مهدي مصطفى: “إدارة بايدن ستستكمل سياسات إدارة أوباما في المنطقة”

قامشلو/ روشن مسلم ـ

بدأ جو بايدن الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة بعد أدائه اليمين الدستوري في 20 من الشهر الجاري عمله بإنهاء عدد من أبرز سياسات سلفه، مع توقيع إجراءات تنفيذية على عجل ليعالج عدة ملفات في البلاد ويعود بها إلى المسار الصحيح، لحظة انتظرها الكثيرون لتكتب بذلك بداية صفحة جديدة في تاريخ البلاد بعد أُخرى طويت بكثير من الجدال والتوتر ليتساءل الكثيرون عما إذا كان هناك إمكانية للعودة بسياسة البلاد إلى ما كانت عليه قبل تولي ترامب السلطة.

لتسليط الضوء على هذه التغييرات كان لصحيفتنا حواراً مع الكاتب والصحفي المصري مهدي مصطفى، وكان الحوار التالي:

ـ من المؤكد أنه بعد انتخاب ترامب في سنة 2016 دخلت السياسة الحزبية الأمريكيّة في سياسة واشنطن الخارجية كما لم يحدث من قبل، ما هي السياسية الأمريكية المُرتقبة حيال الشرق الأوسط، وهل تتبنى دوراً أمريكيّاً مختلفاً لمواجهة تركيا في شمال وشرق سوريا؟

ستعود إدارة جو بايدن لسياسات أمريكا التقليدية في العالم، ففي العالم ستستعيد أجواء الحرب الباردة مع روسيا، وستقوم بتمويل ودعم النشطاء الروس، وقد نجد تدخّلاً يشبه ذلك الذي جرى مع المنشقين الروس، وقد تجعل الصين جزءاً من استراتيجياتها في الهجوم على روسيا، وإخراجها من المناطق الدافئة في الشرق الأوسط، خاصةً من سوريا والبحر المتوسط والعلاقة مع تركيا وإيران، ورأينا التظاهرات في المدن الروسيّة ودور السفارة الأمريكية في موسكو، مما يذكرنا باندفاع أمريكا في فوضى الشرق الأوسط نهاية 2010 و 2011 والمستمرة حتى الآن، وقد كان بايدن نائباً للرئيس في عهد أوباما، وفي سوريا تحديداً سيتم استعادة زخم الحرب، ورأينا داعش في العراق الأيام الماضية في تفجير مزدوج ببغداد، ورأينا الحوثيين يقصفون الرياض، ونرى في كل الأحوال استعادة عالم النشطاء والمنشقين واستعادة جماعة الإخوان حلفاء الأمس.

في القضية التركية سيعاني أردوغان من ناحية واحدة هي ضرورة قطع علاقته بروسيا خاصة العسكرية، وهو من جانبه سوف يستعين بعلاقته الحميمة مع إسرائيل، ومحاولة تقديم نفسه كقائد لجماعات الإرهاب وتقديمها كقوة يمكن التعامل معها أمريكياً، كما جرى مع أوباما مستخدماً فكرة حقوق الإنسان والحرية والشعارات التي تقول إن أمريكا مسؤولة عنها.

في قضية الكرد في شمال وشرق سوريا سيحاول أردوغان مد الجسور مع الجماعات الإرهابية منعاً من تمكين الكرد من أي استقلال ذاتي، وأرى بأنه سيقنع بعض أفراد إدارة بايدن بمقايضة علاقته بروسيا على أن تغض الإدارة الأمريكية نظرها عن وضع الكرد، وبذلك قد يصبحون ضحية المقايضات الدولية، ومن الأفضل للكرد اتحادهم مع القوى الأخرى على التراب السوري الموحد، وأن ينتبهوا بأن إدارة بايدن جاءت لتستكمل خطة الهندسة الجغرافية والاجتماعية التي مضى أوباما دون استكمالها، أردوغان يدرك بأنه سيكون مهزوماً من بايدن، لكنه سيقفز إلى الأمام مضحياً بصورته كحامي للإخوان والجماعات الإرهابية ليعود للعلاقة الحميمة مع إسرائيل، أو سيفتعل فتنة بين الكرد، في باشور وروج آفا.

