حنّان مامد –
يظهر جليّاً مدى استخدام إدارة البيت الأبيض السياسة البرغماتية الآنية في العديد من قضايا الشرق الأوسط وتبتعد رويداً رويداً عن رسم استراتيجية واضحة لأغلب مشاكل وأزمات المنطقة، كما عهدناها فيما سبق من تنفيذ سياسات بعيدة المدى تخص الأمن الإقليمي والعالمي.
فبعد استلام ترامب سدة السلطة في أمريكا تراجعت السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية على أساس الشعار الذي استخدمه ترامب في حملته الانتخابية والذي كان أمريكا أولاً أي أنه كل الأجندات والأعمال الدولية الخارجية والداخلية يجب أن تتم ضمن خانة المصالح الأمريكية العليا، قد يقول البعض هذا الكلام يعرفه القاصي والداني وهو معروف بالنسبة لدولة تمثل أعلى سلطات الحداثة الرأسمالية.
لكن ما هو غريب ومستجد هو التناقض الأمريكي في تطبيق الاستراتيجية في ساحات الشرق الأوسط بالتباين مع ظهور استراتيجية واضحة لروسيا الاتحادية، التي تعمل بكل أجنداتها وأساليبها القويمة والملتوية في وضع موطئ قدم على مجمل ساحات الشرق الأوسط، من خلال موقفها المساند والمستميت بالدفاع عن الدولة السورية وأيضاً بعقد العلاقات القوية مع الدول العربية خاصة الدول الخليجية وهيمنتها السياسية والعسكرية في محاولة التأثير على دول الشرق الأوسط، واللعب على توازنات متعددة مع تركيا من خلال استخدام سياسة الترهيب والترغيب لفصل تركيا عن الحاضنة الغربية وفكّ ارتباطها السياسي والعسكري والأيديولوجي والاقتصادي عن هيمنة الحلف الأطلسي.