سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مقاومة أهالي عفرين في مخيم الشهباء

حنان عثمان –
كنا شهوداً عياناً على عظمة المقاومة والبسالة الرائعة، والتي ذاع صيتها عالمياً لأهالي عفرين، عندما شن جيش الاحتلال التركي وحلفاؤه من مرتزقة داعش بتاريخ 20 كانون الثاني 2018م هجماتٍ وحشيةً على المدينة, أهالي عفرين وعلى مدار شهرين دافعوا عن أنفسهم وأرضهم وسطَّروا أروع الملاحم البطولية ضد آلة القتل التركية وإرهاب المرتزقة. وبهدف منع وقوع المزيد من الضحايا وتجنب حدوث مجازر في عفرين، أعلنت الإدارة الذاتية الانسحاب من المدينة. ومنذ ذلك التاريخ وأهالي عفرين يعيشون النزوح القسري وبمختلف ضغوطاته الجسدية والنفسية.
وللمشاركة في حملة «انتفضن من أجل عفرين» قدَّمت أنا ووفد نسائي يضم حقوقين وإعلامين ونواب سابقين إلى مخيم برخدان ومخيم سردم، وكنت مرة أخرى شاهدة على الظروف الصعبة لأهالي عفرين الذين هجروا قسراً من المدينة، والذين يعيشون في مناطق الشهباء في ظل أوضاع إنسانية صعبة، في حين أنَّهم وصفوا معاناتِهم على أنَّها جزءٌ من المقاومة ضد الاحتلال رافضين التخلي عن أرضهم ولا بأي شكل من الأشكال. وخلال جولتنا في المخيم لم نرَ أيَّاً من المنظمات الدولية أو الإنسانية هناك.
مهجرو عفرين الذين يُقدَّر عددهم بأكثر من 100 ألف شخص منهم من يقيم في المخيمين المذكورين. ومنهم من كان منتشراً في خيم وبيوت في نواحي فافين, احرص، والعديد من القرى في مناطق الشهباء.
تحدثنا مع العديد منهم نساءً ورجالاً وأطفالاً، وقالوا: إنَّهم لم يتمكَّنوا من إخراج شيءٍ من أغراضهم وتركوا كل ممتلكاتهم خلفهم، وخرجوا باللباس الذي يرتدونه.
وتحدثنا إلى سيدة مسنّة كانت تجلس القرفصاء أمام باب خيمتها وتغسل بعض الثياب المكومة داخل آنية معدنية، وكان الحزن يلف وجهها، فتحدثت عن الظروف الصعبة التي يعيشونها داخل المخيم في غياب المنظمات الدولية، إلا أنها أكدت وبإصرارٍ على أنَّها تطالب بأمرٍ واحدٍ ولا شيء آخر سواه؛ وهو العودة إلى منزلها, وأرضها وبستان زيتونها في أقرب وقت ممكن.
خلال جولتنا الأولى في مدينة عفرين، والثانية في مخيم الشهباء، أدركت جيداً أنَّ الحروب والعدوان والنزوح هي أقسى الضغوطات النفسية التي يمرُّ بها الإنسان، كونها تهديدٌ مباشرٌ لحياته وحياة عائلته، وتهديد لممتلكاته ومستقبله، لكن كل من التقيناه في المخيم من رجال ونساء عفرين عبروا عن استعدادهم للتأقلم مع جميع الظروف القاسية والصعبة. جميعهم متفقون على هدفٍ واحدٍ هو تحرير عفرين من الاحتلال وتطهير أرضها من المرتزقة والعودة في أسرع وقت ممكن إليها. موضِّحين أن مخيم برخدان سيكون ساحة للمقاومة حتى تحقيق النصر.
ومرة أخرى كان أهالي عفرين مصدر القوة والمعنويات والإرادة والتصميم لكل الشخصيات والوفود التي زارت المخيم.