سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مثقفو قامشلو: “على الكرد عدم الانجرار وراء المخططات التركية ونبذ الاقتتال الكردي ـ الكردي”

تقرير/ عادل عزيز-

روناهي/ قامشلو – ندد مثقفو قامشلو بموقف حزب الديمقراطي الكردستاني الذي يحث على الاقتتال الكردي ـ الكردي وبخاصة في هذه المرحلة الحساسة جداً بالنسبة للشعب الكردي وقضيته، وأشار إلى أنه يقع على عاتق المثقفين الدور الأهم في العمل على وقف حرب الأخوة وبذل كل الجهود من إدانات وبيانات واستنكارات ضد الأطراف التي تحلل لنفسها الدم الكردي دون وازع من دين أو رادع من ضمير.
الشعب الكردي أثبت أهميته في الشرق الأوسط نتيجة لنضاله الطويل ضد الأنظمة الغاصبة لكردستان والقوى الإرهابية في العقد الأخير الممثلة بمرتزقة داعش؛ ولمعرفة المزيد عن الاقتتال الكردي ـ الكردي أجرت صحيفتنا لقاء مع مثقفي إقليم الجزيرة.
وبهذا الخصوص كان لنا لقاء مع الرئيس المشترك لاتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة كرديار دريعي؛ حيث أوضح في بداية حديثه: “أن القوة المحتلة لكردستان تسعى بكل همجيتها إلى منع ومحاربة أي مكاسب كردية سواءً في باشور كردستان أو في روج آفا أو أي جزء أخر، ولا يحتاج ذلك إلى الكثير من الأدلة يكفي الإشارة إلى الآلاف من السياسيين الكرد والمناضلين في سجون الفاشية التركية والحملات العسكرية التي لا تتوقف على حركة التحرر الكردستانية, وعملية الاستفتاء على استقلال باشور كردستان وردود الفعل التركي الذي وصل إلى حد الكلمات النابية بحق رئيس الإقليم مسعود البرزاني والتهديد بالتجويع؛ وحتى بالحرب ضارباً بعرض الحائط كل تلك الدعايات المغرضة التي حاول بعض الكرد تسويقها على أن تركيا صديقة وحليفة للكرد في باشور كردستان، التذكير بهمجية الفاشية التركية في غزوها لعفرين وسري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض في شمال وشرق سوريا وتهديد الشعب الكردي بالإبادة والمجاهرة بنيته في احتلال روج آفا وحتى كركوك وشنكال والموصل بذهنية عثمانية بائدة”.
وشدد دريعي: “بأن النظام الإيراني الذي يعدم يومياً العشرات من المناضلين الكرد وينسق مع الدولة التركية في محاربة تطلعات الشعب الكردي، والحكومة السورية التي لا تزال عاجزة عن تقبّل حقيقة الشعب الكردي في شمال وشرق سوريا؛ وتسعى إلى تدمير التجربة الديمقراطية بالتنسيق مع تركيا وإيران رغم خلافاتهم في الملفات الأخرى، فإن تأمل كل هذا العداء من القوى المحتلة، يجب أن لا ننسى بأنه نتيجة لإدراكهم بأن الشعب الكردي وقضيته العادلة، قضية الحرية ونيل حقوقه القومية باتت اليوم محل نقاشات جدية في الكثير من العواصم العالمية والأوروبية خاصةً، وهناك الكثير من الدول التي تفكر في كيفية منح الشعب الكردي حقوقه، لإدراك هذه العواصم لأهمية الكرد ومناطقهم وضرورة كسب حركته التحررية والتقريب ما بين قواه السياسية حفاظاً على مصالحهم”.
وأردف دريعي: “أن الشعب الكردي أثبت أهميته في الشرق الأوسط نتيجة لنضاله الطويل ضد الأنظمة الغاصبة لكردستان والقوى الإرهابية في العقد الأخير الممثلة بمرتزقة داعش، وظهر الشعب الكردي على الساحة الدولية كمدافعين عن كل الإنسانية ونيابة عنهم وكسبوا احتراماً عالمياً، حيث باتت روج آفا خاصة قبلة ونموذجاً لكل الأحرار في العالم واستطاعت جذب الرأي العام العالمي وكسب تأييد وتعاطف مراكز القرار في بعض الدول الكبرى، واستطاعت تسليط الضوء على حقيقة الشعب الكردي المقاوم والمتعطش للسلام والحرية، وأي مكسب للكرد في أي جزء كان هو مكسب وأمل للأجزاء الأخرى, لذلك فأن أي اقتتال كردي ـ كردي وخاصة في هذه المرحلة الحساسة جداً بالنسبة للشعب الكردي وقضيته هو نكسة ونكبة لعموم مكتسبات الشعب الكردي في كل الأجزاء وجلب الويلات على شعبنا بالإضافة إلى فقدان ما كسبه الشعب الكردي من احترام ودعم عالمي وزعزعة الثقة بقواه السياسية، مما يعني العودة بالمكتسبات الكردية إلى مربع الضياع وشرخ عميق في المجتمع الكردي”.
