سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مهجرات عفرين: الزراعة تخفف عبء الحصار وتستعيد ذكرى مدينتنا المحتلة

الشهباء/ فريدة عمر –

تحت كل خيمة امرأة تحدت ظروف التهجير والحصار بطريقة مختلفة، فقد لجأت نساء قاطنات في مخيمات الشهباء إلى الاستفادة من المساحات الصغيرة حول خيمهن وزراعتها بالخضروات المنزلية والأشجار، وبما يعيد بذاكرتهن إلى عفرين قبل احتلالها.
لدى مرورك في مخيمات الشهباء، فإن أول ما يجذب الانتباه هو المناظر الطبيعية والورود والأشجار المحيطة بالخيم، التي ساوت ارتفاع الخيم وأضفت جمالاً عليها، وكأنها تحاول أن تخفي قساوة ومرارة العيش تحت الخيمة، وتحتضن آلام قاطنيها.
فقد ساهمت نساء عفرين المهجرات، على الرغم من الصعوبات المعيشية إلى تحويل المخيمات إلى منبع للمقاومة والعطاء، وحبهن وتعلقهن بالطبيعة والزراعة، جعلن من المخيمات لوحة فسيفسائية خضراء ملونة بالزهور والأشجار، إلى جانب زرع الخضروات كخطوة للاكتفاء الذاتي وتخفيف حدة الحصار المفروض من جيش حكومة دمشق على مقاطعة الشهباء، ومجابهة الغلاء الكبير في الأسواق من جهة أخرى.
وحول ذلك استمعت صحيفتنا، خلال جولة ضمن مخيم برخدان الواقع في بلدة فافين في مقاطعة الشهباء، آراء نساء عفرين المهجرات.
زراعة الورود والاهتمام بها يريح البال ويعيد الذاكرة إلى مدينتنا
وحول ذلك، أشارت “نديمة ددو”، بأن الزراعة تخفف من معاناة التهجير: “تعرف مدينتنا عفرين بطبيعتها الخلابة، وكثرة الزراعة فيها، اعتدنا على أن يكون من حولنا الأزهار والورود. فبعد تهجيرنا من عفرين لم يبقَ لنا شيئا سوى هذه الخيمة، التي تحتوي آلامنا وجراحنا، لذلك نلجأ للزراعة فهي تريح بالنا، أحب الجلوس مع الورد فهي صديقة للإنسان”.
كما أضافت نديمة، بأن الزراعة تعيد ذاكرتها واشتياقها لمدينتها المحتلة: “حينما كنا في منزلنا في عفرين، كنا نهتم كثيرا بالزراعة، نزرع أنواع الورود، إلى جانب زرع الخضروات، لذلك إن هذه التفاصيل تستعيد بنا إلى مدينتنا قبل الاحتلال، قبل أن تغتصب ملامحها وجمالها من أعداء الإنسانية والطبيعة، نحن نشتاق لتلك الملامح”.
سنعود يوما ما 
وفي ختام حديثها، أكدت نديمة على أن أملها في العودة إلى منزلها سيتحقق يوما ما: “إننا على مدار أعوام متواصلة، نعيش على آمال كبيرة، أمل تحقيق النصر، والعودة بكرامة، وهذا الأمل لن ينتهي إلا بتحقيق أهدافنا، كلنا إيمان بأنه سيأتي يوم ما، وأعود لأزرع منزلي، وأزينه كما كان، وسيتحرر من أيدي تلك الأوغاد”.
نخفف عبء الحصار والغلاء
إلى جانب الاهتمام بالورود وتزيين الخيم، نوهت “زينب أحمد” بأنهن يحاولن عبر زراعة الخضروات تخفيف عبء الحصار والغلاء: “منذ أن هجرنا إلى مقاطعة الشهباء، نعيش في ظروف معيشية صعبة، نتيجة البعد عن الوطن إلى جانب استمرار الهجمات التركية، والحصار المفروض من حكومة دمشق، والذي يؤثر بدوره على العديد من الجوانب الحياتية، وتسبب الغلاء  الكبير في زيادة الأسعار، لذلك نلجأ إلى زراعة الخضروات المنزلية كالخس والنعناع والبقدونس، وغيرها بجانب خيمتنا، كي لا نضطر لشرائها من السوق ولنضمن بأننا نأكلها نظيفة وسليمة”.
استكملت زينب حديثها، بأن قطع المياه أثر بشكل كبير على المخيمات بما فيها الزراعة: “إلى جانب كل ما نتعرض له، قطعت منظمة اليونسيف المياه أيضاً علينا، وهذا يؤثر بشكل كبير علينا وخاصةً مع قدوم فصل الصيف، كما يؤثر على الخضروات التي زرعناها، إننا نعي تماماً هذه السياسات، التي تُحاك ضدنا”.
مع كل غرسة نزرع أمل ولن يستطيعوا كسر إرادتنا
 وأكدت زينب محمد في ختام حديثها، بأن مقاومتهم وإرادتهم لن تنكسر حتى تحقيق العودة إلى عفرين محررة: “كل وردة وكل شجرة وكل غرسة، هي أمل جديد لحياة جديدة مفعمة بالإرادة والنضال، وهذه الإرادة لن تنكسر مهما كثرت محاولات الإبادة، التي تُمارس ضدنا، إلا أن نحقق العودة إلى عفرين محررة”.