سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مظاهرات عفرين كشفت حقيقة المنطقة الآمنة

رامان آزاد_

جاءتِ المظاهراتُ وحالةُ الفوضى العارمة التي شهدتها مدينتا عفرين وجنديرس ومدنٌ أخرى تخضعُ للاحتلالِ التركيّ ونفوذه في توقيتٍ لا يتناسب مع تهديداتِ أنقرة بشنِّ هجمات احتلالية جديدة على شمال وشرق سوريا، وأسقط تطورُ المظاهراتِ إلى إطلاقِ نار ووقوع قتلى وإصاباتٍ دعايةَ أنقرة عن المناطقِ الآمنةِ، وبيّن زيفَ الخدماتِ التي توفرها سلطاتُ الاحتلالِ وأنّها مؤسسات ربحيّة جشعة، وكشفت عن فساد المجالس المحليّة وفشلها في إدارة المناطق، لترتفعَ الأصواتُ مطالبةً بخروجِ الاحتلالِ.  
مظاهرة احتجاجيّة وإطلاق نار
تمت الدعوة للخروج في مظاهرة احتجاجيّة كبيرة رفضاً لرفع أسعار استهلاك الكهرباء والانقطاعات المتكررة وضد المجلس المحليّ يوم الجمعة بعد الصلاة، على أن يكونَ التجمعُ في دوار نوروز بعد الخروج من المساجد، إلا أنّ الاستجابة كانت محدودةً جداً، وأصدر من سمّوا أنفسهم “مجموعة الثوار والمهجّرين في عفرين” بياناً أعلنوا جاهزيتهم الكاملة لإغلاقِ شركةِ الكهرباءِ بالكاملِ ومنعِ الموظفين العاملين فيها من مزاولةِ أعمالهم ضمنها حتى تتحقق مطالبهم، في يوم الاثنين 6/6/2022، بحسب البيان.
وتم تجديدُ الدعوةِ للتظاهرِ الساعة العاشرة مساءً، ويبدو أن ثمة تنسيقاً قد جرى لتشمل المظاهرات عدة مدن وبلدات، وفي التوقيت المحدد خرج المظاهرة الاحتجاجيّة في مدينة عفرين المحتلة، واقتحم المتظاهرون مبنى شركة الكهرباء في حي المحموديّة وحطموا الحواسيب ومحتوياته وأضرموا النار فيه، وتوجّهوا إلى المجلس المحليّ في عفرين وأحرقوه.
حاول عناصر القوى الأمنيّة التابعة للاحتلال فضَّ المظاهرة بالقوة، وأطلقوا النار عشوائيّاً، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين المتظاهرين وعناصر الشرطة، فيما شاركت القوات الخاصة التركيّة وأطلقت النار وقنابل الغاز المسيّلة للدموع في محيط السرايا حيث مقر ما يسمى “الوالي”، ما أسفر عن ثلاث إصابات في صفوف المتظاهرين برصاص حرس الوالي التركيّ عُرف منهم: أحمد عيسى من إدلب، وفرحان الحويجي من إعزاز.
وبالتزامن مع مظاهرة عفرين، خرجت مظاهرات احتجاجيّة ضد شركة الكهرباء في كلٍّ من صوران وجنديرس ومارع، واستنفرت القوى الأمنيّة، وفي مارع حطم المتظاهرون مكاتب شركة الكهرباء وأضرموا فيه النار.
قتيلُ الشرقية “داعشي” سابق
ما حدث في مدينة جنديرس كان مشابهاً لما جرى في مدينة عفرين، فقد استنفرت القوى الأمنيّة واندلعتِ الاشتباكاتِ واُستخدمت قنابل الغاز المسيّل للدموع ضد المتظاهرين، وأطلق الرصاص من قبل عناصر الشرطة والحرس التركيّ. لدى اقتحام مبنى شركة الكهرباء في مدينة جنديرس. وأصيب مسلح من مرتزقة “جيش الشرقية” إصابة خطرة، نُقل إلى إثرها إلى مشفى في تركيا، لتستنفر على إثرها مرتزقة “جيش الشرقيّة” في الناحية.
