سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مسموح للكابتن فقط النقاش مع الحكام.. ماذا لو طُبِّق القرار في بطولاتنا؟

إعداد/ جوان محمد_

قبل انطلاق العرس الكروي الأوروبي في ألمانيا يورو 2024، قررت لجنة الحكام في (يويفا) أن يكون كابتن المنتخب فقط هو المخوّل الوحيد في النقاش مع الحكم في قرار يتخذه في المباراة، ولكن ماذا لو طبقنا هذا القرار في بطولات مقاطعة الجزيرة لكرة القدم؟
في مقاطعة الجزيرة مازالت معضلة الاعتراض على الحكام قائمة، ولم ينخفض مستواها لا بل زادت، وحتى وصلت للضرب ونقل بعض الحكام للمشافي، وذلك بعد تعرّضهم للاعتداء من قِبل بعض اللاعبين، ووصلت لحالات الاعتداء حتى من قبل بعض الجماهير.
طالبنا كثيراً عبر تقارير عديدة بأنه لا يجوز الاعتداء على الحكّام مهما كانت الأسباب، لأنهم بشر، ومثلهم مثل المهاجم والمدافع والحارس والمدرب إلخ… معرضين لارتكاب الأخطاء، ولا ننسى أنه في الكثير من الدوريات والبطولات العالمية نشهد أخطاء فادحة من قِبل الحكّام، وتحصل حالات اعتداء، ولكن ليس كما يحصل في سوريا بشكلٍ عام من تجاوزات على الحكام.
ففي بطولات مقاطعة الجزيرة أو البطولات في سوريا عامةً، بالكاد لا تمر جولة ولم يكُن فيها عقوبات بحق بعض المتجاوزين على الحكّام إن كان باللفظ أو بالضرب، ولكن يبدو أن تلك العقوبات لم تكن رادعةً، والدليل استمرارها حتى الآن.
تطبيق القرار خطوة في الطريق الصحيح
وفي يورو ألمانيا 2024، حاولت لجنة الحكام في (يويفا) تجنب النقاشات الكثيرة مع الحكام وذلك بتطبيق قرار قطع النقاش مع الحكم في المباراة من قبل اللاعبين وأن يُسمح للنقاش معه من قِبل قائد المنتخب فقط.
وبهذا الصدد؛ أوضح الإيطالي روبرتو روزيتي رئيس لجنة الحكّام في (يويفا) “نُريد حكاماً ذوي شخصيات قويّة يتّخذون قرارات غير مُحبّبة للجمهور أحياناً ويتحمّلونها على أرض الملعب، ولكننا نريد أيضاً أن يكونوا أكثر انفتاحاً”.
وتابع الحكم الدولي السابق أن حكّام البطولة في يورو 2024 “سيشاركون المزيد من التفاصيل مع اللاعبين والمدرّبين لمساعدتهم في فهم اتخاذ بعض القرارات”، وذلك “لخلق جو من الثقة”، خاصةً أنهم “يتلقون الكثير من المعلومات” من حكم الفيديو المساعد “فار”.
وأردف إن “شرح قرار عندما تُحاط بـ22 لاعباً” يصبح “مستحيلاً”، خاصةً عندما يكون هناك “200 إلى 250 قراراً في المباراة”.
وأضاف روزيتي (56 عاماً) الحائز جائزة أفضل حكم في الدوري الإيطالي أربع مرات “نطلب من جميع المنتخبات التأكيد على أن القائد هو اللاعب الوحيد الذي يتحدث مع الحكم”.
وأشار إلى أنه في حال كان حارس المرمى هو الذي يحمل شارة القيادة “فسيتعيّن اختيار لاعب آخر لأداء هذا الدور إذا اتُخذ قرار في الجهة المقابلة للملعب”.
وأكّد أنه ما عدا هذا الاستثناء “سيُنذر أي لاعب يتجاهل دور قائده أو يقترب من الحكم ويُظهر قلة احترام أو اعتراضاً”.
هل سننجح في تطبيق القرار ببطولات مقاطعة الجزيرة؟
وهنا نتساءل ماذا لو طبقنا القرار في بطولاتنا بمقاطعة الجزيرة؟ كم شارة كابتن نحتاجها في ملاعب السداسيات والسباعيات والملاعب الكبيرة بـ 11 لاعب؟
ففي بطولات مقاطعة الجزيرة بمجرد إعلان الحكم عن خطأ يشك فيه الفريق الذي ارتكب المخالفة وحتى لو كان القرار بمكانه أيضاً، فترى كيف ينهال اللاعبون على النقاش مع الحكم والتلاسن معه، وبعض الأحيان تتطور الحالة كما ذكرنا للاعتداء عليه، هذا غير من يصيح من خارج ملعب المباراة من الإداريين والمدرب، لا وبل هناك من الجماهير حتى في بعض المرات يتدخّلون!، كون الجميع يرى من حقه النقاش مع الحكم وحتى ضربه، وهنا لا ننكر بوجود تراجع في المستوى التحكيمي في مقاطعة الجزيرة وشرحنا في تقارير سابقة عن الأسباب وأهمها غياب دورات صقل للحكام، بالإضافة لغياب المعرفة التامة بقوانين كرة القدم من قبل الكثير من اللاعبين والإداريين والمدربين كون التعديلات مستمرة على مواد قانون لعبة كرة القدم، بالإضافة لحالة الإرهاق الذي يعانيها الحكم، فهو إما يكون عاملاً سواء في المياومة أو الأعمال الأخرى أو أن يكون عاملاً في إحدى المؤسسات والهيئات، وليس متفرغاً للتحكيم فقط، وفي المحصلة لا يجوز لأي سبب كان القيام بالاعتداء عليه.
