بقطع النظر عن جاهزية الأنظمة والسلطات أو القدرة على إدارة الثورة بشكل محكم في وطن أنهكته الحرب، واتخاذ القرارات الصائبة بعد تردد وارتباك ما في البدايات وإلى اليوم؛ بادرت جمعيات ومنظمات غير حكومية بمبادرات عديدة لإطلاق حملات توعوية وتقديم الخدمات والقيام بأنشطة تضامنية, وبالتزامن مع الجهود التي بذلتها السلطات المحلية بدا جلياً أن للمجتمع المدني وللمبادرات المدنية مهارات وشبكات مرنة قد لا يعرف ماهيتها البعض من المجتمعات المحلية، حيث ساهم المجتمع المدني مبكراً في تكثيف الجهود وتنوعها.
لذلك ومع كل التضامن الإنساني الذي أطلقته المبادرات المدنية في بلدي والتي أعطت معاني عميقة لحياتنا، من المهم أن نعرف أن المبادرات المدنية هي فعاليات طوعية يقوم بها نشطاء المجتمع المدني لبناء العلاقات وتطويرها وخاصةً في مناطق ما بعد النزاع, فمن الأمور المهمة أن المبادرات المدنية تساهم في تخفيف الآثار الناتجة عن النزاعات أو التغيرات، ففي الكثير من المبادرات كان الهدف في المساهمة في الصلح الاجتماعي أو العمل لتشكيل الإنذار المبكر لوقف الصراعات المجتمعية ذات الأبعاد الدينية أو القومية أو الإثنية أو العشائرية.. إلخ.
المبادرات هي فعاليات قام بها أشخاص عاديون في سبيل تقديم خدمة أو لملء فراغ معين ناتج عن خلل اجتماعي أو مؤسساتي, ففي المبادرات المدنية كثيراً ما يستهدف إلقاء الضوء على الضحايا وعلى الناجين من العنف وذويهم وكيفية مساعدتهم ودعمهم بفعاليات مجتمعية مختلفة أو التنسيق مع المؤسسات الداعمة لهذه الفئة, فعاليات في كثير من الحالات فقط بحاجة إلى تنسيق آليات التنسيق والتفاعل مع الجهات الفاعلة والمؤثرة في مناطق النزاع بخصوص تقديم الخدمات من أجل الرصد والتوثيق, والوعي لرفع بقايا المتفجرات والألغام وغيرها.
فبعد مرور السنوات البشعة من الحرب في بلدي كان يلهمني الإلمام الملفت للنساء في وطني بماهية المبادرات المدنية وكيفية مساهمتها في تعزيز الاستقرار بالمنطقة، سواءً كانت في المخيمات أو بدول الجوار.
وقد شاركت بالعديد من الاجتماعات والتدريبات والمؤتمرات لتعزيز مهارات صانعات السلام في سوريا. كان المفرح معرفة السوريات بكيفية التخطيط الاستراتيجي للعمل ولزيادة الوعي وإلمام النساء بمدى فعالية وجود النساء في عمليات السلام وحل النزاعات ولعب دور الوسيط في التفاوض, طبعاً كان هناك العديد من التجارب الدولية لمشاركة النساء في عمليات السلام وبقيت تجربة المرأة في الشمال الشرقي السوري تجربة فريدة.. فكوني سر قوتك.
