سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مقايضة أردوغان غزة والسويد مقابل شمال وشرق سوريا

نوري سعيد_

ما كان لأردوغان الاعتداء على شمال وشرق سوريا لولا حصوله على الضوء الأخضر من أمريكا وروسيا، فتركيا عضوة في الناتو وأمريكا لا تريد أن تخسر هذا الحليف، أما روسيا فهي تحاول إقامة تحالف أوراسي وكسبها إلى جانبها، لهذا؛ فإن تصريح بلينكن وزير خارجية أمريكا حول الاعتداءات كان خجولاً ولا يرقى إلى درجة التحذير والتهديد (أمريكا غير راضية عما تقوم بها تركيا في شمال وشرق سوريا)، بعكس التصريحات السابقة التي كانت تحمل طابع التهديد وعدم السماح لأي طرف الاعتداء على حلفاء أمريكا في حربها ضد داعش لأن ذلك يُنعش التنظيم الإرهابي، ولكن مع ذلك فالدول الكبرى لا تتحرك سوى وفق مصالحها، وموافقة تركيا على انضمام السويد للناتو، والكف عن دعم حماس، سهّل لها الهجوم على المنطقة، لهذا سيكون عام 2024ساخناً لدول المنطقة، وإدارتنا الذاتية؛ لأن تركيا لن تتوانى عن هجماتها و تهديداتها، وستعمل على وأد التجربة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، وضرب الاستقرار وخلق الفوضى، ولكن الشيء الذي يبدو أنه غاب عن أردوغان إن الهجوم لن يكون سهلاً، وستدفع تركيا ثمناً باهظاً رغم إننا ندرك أن لا أحد سوف يدعمنا من الأطراف الدولية، وعلينا الاعتماد على قوانا الذاتية، ولكن طالما هناك مشروع تحاول أمريكا والغرب تنفيذه تحت اسم الشرق الأوسط الجديد، الذي يهدف إلى إنصاف الأثنيات وشعوب المنطقة، فإن تركيا ستكون الخاسر في نهاية المطاف، لأنها ترفض أي انفتاح على الشعوب المتواجدة في تركيا، وتنكر وجودها، بما فيها شعبنا الكردي، وتركيا لا تعادي الكرد في تركيا فقط، بل الكرد في الأجزاء الأخرى، أيضاً فأردوغان صرح أكثر من مرة “أخطأنا في العراق ولن نكرر الخطأ في سوريا”، مع أن (قسد) لم تعتدِ يوماً على تركيا، وهجوم تركيا الحالي وضرب البنى التحتية والمشاريع الخدمية وقتل المدنيين، يشير عن حقد شوفيني للإدارة الذاتية التي كل ما تطالب به التآخي والعيش المشترك، ولا تتبنى أية صبغة عدوانية لأي جهة بما فيها تركيا.
 من هنا لابد من رص الصفوف لأن القادم أعظم، ولأن أردوغان أداة تستخدمه الطغمة الفاشية العسكرية في تركيا، لإعادة العثمنة والتوسع على حساب دول الجوار، واستعمار شعوبها من جديد، من هنا يمكن القول: سوف تتعرض المنطقة لأحداث دراماتيكية في العام الجديد، ولكننا مع ذلك متفائلون انطلاقاً من مقولة أشقاءنا اللبنانيين “اشتدي أزمة تنفرجي”، فالأزمة السورية طالت، وتركيا تستغل الأوضاع في وطننا، ولكن ما بعد الضيق إلا الفرج، كما يقال، وسوريا سوف تنهض من بين الركام بهمة كافة السوريين، والشعب السوري برمته يدعو الدول العربية الشقيقة وكل الدول الحليفة والمجتمع الدولي للوقوف معها لصد العدوان التركي التوسعي، فلقد تحولت تركيا إلى اخطبوط تمد أذرعها في كافة الجهات دون أي اعتبار لأي طرف، وتستغل الظروف لصالحها واللعب بورقة المصالح، ولكن على تركيا أن تدرك إن ما تقوم به من اعتداءات وتدخلات وخلط الأوراق، سيؤدي إلى انعاش داعش وهذا طبعاً يعد خطاً أحمر لأي جهة تقدم على ذلك، ولن ينفع تركيا مقايضة غزة والسويد بشمال وشرق سوريا لأن خلط العنجهية مع السياسة لا ينفع.