نسمة البربري.. شابة مصرية تسرد تفاصيل مواجهتها للمجتمع الذكوري

الإمارات/ غزال العمر ـ

لا يشغلها ضغط العمل وضيق الوقت عن ممارسة هواياتها وطقوسها الخاصة بها في بلاد الاغتراب، نسمة البربري شابة مصرية تركت ابنها في بلادها وجاءت لتأمين حياةً كريمة تليق بها، تمارس هوايتها بجمع الطوابع والعملات والورود والنباتات في بلدٍ اختصر لها معظم دول العالم فوجدت مُرادها.

الوقت في بلاد الغربة محسوبٌ وموزع، لا مجال للفسحة والتنزه إلاّ بأيام الإجازة، التي يستغلها الناس لتخفيف أعباء الحياة وصعوباتها.

“التجارة ليست حكراً على الرجال”

نسمة البربري ابنة النيل “٣٥ عاماً” أمٌ لطفلٍ وحيد تكفلت برعايته بعد انفصالها من زوجها بعد زواجٍ دام عشر سنوات، من أحد المدن التي يتفرع النهر عندها “دمياط” تلك البلدة الريفية البسيطة التي ضاقت بأحلام شبابها.

عملت نسمة في بلادها مصر في مكتبةٍ للقرطاسية: “بدأت بمحلٍ صغيرٍ متواضع ثم بدأ الحلم بالتوسع يكبر” فالتجارة ليست حكراً على الرجال على حد تعبيرها.

عملت الشابة من أجل تحقيق هدفها وتحويل حلمها لواقع، حيث افتتحت محلاً آخر للألبسة والهدايا معتمدةً على نفسها بإدارته وتسيير أموره، من بيعٍ وشراءٍ وذهابٍ للأسواق في مدن مصر الأخرى لشراء البضاعة التي تلزمها.

ضربات موجعة وظروف صعبة

تقول الشابة نسمة في سياق حديثها مع صحيفتنا “روناهي” بأنّ انفصالها عن زوجها شكّل ضربةً موجعةً لامرأة تحاول بناء مجدها: “النظرة الذكورية وانتقاد المجتمع لعملي بالتجارة كان ضربةً قاضية لتفكك عائلتي”.

مع خطوات النجاح المتسارعة انهالت عليها المشاكل الأسرية، التي وصلت لطريقٍ مسدود وكان الانفصال أفضل الحلول المتاحة بحسب تعبيرها.

وتتابع: “خسرت زوجي الذي كان يدعمني ببداية انطلاقي ودخولي ميدان العمل بالتجارة، لكنني ربحت عملي وابني” تنظر نسمة للأمور بإيجابية، فهي ممن يرون في الأمل طريقاً للنجاح.

 تستجمع نسمة قواها لتتابع حديثها والدموع تكاد تنحدر من عينيها: “وفاة والدي كانت الضربة التي كسرت ظهري، سندي الذي كنت أستمد منه قوتي لمواجهة المجتمع الذكوري السلطوي”.

وفاة والدها ترك بداخلها جرحاُ لن يندمل، فقررت السفر بعد أن بدأت نفسيتها تتعب وتجارتها تخسر كما ذكرت.

تقول نسمة عن لحظة وصولها للإمارات: “كلّ ما أعرفه عن الإمارات بأنّها سوق مفتوح للعمل والأرزاق مكتوبة”.

من الصعب أنّ تبدأ من الصفر، خاصةً بعد أن بدأت تصعد وتجتهد لكن الأصعب أن تستسلم لمجتمعٍ متنمرٍ لا يرحم جواباً على لسان تلك المكافحة وتختصر رسالةً توجهها لكل النساء في العالم.

التنمر المجتمعي وباء

وتواصل نسمة حديثها: “لا أعرف أحد هنا في الإمارات، وليس أمامي أحداً يخصني لكن الكلام الجارح الذي كنت أسمعه ببلادي كان مصدر قوةٍ، أتابع على أثره حياتي لتصبح العبارة التي تستفزني لعبارةٍ جعلتني أتحدى واقعي وأتمرد عليه، لتقول بلهجتها المصرية ـ الستات بقت رجالة يا جدعان ـ “.

 وتواصل نسمة التي وصلت الإمارات بصيف عام ٢٠١٩م: “عملت بأكثر من عمل في المطاعم في المولات ولم أتكبر على العمل رغم ضغوطاته ومتاعبه”.

تقاضت نسمة في بدايات عملها أجراً زهيد لا تترك لنفسها منه سوى سكنها وأكلها، وترسل منه لأمها وطفلها في مصر لتنجح بعد طول عناء من إيجاد عملٍ في دارٍ للطباعة.

ممارسة الهوايات مُتنفس

تصف نسمة صعوبة ما مرت به قائلةً: “رغم كلّ شيء بقيت أمارس هواياتي وأهرب إليّها من واقعي الصعب”.

نسمة التي تعمل سبع عشرة ساعة لديّها وقت لتتأمل الطبيعة، وتجمع الطوابع والعملات لتقول مبتسمةً: “لم أعد أجد صعوبة بجمع العملات هنا بلد الجنسيات”.

امرأةٌ ضربت بتعليقات المتنمرين الساخرة المتهكمة عرض الحائط، لترسم مستقبلها بخطىً ثابتة ومتوازنة، أساسها الثقة بقدرات المرأة وطاقتها اللامحدودة في مواجهة مجتمعاتٍ لا تزال تحلل وتُحرّم عملها في ظل أوضاعٍ معيشية صعبة.

وأخيراً تتوجه نسمه البربري الأم المصرية بالإعجاب والتحية لكلِّ امرأةٍ في شمال شرق سوريا، لأنّهن مصدر قوةٍ وأمل لكلّ من رأى وسمع بتضحياتهن بطريق الكفاح الطويل، وأثبتن للعالم بأنّ حمل السلاح إلى جانب الرجل يُمثل أكبر درسٍ في العطاء.