ـ في الأيام القليلة الماضية قتلت خلايا مرتزقة داعش التابعة لتركيا إداريتين في مجلس بلدية تل الشاير سعدة الهرماس وهند خضير لماذا يستهدف أردوغان بالدرجة الأولى إرادة المرأة في شمال وشرق سوريا؟

أردوغان يعتقد بأنه الخليفة العثماني الجديد، والخليفة ينظر إلى المرأة بوصفها مكاناً في الحرملك، كما كان يفعل سلاطين العثمانية المهووسين بالنساء، وفي نفس الوقت يعتقد بأن المرأة في شمال وشرق سوريا استطاعت الصمود والمقاومة في وجه اتباعه من مرتزقة داعش والقاعدة وجماعات التركمان المتعصبين، وهو ما جعل شمال وشرق سوريا صامدة أمام الهجمات الإرهابية التركية، وكذلك المرأة في شمال وشرق سوريا ساهمت بشكل كبير في رفد المقاتلين المدافعين عن الأرض بالأبناء والأزواج، وتتشبث بالأرض والحرية في مواجهة موجة العثمانية الجديدة، وطبعاً هو يريد التأثير عليها وزعزعة إيمانها بعدم جدوى المقاومة والنضال، واستخدم أساليب العنف والتنكيل والقتل لإرهابها، لكنه سوف يفشل في نهاية المطاف فهو مجرد دور وظيفي ليس أكثر.

ـ جو بايدن قال: روسيا تشكل التهديد الأكبر للولايات المتحدة، كيف ستكون العلاقات الروسيّة الأمريكيّة وهل من الممكن حدوث مواجهات عسكريّة في الشمال السوري؟

المواجهة وقعت بالفعل على الأراضي الروسيّة دارت رحاها كالحرب الباردة بين الطرفين، من يدير التظاهرات هم الأمريكان، أظن الربيع الروسي الجديد، وستقع المواجهة حتماً على الأراضي السوريّة بمساعدة إسرائيل وتوابعها على الأرض من داعش وأردوغان، وكأن أمريكا ستنتهي من روسيا كما انتهت من الاتحاد السوفيتي.

ـ وصف ترامب الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي توسطت فيه إدارة أوباما بالصفقة السيئة، هل ستتغير السياسية الأمريكية تجاه الاتفاق النووي مع إيران؟

بعد عقود من العداوة وانعدام الثقة بدا أن واشنطن وطهران بصدد حل إحدى نقاط الخلاف الرئيسية بين البلدين فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، وفي هذا الصدد، أبرمت الولايات المتحدة وإيران إلى جانب القوى العالمية الكبرى، اتفاقًا من شأنه جعل إيران تخفض برنامجها النووي بشكل كبير، مقابل رفع العقوبات المفروضة على اقتصادها، وقد أعلن ممثلو المجتمع الدولي عن الصفقة المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة في جنيف في 14 تموز 2015.

في وقت لاحق، أشاد أوباما بالاتفاق باعتباره “صفقة جيدة للغاية” تُحقق أحد أهم أهداف الأمن لواشنطن، على الرغم من فشلها في معالجة الخلافات الكبيرة مع طهران، بالنسبة لأوباما، كانت الدبلوماسية هي البديل عن الحرب مع إيران، ولعل ذلك ما أفاد به في خطاب مطوّل دافع من خلاله عن الاتفاقية في آب 2015: “اليقين الوحيد في الحرب هو المعاناة الإنسانية، التكاليف غير المؤكدة والعواقب غير المقصودة”.

ـ يمكن أن يُنسب لترامب حقيقة إنه أصبح أكثر الرؤساء الأمريكيين سلماً منذ عقود وربما منذ عهد رونالد ريغان، فهل هذا الوصف دقيق؟

هذا صحيح لأنه لم يشن حروباً خارجية، ترامب رئيس قومي لا يسعى للعولمة الأمريكية ولا الإمبراطورية الرومانية، بل يشبه الرئيس السابع أندرو جاكسون، وقد حاول المتظاهرون السود مهمة تحطيم تمثال جاكسون في واشنطن، وفور دخول بايدن إلى البيت الأبيض رفع صورته من بين صور الرؤساء في البيت الأبيض، كادت الجغرافيا السياسية العالمية تتغير من قبل ترامب لكن الآن مع بايدن ما سيتغير هو الجغرافيا الاجتماعية صعود الأقليات الجنسية، لا أعني العرقية أو الإثنية بل بالمعني البيولوجي، المثليون أحرقوا كنيسة، وحكاية المثليين تأخذ منحنى فلسفياً يدخل في نطاق المالتوسية وتخفيض السكان.