وصباح السبت نعت أوساط المرتزقة مقتل المدعو “أبو خديجة الديريّ”، ووصفت مقتله بأنّه قضى برصاص الغدر والخسة، وعلى إثر تداول خبر مقتله استنفر مرتزقة “جيش الشرقيّة” وأغلقوا الشوارع بالإطارات المشتعلة، وطوّقوا مركز شرطة جنديرس وطالبوا بتسليم مطلقي الرصاص على المتظاهرين من عناصر الشرطة والحرس التركيّ إلى القضاء، وعلى خلفيّة التوتر في جنديرس سحبت الشرطة المدنيّة عناصرها من على مختلفِ الحواجز، وبالتوازي مع حالة الاستنفار العسكريّ وقطع الطرقات تجمّع مئات المرتزقة لتشييع القتيل “أبو خديجة الديريّ”.
الاضطرابات أسفرت عن ثلاث إصابات وتمّ تداول رقم ست إصابات، وقد عُثر على جثة متفحمة في مبنى المجلس المحليّ في عفرين التي أُضرمت فيها النيران، وعُرف أنّها تعودُ للمدعو هلال توفيق هلال وينحدر من بلدة بيانون بريف حلب الشمالي.
 وأصدرت الشركة السوريّة التركيّة للكهرباء بياناً مقتضباً قالت إنّ الشركة تتعرض لأعمالٍ إرهابيّة وتخريب ممنهج يستهدفُ البنية التحتيّة لقطاع الكهرباء، إلا أنّها حذفت بعد ساعات البيانَ من معرفاتها، فيما تجددت الدعوات للخروج في مظاهرة مساءً.
المسلح الذي نعته مرتزقة “جيش الشرقيّة” باسم “أبو خديجة الديري” هو فواز الخليف من مواليد قرية الحريجية التابعة لبلدة الصور ــ 1992، وقد انضم في وقتٍ مبكرٍ من الأزمة السوريّة إلى “لواء درع الأنصار” في دير الزور، شارك معه في معارك عديدة، ومع سيطرة “داعش” على المنطقة انضم إلى صفوفه.
شارك في العديد من المعارك معه منها: بلدة الصور ومركدة ودوار الحلبيّة وحاجز الثروة السمكيّة وفرع السياسيّة والحويقة، وبقي لفترة في حي الرصافة. وانتقل إلى منطقة القلمون وشارك في معارك هناك.
بعد نهاية داعش جغرافياً انتقل إلى إدلب وانضم إلى جيش الفتح، ومن بعدها شارك في العدوان على عفرين في 20/1/2018، وسكن في بيت مستولى عليه في بلدة جنديرس، ثم شارك في الهجمات الاحتلالية على مدينة سري كانيه في 9/10/2019.
تجددتِ المظاهراتُ والهدف مختلف!
التظاهرُ المترافق مع أعمال عنف وإطلاق نار وإصابات لا يتوافق مع سياسة أنقرة التي تروّج لمسمى المنطقة الآمنة للمناطق التي تحتلها، كما أنّه غير مناسبٌ في هذا التوقيتِ وينعكسُ سلباً على مساعي أنقرة، التي رفعت مستوى التهديدِ بشنِّ هجمات احتلالية جديدة لتوسيع المنطقة الآمنة، وهي بحاجة لمرتزقة سوريين لخوضِ المعارك، ولا يمكنها التضحية بجنودها، خشية تداعيات ذلك على الداخل التركيّ، هذا إن بدأتِ بشن الهجمات!
