سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مقاومة الكريلا قفزة نوعية

 دجوار أحمد آغا_

المقاومة أمر طبيعي، ومن حق الكائنات الحية كافة، فهي من أسس الحماية، التي تُعدُّ أحد الركائز الأساسية الثلاثة لاستمرار الحياة (الغذاء، التكاثر، الحماية). وهي حق مكفول للبشر وفق القوانين، التي وضعها الحقوقيون والقضاة، فهناك الكثير من الاتفاقيات الدولية التي تحمي الإنسان، وتسمح له بالمقاومة في مواجهة أي احتلال أو اعتداء خارجي. وهناك أمثلة كثيرة على مقاومة الشعوب في مختلف بقاع العالم ضد المحتل والمعتدي (فيتنام، وكوبا، وفرنسا، والاتحاد السوفييتي، والبلدان العربية، والهند، والصين، وغيرها).
بداية نشوء القوات الكردية
الكرد لم يشذوا عن هذه القاعدة في حماية أنفسهم ووطنهم والدفاع عنه، والمقاومة في وجه الغزاة الطامعين منذ القديم، وحتى يومنا هذا. وقد خاضوا انتفاضات وثورات كثيرة في مواجهة الأعداء لكنها جميعها باءت بالفشل. خلال انتفاضة الشيخ محمود الحفيد 1919 ـ 1923 تم تأسيس قوات مقاتلة أطلق عليها اسم (بيشمركة)، أي الذي لا يهاب الموت، ومن ثم تم اعتماد هذه التسمية لقوات جمهورية كردستان الديمقراطية في مهاباد سنة 1946، ومن ثم أصبحت التسمية حزبية تستخدمها أحزاب كردستانية بالدرجة الأولى (الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني) في باشور كردستان مع وجود أعداد أقل لبقية أحزاب باشور.
ظهور الكريلا 
مع انطلاق حركة حرية كردستان في العام 1978 من باكور كردستان، تبين بضرورة وجود قوة عسكرية تستطيع أن تقف في وجه العدو المحتل، وتقول: “أنا هنا ولا يمكنك أن تفعل ما يخلو لك في وطني”. تأكدت هذه الرؤية التي توصل إليها القائد عبد الله أوجلان بعد ضربة 12 أيلول 1980 وكان من المفترض أن تبدأ قفزة آب التاريخية في العام 1983، ولكن لبعض الظروف تأخرت إلى 15 آب 1984، فظهرت قوات الدفاع الشعبي HPG (الكريلا) بقيادة الشهيد الكبير معصوم قورقماز (عكيد) في مواجهة جيش الاحتلال التركي.
خلال فترات متعددة، أثبتت هذه القوات بأنها قوة مهيأة لتوجيه ضربات موجعة، ومؤلمة للعدو الغاصب. الأمر الذي أدى إلى جنون الدولة العميقة، وقادتها في الناتو (الغلاديو). ومع ظهور الكريلا بدى الارتياح كبيراً لدى الشعب الكردي، وانضم إلى صفوفها المئات من الشبان والشابات الكرد، وفيما بعد ازدادت أعداد قوات الكريلا ومن مختلف شعوب المنطقة. كما جرى تأسيس وحدات المرأة الحرة   YJA – STAR قوة نسائية مقاتلة ضمن قوات الكريلا.
تكتيكات الكريلا 
تطورت الحرب بشكل كبير خلال أربعة عقود من الزمن، وأصبحت الكريلا قوات ذات خبرة وتجربة قوية في القتال خاصة، وأنها ابنة الجبال، وتقاوم من أجل تحرير وطنها من العدو. مع تطور الحرب بشكل متسارع، كانت الكريلا أيضاً تقوم بتطوير نفسها وأساليبها القتالية وفق المستجدات العسكرية والتكنولوجية منطلقة من ضرورة مواكبة التطور من أجل الاستمرار في التصدي للعدو.
الكريلا طورت التكتيكات القتالية، وقد اتقنت عمل التقنية وتوازن التكنولوجيا للعصر، وهذا وضع مهم واستراتيجي للغاية، وخاصة التطور التكتيكي. فأصبح بمقدور الكريلا القتال تحت الأرض باستخدام الأنفاق، وبمقدورها أيضا خوض معارك ضارية في الأرض والجو، هذا الأمر يكشف حقيقة قوة النضال الكردي للحرية، هذه القوة المبنية على أربعين عاماً من الخبرة وعلى فكر وفلسفة القائد APO، هي حقيقة قوة لا تُقهر.
استخدام المحتل الأسلحة المحظورة
 عندما فشل المحتل التركي في تحقيق نتائج من هجماته العسكرية والضربات الجوية، والقصف المدفعي والصاروخي، لجأ الى أسلوب الجبناء باستخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً، والتي وقعت تركيا نفسها على وثيقة عدم استخدامها. وبدأت مرة أخرى ممارسة أسلوب الإبادة الجماعية بحق البشر والحجر، حيث ظهر جلياً مدى حقد وكره السلطات الحاكمة في أنقرة للكرد والقضية الكردية. فهي تقوم وبشكل مقصود بتدمير الغابات، وحرق الأشجار، وتلوث المياه بقصد إنهاء سبل الحياة في مناطق كردستان.
الكريلا قوة لا تُقهر 
هذه هي الحقيقة، فهذه القوات، التي اكتسبت خبرة عسكرية تجاوزت 40 عامًا للكوادر، واكتساب المهارات والأداء، فضلاً عن التطوير الأيديولوجي والتنظيمي في 51 عاماً من الآن، تطور نضالها بقوة بأساليب جديدة مستفيدة من الخبرة والمعرفة والانضباط العسكري.
وقد أكّد عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني وقائد القيادة المركزية لمركز الدفاع الشعبي مراد قره يلان، أن الحملة الثورية التي نفذها مقاتلو الكريلا ضد جيش الاحتلال التركي؛ أظهرت فشل “خطة الهزيمة” التي اعتمدت عليها الإدارة الفاشية لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية. كما أكّد بأن الجانب الأكثر أهمية في استراتيجية الحرب هو تحقيق نتائج عظيمة بأقل الخسائر، وخاصة في السنوات الثلاثة الماضية، فإن التكتيكات التي طورتها كريلا حرية كردستان على أساس روح الفدائية الآبوجية قد كشفت بوضوح هذه الحقيقة.