سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مدرسة النيربية تطوي سنوات الظلام

تقرير/ باهوز أحمد –
بعد أربع سنوات من الحروب والإرهاب الذي منع العلم والتعلم وممارسة الحياة الطبيعيّة، عادت الحياة وارتفعت أصواتُ لعبِ الأطفالِ في جنباتِ مدرسة النيربية بمقاطعة الشهباء، القرية التي تمّ تحريرها من مرتزقة داعش مطلع العام المنصرم من قبل القوى الثوريّة.
عملت لجنة التدريب في المجتمع الديمقراطيّ على تأمين المستلزمات الأساسيّة في مدرسة قرية النيربية ليبدأ الأطفال بتعلّم لغتهم الأم لأول مرّة في تاريخ المدرسة ولترتسم البسمة على وجوههم، وكانت المدرسة قد تعرّضت للقصف في فترة سيطرة مرتزقة داعش على القرية التي تعرض معظم أبنائها للاختطاف.هذا وعانت مناطق الشهباء من فترة مظلمة بدأت مع سيطرة الجيش الحر على المنطقة في مطلع عام 2013م وتسليمها إلى مرتزقة داعش بعد عام، لتغلق المدراس أبوابها وتهاجر الفئة الشابة والمتعلمة من المنطقة، حتى باتت المناطق خاوية من طلابها ومن ذوي الشهادات الجامعيّة، وهذا النزيف المعرفيّ في المنطقة أنتج أزمة اجتماعيّة سيكون لها تأثيرٌ مباشرٌ على مستقبل الأجيال المقبلة سواء أكان في تعلُّمهم أم في توازنهم النفسيّ على المدى الطويل.وبهدف تدارك الآثار الاجتماعيّة السلبيّة، عملت لجنة التدريب في المجتمع الديمقراطيّ على وضع مخطط لافتتاح المدارس في عدد من قرى الشهباء للسكان المحليين و أخرى لنازحي عفرين الوافدين إلى هذه المنطقة.ومدرسة الشهيد باران في قرية النيربية التي يقطنها الكرد، هي أولى المدراس التي تم افتتاحها، وبدؤوا بتعليم الأطفال أساسيّات العلوم والأحرف والعمليات الحسابيّة وسط نقص حاد في الكتب المدرسيّة، وتضمّ المدرسة التي يتزايد فيها عدد الطلبة يومياً حتى بات اليوم يرتادها قرابة 120 طالباً وطالبة، ويشرف عليها مدرسان اثنان فقط، نتيجة عدم وجود مدرسين اختصاصيين وهجرة غالبيتهم، ويشير محمد عبد القادر إلى أنّ لجنة التدريب في المجتمع الديمقراطيّ قدمت التسهيلات إلى أن افتتحت المدرسة منذ شهر، وأن 120 طالبةً وطالباً يرتادون المدرسة الآن، وأنّ أعدادهم في تزايد بشكل يوميّ.وأضاف عبد القادر: إنَّهم الآن يُعلِّمون الأطفال على الأحرف الكرديّة واللغة العربيّة والإنكليزيّة، ولكن هناك نقص في الكادر التدريسيّ، واليوم يتم تصنيف الطلبة إلى صفين بحسب الأعمار، إذ يتم دمج الصفوف الأول والثاني والثالث معاً في قاعة، والطلبة الأكبر سناً معاً وبهذا يتم تدريسهم وإجراء عملية سبر المعلومات لهم.
وعن طلبة مقاطعة عفرين الذين نزح عدد منهم إلى قرية النيربية قال عبد القادر، سيتم تخصيص موعد محدد لهم وسيتم تدريسهم من قبل مدرسي مقاطعة عفرين ولكن عدد طلبة عفرين في تلك القرية يُقدر بعشرين طالباً وطالبة فقط.
وقال عبد القادر: إنه سبق افتتاح المدرسة إجراء عمليات صيانة وترميم وتنظيف للمدرسة بالكامل من مخلفات الحرب، وتابع: «تأكَّدنا أنَّ المدرسة خالية من الألغام وفتحنا بابها أمام الطلبة».ومن جانبه عبَّر الطلبة عن سعادتهم بعودتهم إلى المدرسة وتلقيهم الدروس قائلين: «نحن الآن فرحون بعودتنا إلى مدرستنا».
ويروي عبد القادر معاناة أهالي القرية التي عانت من إرهاب مرتزقة داعش لسنوات، ويقول: «تحوّلت المدرسة إلى مقرٍّ للمرتزقة وهاجر عدد كبير من أهالي القرية وبالتحديد الشباب والطلبة، ولكن بعد التحرير عاد معظم الأهالي إلى منازلهم ولكن يقتصر وجود الطلبة في القرية اليوم على المرحلة الابتدائية فقط، ولهذا نحاول اليوم إعادة هؤلاء الأطفال إلى التعليم وبناء مستقبلٍ أفضل لهم»، ورغم تحرير المنطقة إلا أنَّ القرية كانت تتعرَّض لبعض القذائف وطلقات الرصاص من مرتزقة الاحتلال التركيّ في ريف الباب، وأكَّد المدرس محمد عبد القادر على أنَّهم اضطروا عدة مرات لإغلاق المدرسة أياماً نتيجة القصف، وفي إحدى المرات اخترقت رصاصة قناص جدار الصف أثناء تواجد الطلبة فيها.
وبهذا تحاول لجنة التدريب في المجتمع الديمقراطي إعادة الحياة إلى المنطقة التي دُمِّرت نتيجةَ الحروب والإرهاب بنشر العلم والنور بدلاً من الظلام.