ولذلك بدأت مباشرة محاولاتٌ تبريرِ الحوادث والإيهام باتخاذ إجراءات المحاسبة، فيما تبادلت أوساط المرتزقة الاتهامات بالخيانة والعمل لصالح دمشق، ووُجّهت الاتهامات تحديداً إلى مرتزقة “الجبهة الشاميّة وجيش الإسلام” بافتعال الأحداثِ وتخريبِ المؤسسات وسرقةِ محتوياتها لضرب الاستقرار وإثارة الفوضى!
وفي سياق التبرير تجددت الدعوة للخروج للتظاهر مساءً، لإعطاءِ صورةٍ شكليّة لهامشِ الحرية وإمكانيّة التعبيرِ، في المنطقة التي تسميها أنقرة “آمنة”، وتسعى لإعادة مليون لاجئ سوريّ إليها، فيما مشاهدُ الفوضى وإطلاق النارِ على المحتجين تُسقط التوصيف، ولذلك كانتِ المبادرة إلى توصيفِ ما جرى بأنّه عمل أفراد، وتأكيد ذلك بخروجِ مظاهرةٍ جديدةٍ لا يتمُّ فيها التعرضُ لأحد، ولا تتطلبُ المسالةُ أكثر من خروجِ أعدادٍ محدودةٍ من الأشخاص إلى الساحاتِ ويمارسوا طقوسَ الهتاف  بالشعاراتِ حول إطار مشتعل، فيما يتولى الإعلامُ باقي المهمة بتسويقِ المشهد!
القضية لا تتعلق بحجم التظاهر وإنما بمضمونه وأهدافه، فقد تخللت مظاهرة مساء الجمعة شعارات نادت بإنهاء الاحتلال والعودة إلى القوى والبلدات الأصليّة، وصرخ متظاهرون “سوريا حرة حرة، والتركيّ يطلع برا” ولعل ذلك كان السبب المباشر لإطلاق النار!
بالمجمل كان المطلوبُ صناعة مشهدٍ، عكس مشاهد ليلة الجمعة، وبخاصّةٍ أنَّ الاتهام وُجِّه إلى الجنودِ الأتراكِ بفتحِ النارِ واستخدامِ الغاز المسيّل للدموع في عفرين وجنديرس! والرسالة المراد إيصالها: أنّ إطلاق النار جرى بسببِ أعمالِ عنفٍ فبادر الجنود لإطلاقِ النارِ من موقعِ الدفاعِ النفسِ، فيما مرتِ الأمورُ بسلام عندما التزم المحتجون ولم يقوموا بأعمال عنفٍ.

حوامات روسيّة فوق خطوط التماس
في تأكيدٍ على حضورها العسكريّ، حلقتِ الحواماتُ الروسيّةُ صباح الأحد 5/6/2022، على ارتفاع منخفض فوق قرى الشهباء، لمرة الخامسة على التوالي، في سلوك بدا وكأنّه دوريات منتظمة، ومعلومٌ أنّ هذا النوع من الطيران يُنفذ بغايات استطلاعية ومعلوماتيّة، وعلى محاور الطيران نفسها نفذت الحوامات الروسيّة طيراناً يوم السبت فوق منطقة الشهباء على ارتفاعٍ منخفض، وواصلت طيرانها على طولِ خط التماس في قرى غرب الباب ومعبر أبو الزندين، وكانت الحوامات الروسيّة قد نفذت طيراناً صباح الجمعة على ارتفاع منخفض فوق منطقة الشهباء.
وخلال أقل من 24 ساعة حلّقت الحوامات الروسية مرتين فوق قرى الشهباء، فقد طارت ست حوامات قتاليّة صباح الاثنين على ارتفاعٍ منخفض فوق قرى الشهباء، وعاودت الطيران بعد منتصف الليل على الارتفاع نفسه تقريباً فوق الشهباء وخطوط التماس مع جيش الاحتلال التركي وفصائل المرتزقة التابعة له.
