سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مَنْ المُستفيد من ظهور داعش مجدداً؟

حسام الدخيل_

على الرغمِ من إعلان القضاء عليه جغرافياً في العام 2018، يعود مرتزقة داعش إلى الواجهة من جديد، من خلال إعلانهم عن تبنيهم عدة عمليات استهدفت عسكريين من قوات حكومة دمشق، بالإضافة إلى آخرين من قوات سوريا الديمقراطية على الضفة الشرقية من نهر الفرات.
وكثف مرتزقة داعش من عملياتهم خلال الفترة القليلة الماضية، ليعلنوا بذلك عودتهم إلى الظهور مجدداً، بعد أن أمضوا الأعوام الماضية مختبئين في الظل، منذُ إعلان القضاء عليهم في آخر جيوبهم ببلدة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي. وهذا ما يؤكد وجود أيدي خفيّة تقوم بدعم مرتزقة داعش في المنطقة، سواءً الدعم اللوجستي والمالي أو من خلال تسهيل عبورهم إلى داخل المنطقة وتوفير مناطق عبور آمنة لهم.
ما علاقة دولة الاحتلال التركي بداعش..؟
منذ اليوم الأول لظهور مرتزقة داعش داخل الأراضي السورية، تبين وجود علاقة وثيقة بينهم وبين دولة الاحتلال التركي، من خلال تسهيل مرور المرتزقة المتطرفين إلى داخل الأراضي السوريّة عبر تركيا وبحماية خاصة من جيش الاحتلال التركي، بالإضافة إلى إسعاف المصابين من مرتزقة داعش إلى داخل تركيا وتقديم العلاج لهم في مستشفياتها، وهذا ما حصل عند هجوم مرتزقة داعش على كوباني قبل عقدٍ من الزمن، حيث كان مرتزقة داعش يتجولون بأريحية مطلقة عند الحدود السورية التركية وعلى مرأى من حرس الحدود التركي، كما وثّق حينها ناشطون حدوث لقاءات بين مرتزقة داعش وقوات حرس الحدود التركي.
واستخدمت دولة الاحتلال التركي داعش للسيطرة على مساحة واسعة من الأراضي السوريّة ليسهل عليها دخولها فيما بعد، وهذا ما حدث في مدن إعزاز والباب في ريف حلب.
أما بعد أن طردت قوات سوريا الديمقراطية داعش من آخر جيب لهم في بلدة الباغوز شرق دير الزور، احتضنت الأراضي المحتلة من قبل تركيا مئات المرتزقة من داعش الذين فروا من المعارك، وقامت بإعادة تدوير الكثير منهم وضمتهم إلى صفوف ما يسمى الجيش الوطني السوري المدعوم من قبلهم، فيما احتفظت بالقيادات وأمنت لهم الحماية لإعادة استخدامهم مرة أخرى في تنفيذ أجنداتها.
وكان قد نفذ التحالف الدولي عدة عمليات إنزال جوي في المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال التركي، وقامت بقتل رأس “داعش” أبو بكر البغدادي على بعد كيلومترات قليلة من الحدود السوريّة التركية، كما قامت بقتل خليفة أبو بكر البغدادي أبو إبراهيم القرشي، أيضاً داخل المناطق المحتلة، وبالإضافة إلى قتلهم الخليفة الثالث لمرتزقة داعش أبو الحسن الهاشمي داخل المناطق المحتلة أيضاً، ليكون هذا الدليل الثابت على صلة دولة الاحتلال التركي بمرتزقة داعش ودعمهم لقيادييهم وتأمين الحماية لهم.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر عملية الهجوم على سجن الصناعة بالحسكة الذي يأوي خمسة آلاف مرتزقاً من داعش، من أكبر العمليات التي قام بها داعش منذ خسارته على الأرض في 2018، وبحسب الاعترافات لمنفذي العملية التي بثتها قوات سوريا الديمقراطية على معرّفاتها على الإنترنت، فإن عملية التخطيط تمت داخل تركيا والمناطق المحتلة من قِبلها، وإن المنفذون عبروا من مناطق سيطرة دولة الاحتلال التركي وذلك بهدف إطلاق سراح المعتقلين داخل السجن في محاولة منهم لإحياء مرتزقة داعش من جديد.
وفي الوقت الراهن لم تختلف الأمور كثيراً، لا تزال دولة الاحتلال التركي تعمل بطريقة أو أخرى تقديم الإنعاش لمرتزقة داعش سواء مدهم بالمال الذي يساعد على بقاءهم، أو حتى استخدام الأراضي التي يحتلونها كقاعدة لهم لتنفيذ عملياتهم.
 لماذا ريف دير الزور الشرقي؟
ينشط حالياً مرتزقة داعش في ريف دير الزور الشرقي، وهذا ما يتبين من خلال كثرة عملياتهم هناك، واختار المرتزقة ريف دير الزور الشرقي لعدة أسباب أهمها:
  • جغرافية المنطقة المُعقدة، ووجود مساحات شاهقة من الصحاري، سواء الممتدة داخل الأراضي السوريّة، أو حتى تلك التي تربطها بالعراق.
  • وجود أكثر من فصيل عسكري هناك سواء من قوات الحكومة السورية والقوات الروسية، بالإضافة إلى إيران وميليشياتها وقوات الدفاع الوطني، وانشغالهم بتجارة المخدرات وصراعتهم المستمرة فيما بينهم، مما فتح ثغرة لخلايا مرتزقة داعش للتحرك في المنطقة.
  • دعم الميليشيات الإيرانية وقوات الدفاع الوطني التابعة لحكومة دمشق لما يسمى جيش العشائر، لضرب مناطق قوات سوريا الديمقراطية، مما شكّل ثغرة أمنية في المنطقة استفاد منها مرتزقة داعش.
  • وجود تعاون مشترك بين الميليشيا المدعومة من إيران من جهة ومرتزقة داعش من جهة ثانية، حيث تضمن الميليشيات الإيرانية سلامة قوافلها سواء من الأسلحة أو حتى المخدرات الداخلة إلى الأراضي السورية من العراق، مقابل تسهيل مرور وتنقّل عناصر مرتزقة داعش بين ضفتي النهر.
  • كثرة المشاكل العشائرية هناك وانتشار الأسلحة بشكلٍ كبير بين الأهالي، مما أتاح لمرتزقة داعش حرية الحركة، وحمل الأسلحة خلال تنقلاتهم بكل أريحية، وسهّل عليهم تنفيذ عملياتهم داخل الريف الشرقي لدير الزور.
  • وجود طبقتين هناك، طبقة من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة، الذين تهاجمهم داعش بين الفينة والأخرى، لإجبارهم على دفع إتاوة لهم تحت مسمى الزكاة، أو يكون مصيرهم الموت.
وطبقة أخرى، وهي الطبقة الفقيرة المعدومة، والتي يحاول مرتزقة داعش استغلالهم وتجنيدهم لصالحه بعد محاولة إغراءهم بالمال.
حصيلة عمليات داعش خلال أسبوع
يوم الجمعة الماضي كشف مرتزقة “داعش”، حصيلة هجمات، قال إنه نفذها في الأسبوع الأخير، في سوريا والعراق ومناطق بإفريقيا وآسيا.
وبحسب صحيفة “النبأ”، الناطقة باسم المرتزقة فقد نفذ “داعش” تسع هجمات في سوريا، سبعة منها في شمال وشرق سوريا في الحسكة ودير الزور، أسفرت عن استشهاد وجرح 14 شخصاً. بالإضافة إلى هجومين في مناطق سيطرة قوات حكومة دمشق في مدينة حمص، أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص، بحسب الصحيفة.