مجزرتا باريس.. محاولات لقمع نضال المرأة الكردية

إعداد/ سيدار رشيد_

يكمن السبب الحقيقي وراء استهداف المرأة القيادية والثورية على وجه الخصوص من المحتل التركي؛ لأن القائد عبد الله أوجلان جعل حرية المرأة أساساً لحركة حرية الكرد، ولطالما لم يتمكن المحتل من كسر مقاومتها في جبال وسهول ومدن كردستان، يلجأ لارتكاب المجازر مستخدماً سياسة خبيثة لتغطية عجزه، وكانت مجزرتا باريس “الأولى والثانية”، خير مثال على ذلك.

تُعدُّ مجازر “باريس” المرتكبة بحق الكرد والمرأة بشكل خاص، من أكثر الأمثلة الحية على سيادة الإبادة الجماعية، فتربط دولة المحتل التركي وجودها مع فناء الكرد، وتستغل في الداخل والخارج الفرص والعلاقات لتمرير هذه السياسة الفاشية الاستبدادية، وتُعدُّ حركة حرية كردستان، العقبة الأكبر أمام هذه السياسية الاستبدادية.

مع مرور أحد عشر عاماً على استهداف شهيدات الحرية، إحدى مؤسِسات حزب العمال الكردستاني “ساكينة جانسيز (سارا)، وممثلة المؤتمر القومي الكردستاني فيدان دوغان (روجبين)، وعضوة حركة الشبيبة الكرديّة ليلى شايلمز(روناهي)”، في قلب العاصمة الفرنسية، بتاريخ التاسع من كانون الثاني من عام 2013، وتغافل حكومة فرنسا عن كشف الحقيقة، ليتكرر سيناريو استهداف الكرد مرة أخرى بتاريخ 23/12/2022 حيث تم استهداف مركز الجمعية الثقافية الكردية في العاصمة نفسها “باريس”، على يد إرهابي، والذي تسبب باستشهاد كل من الريادية في حركة حرية المرأة وعضوة الهيئة القيادية لمنظومة المجتمع الكردستاني أمينة كارا “أفين كوي”، ومير برور، وعبد الرحمن كيزل.

استهداف المرأة

لم تكن مدينة باريس الوحيدة التي شهدت مجازر واستهدافات بحق المرأة الكردية، حيث شهد العالم أجمع مدى وحشية النظام القمعي الإيراني في روجهلات كردستان وإيران، من خلال جريمة اغتيال الشابة الكردية “جينا أميني”، وكذلك استهداف الناشطة “ناكهان أكارسال” في باشور كردستان، والعشرات من النساء والشخصيات القيادية في روج آفا، ولم يغفل أحد عن هجمات المحتل التركي المتكررة على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، واستهداف البنى التحتية فيها، وارتكاب العشرات من المجازر بحق شعبها وأطفالها، كل ذلك يندرج في مخطط واحد، وهو إبادة الكرد وتاريخهم، ومحو ثقافتهم وهويتهم.

التستر على مجزرة باريس الأولى أدى لوقوع المجزرة الثانية

فمنذ مجزرة باريس الأولى، التي أودت بحياة كل من إحدى مؤسِسات حزب العمال الكردستاني “ساكينة جانسيز، وممثلة المؤتمر القومي الكردستاني فيدان دوغان، وعضوة حركة الشبيبة الكرديّة ليلى شايلمز، في التاسع من كانون الثاني 2023، والتي أشارت أصابع الاتهام فيها إلى تورط جهاز المخابرات التركي “ميت”، لم تكشف السلطات الفرنسية عن التسجيلات والشهود، ولم يحدث أي تطور في ملف القضية، والتزمت المخابرات الداخلية الفرنسية الصمت تجاه طلبات القضاء والشعب الكردي.

وتذرعت باريس حينها عن عدم كشف أي معلومات، بدعوى أنها “سر من أسرار الدولة”، ما عزز الشكوك حول تواطؤ السلطات الفرنسية بإخفاء الأدلة التي تدين الاستخبارات التركية بارتكاب المجزرة، خاصةً مع الإعلان عن وفاة المنفذ المزعوم للمجزرة “عمر غوناي” بظروف مريبة في السجن عام 2016.

فتجاهل السلطات الفرنسية للتحقيق في مجزرة باريس الأولى عام 2013، وعدم محاسبة مرتكبيها، شجع على تكرار ارتكاب مجزرة ثانية في المنطقة نفسها.

التغافل عن كشف الحقيقة

فبعد عام على المجزرة الثانية التي نُسِبَ فيها الفعل لشخصٍ كان هو أداة الجريمة، فيما يشبه تقييد الواقعة ضد مجهول، ما يزال القضاء الفرنسي يماطل في إجراءات المحاكمة، ويتعمّد التعتيم على تفاصيلِ التحقيقات، وسط رفض وصف المجزرة بالفعل الإرهابي، والترويج لرواية الجريمة العنصرية، على الرغم من أن منفذها لا صلة له باليمين المتطرّف.

وهنا تجدر الإشارة إلى وجود تنسيق مشترك وممنهج بين شبكات الاستخبارات التركية والفرنسية، التي تعمل معاً لضرب وقمع إرادة شعبنا وأصدقائنا في المدن الأوروبية، التي تساند مقاومة الكريلا وإرادة الشعوب في المنطقة.

والجدير بالذكر، هذا وعلى الرغم من انكشاف خيوط المجزرتين، لا يزال منفذوهما بلا عقوبة، والعدالة لم تأخذ مجراها، والأدلة كلها تؤكد أن النظام التركي هو العقل المدبر والمنفذ لعملية اغتيال الناشطات والرياديات.