ونقلت وكالة روماف أنّ تعزيزات كبيرة من الجيش السوريّ وصفتها بأنّها الأضخم تضمنت عشرات المدافع الثقيلة وراجمات الصواريخ إضافة إلى دبابات T90 وT72 قد وصلت إلى الجبهات الجنوبيّة والغربية في منطقة الباب.
ومساء الأربعاء وصلت تعزيزات عسكرية من الجيش السوريّ إلى محيط بلدة تل رفعت، بغطاء جويّ من الطيران الروسيّ، ونقلت نورث برس عن شاهد عيان، أنّ “التعزيزات العسكريّة تضمنت دبابات ومدرعات وذخيرة وجنود إلى بلدة تل رفعت”، وكانت تعزيزات عسكريّة من الجيش السوريّ قد وصلت إلى مطار منغ العسكري القريب من البلدة يوم الاثنين 30/5/2022، وتأتي هذه التعزيزات العسكريّة في ريف حلب الشمالي.
قصف تركيّ مُتواصل
شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيداً ميدانيّاً وقصفاً مكثفاً استهدف قرى منطقة الشهباء وقرى عفرين غير المحتلة، وصباح السبت 4/6/2022 قصف جيش الاحتلال التركيّ بنحو عشرين قذيفة أوبيس قرية بينه/ إبين وسط مخاوف الأهالي من احتمال اندلاع النيران في الأراضي الزراعيّة، كما جدد قصف القرية بعد ساعات، واستهدف بأكثر من عشر قذائف مدفعية قرية بيلونية في منطقة الشهباء.
صباح الجمعة 3/5/2022، قصفَ جيش الاحتلال التركيّ وفصائل المرتزقة الموالين له قرية قنيطرة بناحية شيراوا، وبعد الظهر تجدد قصف مدفعية جيش الاحتلال التركيّ مستهدفاً محيط قرية بينه/ إبين بناحية شيراوا بأكثر من 30 قذيفة.
مساءً قصفت مدفعية جيش الاحتلال التركيّ انطلاقاً من قاعدة تل مالد قرى أم القرى وتسبب بإصابة المواطن يونس داوود (33 سنة) من أهالي آفرازه وابنه، كما تسبب القصف بأضرار ماديّة، ووسع جيش الاحتلال قصفه ليستهدف قرى أم حوش وأطراف النقطة الروسيّة في قرية الوحشية، ثم عاود القصف مستهدفاً قريتي حربل وأحرص. وقبيل منتصف الليل تجدد القصف ليستهدف قرى: أم حوش والوحشية إضافة لقرى كفر ناصح واحرص وتل قراح.
الخميس 2/6/2022 استهدف جيش الاحتلال التركيّ مساءً محيط قريتي: تل شعير وحليصة في منطقة الشهباء، كما قصف قرى شوارغة وقلعة شوارغة بناحية شرا/ شران وبينه/ إبين بناحية شيراوا، فيما تسبب قصف قرية تنب بإصابة الطفل حسين محمد مصطفى (13 سنة) أثناء رعيه الأغنام في محيط القرية ونفوق عددٍ من رؤوس الماشية.
الأربعاء 1/6/2022، صباحاً استهدفت طائرةٌ مُسيّرة انتحاريّة تركيّة، مبنىً يضمُّ عياداتٍ طبيّة (نسائيّة وسنيّة ومخبر للتحاليل) على الشارع الرئيسيّ وسط بلدة تل رفعت تل رفعت، وكانتِ العيادة النسائيّة للدكتور خليل شيخ حسن في الطابق الثاني، الأكثر تضرراً، والدكتور خليل كان قد وصل إلى الطابق الأول في المبنى لحظة الاستهداف، وبذلك اقتصرتِ الأضرار على الماديّة فقط.