وفي خِضم كل ما ذُكِر نتخيّل ماذا لو طبِّق قرار عدم مناقشة الحكم من قبل أحد باستثناء قائد الفريق في بطولات المقاطعة؟ فكم كرت أصفر وأحمر سوف يناله اللاعبون في الملعب في هذه الحالة؟ كون القرار يُعطي الحكم بمنح الكرت الأصفر لغير قائد الفريق في حال تدخّل وناقش واعترض، وستصل العقوبة للكرت الأحمر في حالة التكرار والاستمرار، فضلاً عن غياب ثقافة النقاش بهدوء في ملاعبنا، وبروز الكثير من التجاوزات على الحكام كما ذكرنا ضمن سياق التقرير.
خبير تحكيمي يُعقّب ويشرح مطولاً
من جانبه الحكم الدولي السابق والخبير التحكيمي في “العربي الجديد” السوري جمال الشريف تحدث عن رأيه بالقرارات الجديدة، التي اعتمدتها لجنة الحُكام في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، في بطولة يورو 2024 التي انطلقت في ألمانيا في الـ 14 من شهر حزيران الجاري، بمشاركة 24 منتخباً، تطمح إلى الوصول للمواجهة النهائية، وحصد لقب المسابقة القارية.
وقال جمال الشريف، عند سؤاله عن القرارات التحكيمية الجديدة في بطولة يورو 2024: “ما أعلن عنه رئيس لجنة الحكام في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، روبرتو روزيتي، هو استكمالٌ لما سمح به الاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي بدأه في مونديال الأندية، الذي أُقيم في المغرب، عبر طلبه من الحكام عند مراجعة اللقطات في الشاشة، ومشاهدة الحالة واتخاذ القرار، أن يشرح هذا القرار بشكلٍ مختصر للجماهير الحاضرة في المدرجات واللاعبين والأجهزة الفنية أيضاً”.
وأضاف الشريف قائلاً: “الهدف الرئيسي من تلك (القرارات التحكيمية في بطولة يورو 2024) هو منح المزيد من الشفافية والوضوح، للقرارات المتخذة من قبل الحكم، عند عودته من مراجعة الشاشة، عقب طلب ذلك من القائمين على غرفة الفيديو، وأعتقد أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ذهب خطوة أبعد من الخطوة التي أقرّها الاتحاد الدولي فيفا، الذي يُعد الاتحاد الأم لكلّ الاتحادات، ولا يمكن لأي اتحاد أن يطبق بعض الإجراءات، إلا من خلال الرجوع أو استناداً إلى قوانين الاتحاد الدولي، الذي يُمكن أن يسمح بذلك، بعد الموافقة عليها”.
وتابع الحكم الدولي حديثه قائلاً: “بثّ شرح الفني للقرارات على الشاشة العملاقة، أعتقد أنّه إجراء مُهم جداً، إذ سيوضّح من خلاله طبيعة الخطأ المُرتكب وتحديد هوية اللاعب المُخالف، وهو شيء جديد وشجاع في إيضاح الأخطاء باستخدام الشاشة العملاقة، عبر الإيضاح بالصوت والصورة معاً للجماهير الحاضرة في المدرجات، واللاعبين والأجهزة الفنية الموجودة على أرض الملعب”.
واستطرد الشريف قائلاً: “الإعلان عن هذا القرار سيكون متاحاً أيضاً للمُعلقين الرياضين في بطولة (يورو 2024)، إذ سيساعدهم على معرفة وفهم القرارات المتخذة من قبل الحُكام، وبالتالي الشرح للمشاهدين، الذين يتابعون المباريات عبر شاشات التلفزة، وهذا شيء مهم ومفيدٌ للجماهير الرياضية، الذين ربما تغيب عنهم بعض التفاصيل، عند شرح تلك الحالات باستخدام الشاشة العملاقة، وسوف يسوق القرار للمشاهدين، من أجل فهم ما يشرحه المعلّق الرياضي”.
وواصل الشريف حديثه: “أما تقليص عدد اللاعبين المتحاورين مع الحكام، واقتصاره على قائد المنتخب أو من ينوب عنه في حال كان القائد حارس المرمى، من أجل عدم مغادرته منطقة الجزاء الخاصة به، لأنه قد يسبب بعض الإرباك لحُراس المرمى، بعودتهم إلى منطقة الجزاء الخاصة بهم، واستئناف اللعب مرةً أخرى، فهو يعدُّ حرصاً على أهمية وضرورة  وإيجابية الحوار القائم بين الحكم واللاعبين مع تحديده واقتصاره مع قائد الفريق فقط، حرصاً على إيجابيته وعلى الفائدة المرجوة منه، ومنعاً من تحويله لحالة اعتراض وفوضى، وبالتالي يؤثّر ذلك سلباً على أجواء المنافسة الرياضية، بالإضافة إلى توجيه الإنذار إلى اللاعبين، الذين سيقومون بالاحتجاج على قرارات الحكام، وهذا شيء كان موجوداً، لكن كان الكثير من الحُكام يغفلون عن اتخاذ قرارات بحقهم، عبر التعامل معهم بشكلٍ جدّي، وأيضاً تأكيد الدور التربوي، عند العمل بهذه الطريقة؛ لأن الهدف ليس شرح القرارات التحكيمية أو إيضاحها للجماهير أو المشاهدين عبر شاشات التلفزة، أو اللاعبين، والدفاع عن الحُكام أو مزيد من الإقناع للآخرين حول أسباب القرارات، بل نشر للوعي والفهم الأفضل لقانون اللعبة وتطبيقاته وتفسيراته الصحيحة، وإيصاله للجمهور، وبخاصةٍ جيل الشباب الذي يجب المُحافظة عليه”.
وذكر الشريف في حديثه أيضاً: “هذه التجربة تهدف إلى ثلاثة أشياء أساسية، أولاً: مزيد من الشفافية والمصداقية، بالتعامل مع شرح الحالات وتفسيرها، والتعامل مع الحاضرين جميعاً في المواجهات، والشفافية أيضاً للمتابعين عبر شاشات التلفزة، وثانياً: تقليص دور من يتحاور مع الحكم، وتأكيد مبدأ عقوبة الإنذار، وهذا موجود بحق المعترضين من دون وجه حق، من أجل ثنيهم عن الاعتراض على القرار، وتفعيل هذا البند باعتباره سلوكاً غير رياضي يستوجب الإنذار، من أجل الحرص على إِيجابيته والفائدة المرجوة منه، وثالثاً: دور تربوي مهم، وهذا شأن منافسة كرة القدم وهدفها، لنقل صورة يكتفنها الاحترام المُتبادل بين الحكم صاحب القرار وبين المُتلقين، سواء كانوا لاعبين فوق الميدان أو الجماهير، وهذا شيء في غاية الأهمية، من أجل إشعار الجميع بأن الحكم هو صاحب الكلمة النهائية، ولا يجوز أن يُشاهد جيل الشباب حالة صراع بين الحكم صاحب القرار وبعض اللاعبين، وبالتالي الذهاب إلى تعزيز المزيد من الاحترام والتقدير لعمل الحكام، والحفاظ على روح التنافس الشريف والأخلاق الرياضية”.
هل تنجح التجربة في بطولة “يورو 2024″؟
واختتم الحكم الدولي السابق والخبير التحكيمي في “العربي الجديد” السوري جمال الشريف حديثه وقال: “كلّ هذه الأهداف لن تُحقق دفعة واحدة، لكن من واجب الحُكام هنا تفعيل دورهم في سبيل التصدي لبعض التجاوزات، حتى يُجرى وضع هذه التجربة على سكة النجاح، وقطف ثمار نجاحها أثناء وبعد انتهاء بطولة يورو 2024، لتكون المسابقة القارية انطلاقة شجاعة وجديدة على آفاق أرحب تهدف لبناء علاقة أكثر شفافية بين الحُكام واللاعبين، والجمهور الحاضر، وأيضاً للمتابعين عبر شاشات التلفزة المختلفة، والهدف الأسمى هو التأكيد على الدور الأخلاقي والتربوي للمنافسات الرياضية وتأثيراتها على جيل الشباب وهي الفئة المهمة والمستهدفة دائماً”.
ونستشفي من كل ما ذُكِر أنه نحتاج بالفعل لتطبيق القرارات الدولية بملاعبنا خاصةً التي توجه لعبة كرة القدم نحو الأفضل وتحمي الحكام وتقوي شخصيتهم في الملعب، فضلاً أن هذه القرارات كانت موجودة بالأصل ولا تطبق لدينا، أو التي تعدل تباعاً من قبل (الفيفا)؛ لأن هذه القرارات من شأنها تقليل التجاوزات على الحكام، وتمنح استغلال الوقت أكثر في مشاهدة مباراة كرة قدم ممتعة، وليس باتجاه معاكس.