سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية وانعكاساتها على العديد من القضايا

الحسكة/ محمد حمود –

تشهد الولايات الأمريكية سجالات وجولات مكوكية ومنازلات ومناظرات عدها البعض مهمة للمستقبل السياسي، وهذا ديدنها كلما اقتربت البلاد من اختيار رئيس لها، في سباق خطابي يشهد منازلات ومناظرات بين المرشحين البارزين، ولعل أبرزها المناظرة الأخيرة بين الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب المرشح الأبرز في الانتخابات الأمريكية القادمة.
وفي حديث لصحيفتنا “روناهي” تطرق مراقب سياسي، وخبير دراسات استراتيجية مصري لمآلات الانتخابات الأمريكية المقبلة، وانعكاساتها على العديد من القضايا، وعلى رأسها القضية السورية.
منذ أيام قليلة جمعت أولى مناظرات الانتخابات الأمريكية، التي من المقرر إجراؤها بداية العام القادم، الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب؛ تلك المناظرة التي عول عليها الحزب الديمقراطي؛ لتكون دفعة لبايدن؛ لكن آمالهم تلاشت حين بدا تقدم السن على الرجل؛ فتلعثم أكثر من مرة في الكلام؛ الأمر الذي دفع العديد من مؤيدي بايدن من حزبه لدعوته إلى التنحي.
ما يهم المجتمع الشرق أوسطي من هذه المناظرة؛ هو تعاطي الرجلين مع الملفات الشائكة في الشرق الأوسط؛ لاسيما أنهما تطرقا إلى بعض هذه القضايا خلال حديثهما في المناظرة.
في السياق؛ تحدث لصحيفتنا “روناهي” الدكتور محمد اليمني؛ رئيس قسم الشؤون العربية والدولية بمركز “سعود زايد” للدراسات في مصر؛ فكان أحد المراقبين لهذه المناظرة، بما أجادت به بحوارات محتدمة بين المرشحين للفوز بلقب الرئيس الأمريكي.
وقد استهل اليمني حديثه عن مبدأ هذه المناظرات؛ مشيرا إلى أنها تأتي إلى العديد من القضايا الساخنة على المستوى الدولي، إضافة إلى مناقشة ملفات تخص الداخل الأمريكي كالهجرة والاقتصاد، والضمان الصحي والبطالة. منوها إلى أن ما يهم المنطقة هو حديثهما عن قضايا الشرق الأوسط؛ وأبرزها قضية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، والملفات الشائكة في سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا؛ إضافة إلى علاقات أمريكا مع إيران.
حيث أشار اليمني إلى الخلافات الجوهرية في نظرتي بايدن، وترامب، إزاء العديد من القضايا الهامة؛ وفي هذا الجانب يمكن أن ننوه إلى أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تقودها مؤسسات الدولة منذ عقود طويلة؛ وفي قانون متبع، وفي هذا الشأن لا يمتلك الرئيس المنتخب هامشا كبيرا يخوله لتحرك واسع في معالجة القضايا الهامة، وإن كان يؤمن بحلها: “الجميع يعلم أن السياسة الأمريكية هي سياسة واحدة، يعمل على إدارتها أي رئيس قادم إلى البيت الأبيض، فهو تابع لهذه السياسة التي أقرها القانون الأمريكي”.
وحول توقعه بخصوص من سيكون سيد البيت الأبيض في الفترة الرئاسية المقبلة؛ أشار الدكتور اليمني، إلى أن حظوظ ترامب أكثر من حظوظ بايدن؛ لاعتبارات عدة؛ خاصة أن العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية قد شابتها في الفترة الماضية رياح الاختلاف في وجهات النظر حول الحرب في غزة (وإن بصورة تكتيكية وليس استراتيجية)، وهذا ما ينعكس سلبا على حظوظ بايدن في الفوز الرئاسي؛ لاسيما أن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة أبدى امتعاضه من سياسة البيت الأبيض خلال الحرب في غزة المستمرة؛ كما أشار اليمني إلى أن نتنياهو، واللوبي اليهودي لا يعجبهما حديث إدارة بايدن المتكرر عن حل الدولتين؛ وهذا ما سيرفع أسهم ترامب عند الناخب الأمريكي.
وحول الأزمة المستمرة في سوريا؛ أشار الدكتور اليمني إلى أنها من الأزمات الأكثر تعقيدا في الشرق الأوسط؛ لاسيما مع تدخل العديد من الأطراف الخارجية فيها طوال أكثر من عقد: “لقد زاد المشهد السياسي للأزمة السورية تعقيدا كبيرا خاصة بتدخل واشنطن، وموسكو، وطهران، وأنقرة، وإسرائيل في كثير من المواقف؛ وهذا ما جعل الحلول السياسية تراوح مكانها دون تقدم”.
وأضاف: “من وجهة نظري؛ فإن فوز دونالد ترامب سيعقد المشهد السياسي أكثر، لاسيما مع قطار التطبيع الذي انطلق بين أنقرة ودمشق؛ الأمر الذي لا يرضي الجانب الأمريكي إلى حد كبير، وربما سيؤدي إلى مزيد من الخلافات بين واشنطن وأنقرة؛ حيث أن أردوغان يلعب على حبل العلاقة المزدوجة مع كل من روسيا وأمريكا”.
وقد تطرق اليمني كذلك إلى الوضع المتأزم في السويداء جنوب سوريا مع استمرار الحراك الشعبي منذ أشهر عدة؛ مشيرا إلى أن هذا الحراك يزيد المشهد تعقيدا. كما تحدث اليمني إلى الوضع الاقتصادي المتردي في عموم البلاد؛ مشيرا إلى أن الاقتصاد يلعب دورا كبيرا في هذا الأزمة الراهنة.
وحول السياسة الأمريكية عقب الانتخابات والفوز بالرئاسة الأمريكية لمستقبل الأزمة السورية؛ أكد اليمني أن الرئيس المقبل، سيسير على خطا الرئيس الحالي: “لاسيما أن الولايات المتحدة لازالت متمسكة بمبدأ أحادية القطب المهيمن في الشرق الأوسط؛ والرفض المطلق لأي دور روسي على المستويات كافة في هذه المنطقة الاستراتيجية”.
وأضاف اليمني: “هذه المعطيات وغيرها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، بأن الانسحاب الأمريكي من سوريا أمر غير مقرر في المدى المنظور؛ فلا يمكن لواشنطن أن تخلي الساحة لروسيا وإيران؛ لاسيما مع احتدام الصراع حول العديد من الملفات على المستويين الإقليمي والعالمي”.
الدكتور محمد اليمني تحدث كذلك عن انعكاس نتائج الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ وعلى وجه الخصوص الحرب المشتعلة في غزة؛ مشيرا إلى أن وصول ترامب إلى سدة الحكم سيفاقم معاناة القطاع، لاسيما أنه من المؤيدين لسياسات بنيامين نتنياهو.
رئيس قسم الشؤون العربية والدولية بمركز “سعود زايد” للدراسات في مصر؛ الدكتور محمد اليمني تطرق في ختام حديثه إلى العلاقة مع الصين، التي يمكن لها أن تشهد توترا حال فوز ترامب، وستكون “تايوان” محور هذا التوتر؛ إضافة إلى محاولات كبح جماح التمدد الاقتصادي والتكنولوجي الصيني في العالم، وقد تطرق ترامب إلى محاولته في إيقاف الحرب في أوكرانيا، وإقناع الكونغرس أن هذه الحرب لا تستحق الهدر الكبير للمال الأمريكي في دعم كييف في مواجهة موسكو.