تعيش بدون حاسة البصر أمر مقلق للغاية”.

تعد نوفة شخصية محبوبة وقديرة في قريتها يتوافد الجيران وسكان القرية إليها للاطمئنان وتبادل أطراف الحديث معها، وأضافت قائلةً: “تجاوزت المائة عام نصفه عشت في الظلام، يأتي أهالي القرية لزيارتي، وهذا الشيء يمنحني السعادة”.

مناشدة للأيادي البيضاء

 ناشدت نوفة من خلال صحيفتنا أصحاب الأيادي البيضاء لتقديم يد المساعدة والعون لها: “أعاني من أمراض في القلب بالإضافة إلى عدم قدرتي على الرؤية، ابني الذي يعيلني هو الآخر ذي دخل محدود ووضعه المادي سيء جداً، أتمنى من الأيادي البيضاء النظر إلى حالتي ومساعدتي ولو بالشيء القليل”.

منهل العلم والكفاح

علاقة صداقة قوية تجمع نوفة بحفيدها سمير الذي يقضي معها جل وقته يتسامرون ويتحدثون تجد فيه فسحة أمل لتكمل حياتها المتبقية، حدثنا سمير الشاب اليافع وهو حفيد نوفة واصفاً جدته بالمرأة القوية المكافحة بقوله: “جدتي ومع وضعها الصحي إلا أنها امرأة قوية تمكنت من مواجهة ظروف الحياة القاسية، عانت من القلة ومن وضع صحي سيء ولكنها مع ذلك كانت في خدمة عائلتها، تعلمت منها حب الحياة والاستمرار والمواجهة رغم ما نمر به، هي قدوتي التي علمتني أن الحياة تستحق العيش”.