من المستفيد؟
ونوه دريعي: “بأن المستفيد من الاقتتال الكردي الكردي هم أعداء الشعب الكردي من القوى المحتلة لكردستان وخاصة الفاشية التركية التي عجزت عن تحقيق أحلامها في القضاء على حركة التحرر الكردستانية التي تقف حجر عثرة في طريقها لتحقيق أحلامها العثمانية، لأن الحرب الكردية الكردية التي تقرع طبولها اليوم هي بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني ولكن حقيقة الأمر هو حرب تركية تسعى من خلالها إلى حرب بالوكالة ينوب عنها قوة كردية في تحقيق ما عجزت عن تحقيقه وللعلم بأن المخطط التركي يهدف إلى عزل حركة التحرر الكردستانية؛ ومن ثم السعي إلى القضاء عليه، وقد تعتقد بعض القوة الكردية بأنها ستحقق مكسباً من هذه الحرب فإنها مخطئة تماماً, لأنه في المحصلة حتى المنتصر خاسر ونصره سيجلب الويلات له ولمكاسب شعبه، فمنذ أكثر من مئة عام وفي كل ثورة كردية يلجأ أعداء الكرد إلى ضرب الثورة بأبنائها وأغلب الثورات الكردية أفشلها الكرد بأنفسهم قبل أعداءهم من خلال الاقتتال البيني أو الخيانات المتكررة والخلافات التي لم تنتهِ وبتخطيط من القوة المحتلة وخاصة تركيا التي تأسست على الخداع والاحتيال والمؤامرات، ومن ثم لاقى المنتصرون أنفسهم مصير الخاسرين، إذا لا مستفيد سوى أعداء الكرد”.
المثقف الكُردي أمام مسؤولية وطنية
وأوضح دريعي: “بأنه يقع على عاتق المثقفين الكرد على اختلاف توجهاتهم مهمات عاجلة، وأهمها فضح الحجج التي يسوقها البعض لتشريع الاقتتال الكردي الكردي سواءً كانت أحزاباً أو شخصيات أو مثقفين أو وسائل الإعلام المغرضة، وتجريم من يدق طبول الحرب ضارباً بعرض الحائط ما حققه الشعب الكردي من مكاسب بالدموع والدماء، أي توحيد مواقف المثقفين من هذه المسألة التي لا تشكل فقط خطراً على القوة السياسية الكردية وإنما على الشعب الكردي ومكتسباته ومستقبله أيضاً، والعودة بالكرد إلى المربع الأول من الانكسارات، وتبيان حقيقة المرحلة التي هي حساسة جداً بالنسبة لمصير الشعب الكردي، والدخول إلى مرحلة ما بعد 100 عام على اتفاقية لوزان؛ ويعود ترسيم المنطقة وفقاً لمصالح الدول الكبرى والتي تسعى من ضمنها الدول الإقليمية أيضاً، وخاصة تركيا إلى إعادة هيمنتها على ما كانت سابقاً أراضٍ تحت السيطرة العثمانية, ومن ضمنها أجزاء كردستان وتحقيق ذلك يتم من خلال إضعاف الكرد وحركتهم التحررية العائق الوحيد أمامه، لذلك يسعى بكل الوسائل إلى إذكاء الحرب الكردية الكردية لحرمان الشعب الكردي من أي استحقاق محتمل لا بل السعي إلى إبادة الشعب الكردي بعد إنهاك قواه السياسية والعسكرية”.
تحقيق مصالح الشعب ونيل حقوقه المشروعة
وأكد دريعي: “بأن الأحزاب ما هي إلا وسائل لتحقيق أهداف شعبهم، لذلك على الأحزاب الكردية أن تراجع نفسها بتعمق وتنظر إلى نفسها من مرآة الشعب، لا من خلال المصالح العائلية أو الحزبية أو الشخصية فقد تأسسوا على هذا الأساس تحقيق مصالح الشعب ونيل حقوقه المشروعة ولا يوجد اعتقاد بأن الحقوق المشروعة تمر من خلال إذكاء نار الاقتتال الكردي ـ الكردي مهما كانت الحجج والأسباب وإنما اللجوء إلى الحوار والعمل على تحقيق وحدتهم، فالشعب الكردي الذي عانى الويلات, فقد تعرّض في العقد الأخير لأبشع الهمجيات في التاريخ من النظام التركي ومرتزقة داعش وأخواتهم، وقدم الشعب الكردي الآلاف من الشهداء للحفاظ على كرامتهم، هذا الشعب يتوق إلى الوحدة، إلى مؤتمر كردستاني وإلى وقوف القوى الكردستانية في خندق واحد ضد أعداءه لذلك الدعوة للأحزاب الكردية هي أن يكونوا في مستوى المرحلة وتطلعات شعبنا ويحققوا وحدتهم لا أن يحفروا في وجوه بعضهم الخنادق ويدخلوا في حرب هي ليست إلا حرب القوى المحتلة ضد شعب مسالم وبأيادي أبناءه”.