وتناقلت عشراتُ المواقع الإعلاميّة وصفحات التواصل خير استهداف طائرة مُسيّرة تركيّة لعيادة طبيّة في بلدة تل رفعت صباح اليوم وكان الخبرُ مرفقاً بمقاطع مصوّرة… فيما تمّ تداولُ الخبرِ نفسه من قبل جهاتٍ إعلاميّة مقربة من أوساطِ المرتزقة، على أنّه استهدافٌ لمنزلِ قيادي في حزبِ العمال! وقالوا أيضاً إنّ الاستهداف كان لموقعٍ عسكريّ! والمسألة ليست خطأ في المعلوماتِ، بل هي العادة لتبرير كلّ حالات القصف والقتل.. وببساطة كلّ الكردِ في دائرة الاستهداف، والذريعةُ جاهزة…
قُبيل المساء قصف جيش الاحتلال التركيّ محيط بلدة تل رفعت في منطقة الشهباء، وجدد القصف مستهدفاً مطار منغ العسكريّ حيث تتمركز وحداتٌ من الجيش السوريّ، وقرية كفر إنطون في ناحية شرا.
والأربعاء جدد الرئيس التركيّ أردوغان خلال كلمة أمام كتلته الحزبية في البرلمان التهديدَ بشنِّ هجمات احتلالية على شمال سوريا وقال: “نحن بصددِ الانتقالِ إلى مرحلةٍ جديدةٍ في قرارنا المتعلقِ بإنشاءِ منطقةٍ آمنةٍ على عمق 30 كم شمال سوريا”، وحدد منطقتي تل رفعت ومنبج مجالاً لما تسمى بالعمليةِ، وتداولت مواقع المعارضة السوريّة ومعرفاتها وأوساط المرتزقة خبرَ أنّ الأوامرَ أُعطيت لما سمّته “غرفةِ العمليات والتنسيق” برفعِ الجاهزيّةِ العسكريّةِ القتاليّة… واستبشرت بقرب انطلاق العزو التركيّ.. وطلبت الدعاء!
الثلاثاء 31/5/2022 ونحو العاشرة صباحاً قصف جيش الاحتلال التركيّ قرية آقيبه/ عقيبة، بناحية شيراوا، بقذائف الهاون، وسقطت ثماني قذائف على القرية، وذلك بالتزامن مع قصفِ محيط قرية أم الحوش في منطقة الشهباء (وتحديداً الطريق بين أم حوش وحربل).
‏وظهراً قصف جيش الاحتلال التركيّ قريتي زويان وشعالة في منطقة الشهباء بنحو 10 قذائف هاون، ‏وقبيل المساء قصفت مدفعية الاحتلال التركيّ قرية آقيبه/عقيبة وأحراش صوغوناكه بناحية بناحية شيراوا، وجدد القصف مساءً مستهدفاً حرش صوغوناكه، بناحية شيراوا، مع استهداف قرية آقبيه/ عقيبه بسلاح الدوشكا، وقبيل منتصف الليلة الماضية تعرضت قرى: آقيبه/عقيبة، وبينه/ إبين وأحراش صوغوناكه، في ناحية شيراوا ومحيط بلدة دير جمال، لقصفٍ مدفعيّ كثيفٍ.
بالمجملِ لا يمكنُ القطعُ الحتميّ بإمكانيّة أن تشنّ أنقرة هجمات احتلالية جديدة، ولكن أردوغان وحزبه وحليفه الحركة القومية بحاجة ماسّة لإنجازٍ يتم تسويقه نصراً في الداخل التركيّ، وفي خلطة معقدة دمج أردوغان مسألة القوميّ والاقتصاد واللاجئين السوريين وجعل حلّ كلّ ذلك بالهجمات، وهي عناوين تثير لعاب الناخب التركيّ! ويبقى المعوّل الأساسيّ للسوريين هو وحدة إرادتهم وجبهتهم بصرف النظر عن تموضعهم السياسيّ، فالخرق في المركب خطرٌ يتهدد كلَّ ركابه.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle