سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مدينة “نفر” أو “نيبور” الأثرية

 محمد عزو


 “نفر” أو “نيبور” من أشهر المدن الأثرية في بلاد الرافدين (العراق)، وهي في المصادر الغربية وفي الحوليات الأثرية هو الاسم الأصلي لها عند السومريين.

“نفر” كانت العاصمة الدينية “للسومريين والآكاديين والآشوريين”، جغرافياً تقع بالقرب من “الديوانية” العراقية مسافة/30/كم، وعلى مسافة سبعة كيلو مترات شمال شرقي “عفك” العراقية أحد أقضية “القادسية” جنوبي العاصمة “بغداد’.. “نيبور” عمرها /7000/ سنة، وتعدُّ من أقدم المدن الحضارية، فهي جزء هام من بلاد “سومر وآشور وبابل والوركاء”. تاريخياً كانت العاصمة الدينية للسومريين، والآكاديين، والبابلبين، والآشوريين”.

بدأت أعمال التنقيبات الأثرية فيها في منتصف الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي من قبل جامعة “بنسلفانيا الأمريكية”، التي تعدُّ أول بعثة استكشاف في المنطقة.

في مسعى البعثة العلمي استطاعت الكشف عن تاريخ مدينة “نيبور” بكل تفاصيلها، وما فيها من معابد دينية، كما استطاعت البعثة تبيان معالم تشير إلى طبيعة الحياة اليومية، التي كانت سائدة في المدينة خلال العصور القديمة، إذ استطاعت هذه البعثة اكتشاف مكتبة، وملعب للرياضة، ويقول عالم الآثار الأمريكي “مك واير غبسون”، الذي نقب في “نيبور” في النصف الثاني من القرن العشرين المنصرم، أن مكتشفات بعثة بنسلفانيا كانت هي التي أظهرت حضارة نيبور، ومن تلك المكتشفات لوحة تظهر رجلاً يمسك بيديه ما يشبه كرة القدم، بالإضافة إلى قطع أثرية وألواح طينية منقوش عليها نصوص رياضية وفلكية ودينية، وقد أشار علماء الآثار أنه توجد دلالات جمة على وجود أول مكتبة في التاريخ، وأول صيدلية وأول تخطيط مضمار لملعب كرة القدم، وأول من لعب كرة القدم في نيبور، كما تم العثور على لوحة تبين رجلاً يراوغ برجليه وقدمية ماشية بكرة القدم وهو يداعبها.

لقد تم التعرف من أعمال التنقيب الأثري على أقسام المدينة، وتخطيطها ومنشآتها المعمارية وما تحتويه من معابد دينية، إلى جانب نصوص اقتصادية ورياضية وفلكية وأدبية ودينية، من جانب آخر عثر المنقبون في المدينة على أقدم تقويم زراعي، إذ وجد في هذا التقويم أقدم المعلومات عن طرق الزراعة والري التي كان يمارسها سكان “العراق” في العصور القديمة.

هذه المعلومات كانت موضحة في التقويم “السومري” الزراعي الذي تمت الإشارة إليه والذي تم الكشف عنه في خرائب بقايا نيبور الأثرية وتفيد الإشارات الأركيولوجية أن طرق الزراعة والري التي كان يطبقها الفلاح السومري قديما تشبه ما يطبقه الفلاح العراقي المعاصر. كما أن هذا التقويم مذيل بنصائح وإرشادات موجهة من قبل أحد المزارعين إلى ابنه وتتضمن هذه الإرشادات والنصائح طريقة إعداد الأرض، التي تعني حرث الحقل وعملية” الطربيس” وتنظيم الري في حقل ابن الفلاح السومري كي يحصل على مبتغاه، وهو الجودة والنوعية للمنتوج كماً ونوعاً. تلك الوثيقة يقول علماء الآثار أنها دونت على رقيم مسماري مصنوع من الطين يتكون من/108/ أسطر باللغة السومرية، وتشتهر نيبور “بزقورتها” الشهيرة.