مهنة صيانة المدافئ تزدهر في الحسكة تزامناً مع غلاء المدافئ الجديدة

الحسكة/ محمد حمود ـ

ما تزال بعض المهن تظهر في مواسم معينة، وقد ترتبط بفترة زمنية أو مناسبة ما، وتستمر بأداء دورها إلى أن تختفي بانقضائه، مع موعد آخر بالموسم المقبل، لتعاود ظهورها من جديد.

إصلاح وصيانة مدافئ “صوبات” المازوت من المهن المؤقتة والموسمية، التي تعود الروح لها في شهر تشرين الأول من كل عام، وتنتهي مع إطلالة فصل الربيع، وخلال هذه الأشهر تنشط في الكثير من المناطق للباحثين عن مصدر رزق إضافي.

في الحسكة ومع بداية فصل الشتاء؛ لجأ العديد من أهالي المدينة إلى إصلاح مدافئ الوقود القديمة على أيدي العديد من العاملين في هذه المهنة، والذين خصصوا محالاً لها تنتشر في الأحياء.

لجوء الأهالي إلى إصلاح المدافئ القديمة جاء لارتفاع تلك الجديدة هذا العام، حيث تتراوح أسعار المدافئ بين 800‪  ألف ليرة سورية لأبسط الأنواع وصولاً إلى مليوني ليرة سورية للمدافئ ذات النوعية الممتازة

.

خبرة 12 عاماً

في الحسكة أيضا يقف “هاشم مجيد آغا” داخل محله الصغير في المدينة، ولديه خبرة 12 عاما في هذه المهنة، يقف وسط غابة سوداء من المدافئ المستعملة وقطع الحديد، وأدوات “التلحيم”، و”التقطيع” و”اللف”، وغيرها من الأدوات، التي ما زالت تبحث عن ترجمتها باللغة الفصحى.

يوزع تعليماته على مساعده، يوجهه إلى كيفية تصليح مدفأة تركها عنده أصحابها قائلين: إنهم “مستعجلون”. لا شك بأن المستعجلين كثر في هذا الشتاء القارس.

ها هم في دكانه يتوزعون المقاعد، بين من ينتظر الانتهاء من “تصليح مدفأته”، وآخر يساوم على “تسعيرة” وغيره يستطلع أسعار المدافئ الجديدة، مقارناً بينها وبين كلفة إصلاح مدفأته القديمة.

لا يهدأ “هاشم مجيد آغا” عن ملاطفة الزبائن وإلقاء النكات يمنةً ويسرة. فجأة يتحول إلى الجدية في مخاطبة زبون يلح لإنجاز إصلاح مدفأته. يعرف المعلم “هاشم” زبائنه جيداً، لذلك هو يصلح لهم أعطال مدافئهم إصلاح العارف بيوتهم.

عملية التصليح والتنظيف

أما هيثم حامد عمير فهو أحد أهالي مدينة الحسكة، ويعمل بصيانة المدافئ في المدينة أيضاً، وتعلم المهنة منذ سنوات ليست بالقليلة، ويعدُّ من المختصين بهذا العمل، الذي يقطن حي المفتي.

وتحدث عمير حول مهنته: “تعاني المدافئ من بعض الأعطال لعدم استخدامها طوال فترة فصل الصيف، تكون الأعطال غالباً في تنور المدافئ، حيث يتعرض إلى تشققات، وانسداد الثقوب التي بداخلها”.

وحسب عمير يتم إصلاح هذه التشققات، وفتح الثقوب عن طريق إخراج التنور من داخل المدفئة وتصليحه وتنظيفه من تراكم الأوساخ، وذلك بوضعه على النار حتى تتم إزالة الأوساخ منها، ثم تنظف بفرشاة خاصة، كما يتم لحام التشققات الموجودة في المدفئة لتصبح بعد ذلك جاهزة للاستخدام.

يضيف: “دائما ما تزداد حركة العمل مع بداية فصل الشتاء؛ إذ يُقبل الكثير من السكان على تفقد المدافئ، التي تعمل بواسطة “المازوت” لتهيئتها لفصل الشتاء، وكثرة استعمالها في هذا الفصل؛ فالشتاء يفتح باباً للرزق”.

وعلى الرغم من اندثار الكثير من المهن، التي لم يعد عليها إقبال كما كان في السابق، إلا أن هيثم عمير يؤكد وجود الكثير من الأهالي، الذين يلجؤون إليه لتصليح مقتنياتهم، وأبرزها في هذه الأيام “الصوبات” بأنواعها، بالإضافة إلى “البابور” الذي ما يزال حاضرا في بيوت الكثير من العائلات، عدا عن الغازات الصغيرة المتنقلة “السفري”، إلى جانب إصلاحه الطناجر والأدوات المنزلية، وبعض الكهربائيات البسيطة.

هيثم أكد أن اقتناص هذه الأعمال الموسمية ضرورة تحتمها الأوضاع المعيشية العامة لأسرته، التي ما يزال يعيل عددا من أفرادها، وفرصة لتحقيق دخل إضافي يعين على مشاق الحياة المتزايدة يوما بعد يوم، حتى وإن اقتصرت على بضعة آلاف إضافية، خاصة وأن الأجر الذي يتقاضاه عموما ضئيل، وضمن قدرات زبائنه المادية.