سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

من الفجرِ إلى النحر… عمال يعملون طويلاً دون أدنى حقوق

الشدادي/ حسام الدخيل_

ساعات طويلة مضنية، ومرهقة يقضيها عمال في سوق العمل، بعيدا عن الرقابة الرسمية، ضمن إجحاق حقوق، وغياب الضمان الصحي، ولقاء أجر زهيد غير متناسب مع مجهودهم المنهك، الذي لا يقيهم كفاف العيش، ولا يضمن لهم حياة كريمة لما يعيلون من أفراد.
يسابقون أشعة الشمس في النهوض باكراً، استعداداً ليوم عملٍ شاقٍ وطويل، من أجل تأمين لقمة العيش لأسرهم التي أرهقتها تقلبات الحياة الاقتصادية.
 وبهذا الصدد التقت صحيفتنا “روناهي” عدداً من العمال، الذين يعملون ساعات طويلة، مقابل أجر ضئيل جداً، لا يكاد يكفي حاجاتهم اليومية، حيث حدثنا عن ذلك  العامل “عبدالله”، وهو رجلٌ على أعتاب الخمسين، وهو أب لثمانية أولاد، وينحدر من قرى ريف الشدادي الشمالي، علقَّ على الأجر، الذي سيتقاضاه جراء عمله في ورشة صغيرة خاصة بالأعمال الحرة، ويحصل على أجر لا يتخطى الـ “عشرة آلاف ليرة سورية”، أي ما يعادل 1.7 دولار أمريكي: “الأوضاع صعبة جداً، من سيتكفل بأبنائي في حال لم أخرج إلى العمل؟  فأنا مضطر لأعمل أي شيء، حتى تلك الأعمال، التي لم يعد يقوى جسمي على تحملها، ولكن هذه مشيئة الحياة، ركبنا سفينتها، وقبلنا المغامرة، التي فرضت علينا”.
ويتابع: “أعمل يومياً قرابة عشر ساعات، في أكثر الأعمال تعباً وجهداً، مقابل أجرٍ لا يتجاوز عشرة آلاف ليرة، أي ما يعادل ثمن كيلو لبن، وربطة خبز، نعرف جيداً إن هذه الأجرة لا تتناسب كلياً مع الجهد العضلي، الذي نتعرض إليه من جهة، ومن جهة أخرى لا تتناسب إطلاقاً مع مصروف العائلة اليومي، فالعائلة تحتاج على أقل تقدر، ومع الاستغناء عن الكثير من المواد الأساسية قرابة الـ 35 ألف ليرة سورية، بينما الأجرة، وفي حال عملت بشكل يومي لا تتجاوز عشرة آلاف، من يستطيع حل هذه المعادلة الصعبة، ومن يستطيع سد هذه الفجوة؟ نحن أيضاً لدينا أبناء ومن حقهم أن يعيشوا حياة كريمة، يبدو إن العدل قد فُقِد في هذه الأيام، ننتظر الفرج من الله، فمن سواه ينصفنا.”
فيما يعمل الشاب “علي المحمد” ابن الـ(27) عاماً في الورشة ذاتها وبالأجر نفسه، حيث حدثنا بدوره قائلاً: “نعمل يومياً قرابة عشر ساعات، نسابق خيوط الفجر، ولا نعود إلا أن تسدل الشمس جفونها، نحمل أوزاناً تفوق وزننا، ولا نتوقف طيلة عشر ساعات عن الحركة والعمل وكأننا آلات، لا نستريح إلا لتدخين سيجارة، ننفث بدخانها تعبنا، أو لتناول لقمة طعام، في حال تكرم علينا أرباب العمل بها، نعايش أصعب الظروف، وأكثرها قسوة، تكوي جباهنا حرارة الصيف اللاهبة، ويلفحها زمهرير الشتاء القارس”.
وأضاف قائلاً: “نعمل بأجرٍ زهيد، لا يكفي لسد حاجة عائلاتنا، وبدون أي ضمان، ولا حتى تأمين صحي، في حال تعرض أحدنا لإصابة عمل، فإنه يتحمل تكاليف علاجه بنفسه، إن استطاع تأمين ثمن العلاج”.
واختتم الشاب “علي المحمد” حديثه: “لا أرى أي مستقبل ينتظرنا، نحن نقضي النهار بأكمله بالعمل لنعيش بالقطارة، كيف لي أن أفكر ببناء منزل، أو أن أعيل أسرتي بكرامة، وكيف لي أن أبعد أبنائي عن الحاجة، وألا أجعلهم يعيشون الواقع المخزي الذي نعيشه؟”.
عبد الله
علي المحمد