الدور التركي في تأجيج الخلاف
الدور التركي هو دور رئيسي في كل ما يحدث في المنطقة من فوضى ودمار وخاصة في كردستان فتركيا لا تخفي حقيقتها، فهي تُصرّح جهراً بأنها ستُحارب الشعب الكردي في كل مكان وخاصة بعد تحالف حزب العدالة والتنمية الإخواني مع الحركة القومية في تركيا، حيث بات محاربة الشعب الكردي وطموحاته في نيل حقوقه هدفاً رئيسياً لهذا التحالف، وهي تعتمد كردياً في إذكاء الخلافات والشقاق بين صفوف الحركة الكردية وقد وجد في شمال وشرق سوريا كيف صنفت طرفاً بالكرد الجيدين والذي يعني بتركيا، الكرد الأموات، الذين لا خطر منهم (الكردي الوحيد الجيد هو كردي ميت) وصنفت طرفاً كإرهابي يتوجب إبادته، وتم رؤية نتائج بما في ذلك من تدمير عفرين وسري كانيه وكري سبي، كما تُمارس نفس السياسة حالياً في باشور كردستان من خلال تحريض الحزب الديمقراطي الكردستاني للدخول في حربه ضد العمال الكردستاني، نتيجة للاعتماد الشبه الكامل الذي ربط به الحزب الديمقراطي نفسه بالدولة التركية, ليتحول الإقليم إلى قواعد للجيش التركي؛ بالإضافة إلى السيطرة الاقتصادية، أي إقليم شبه محتل، وتركيا تدفع بالقوة الكردية إلى الاقتتال، فطبول الحرب التي تقرع هي حرب تركية مهما سوق لها من حجج، لن تخدم القوة الكردية في شيء وأن اعتقدوا ذلك”.
واختتم الرئيس المشترك لاتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة كرديار دريعي: “بأن المثقف الكردي اليوم أمام مسؤولية وطنية تتجاوز الأحزاب والانتماءات إلى مستقبل ومصير الشعب الكردي الذي يُخطط له في الدوائر الفاشية الإبادة والإمحاء”.
ظاهرة خطيرة جداً
وفي مقابلة أخرى التقينا مع الكاتب وعضو في اتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة خالص مسور الذي أكد: “بأن الاقتتال الكردي ـ الكردي ظاهرة خطيرة جداً بالنسبة لوجود هذا الشعب ومكتسباته التي حققها بالنضال البطولي والدماء الغزيرة وفي حال اندلاع الاقتتال لا سمح الله فإنه قد يؤدي بهذه المكتسبات إلى نقطة الحضيض والضياع وإلى أوضاع لا تحسد عليها أبداً من جميع النواحي، وهذا توجه كارثي يجب وقفه عند حده بشكل فوري حتى لا تستفحل الأمور وتخرج عن السيطرة ويضيع كل ما بناه هذا الشعب بدماء أبنائه وعرق جبينه”.
التطهير العِرقي بحق الشعب الكردي
وركز مسور على المستفيدين من الاقتتال الكردي وقال: “إن المستفيدون من هذا الاقتتال هم أعداء الشعب الكردي وفي مقدمتهم الفاشي ومجرم الحرب أردوغان وحزبه اللاعدالة والتنمية ومن ثم الحكومة السورية وما يسمى بالجيش الحر وأعوانهم من المرتزقة المارقين الذين يمارسون جرائم الحرب والتطهير العرقي بحق هذا الشعب الكردي الآمن في المناطق المحتلة من مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا”.
وقف حرب الإخوة
وأشار مسور بالقول: “يقع على عاتقنا نحن المثقفين الدور الأهم في العمل على وقف حرب الأخوة وبذل كل الجهود من إدانات وبيانات واستنكارات ضد الأطراف التي تحلل لنفسها الدم الكردي دون وازع من دين أو رادع من ضمير؛ واقترح أن يجتمع المثقفون ويتجهوا نحو سيمالكا ويعلنوا من هناك وجهاً لوجه رفضهم لأي اقتتال قد ينجم عن التحشدات العسكرية في جبال “كاري” والمناطق التي تتفاعل فيها التوتر والعمل على إزالة هذا التوتر بكل السبل والوسائل المتاحة للمثقفين لتعزيز دورهم في فض الاشتباك وترسيخ الأخوة الكردية وسد الطريق أمام استفحال الفتنة الخطيرة هناك مهما كلف ذلك من تضحيات”.
إنجاز الوحدة المصيرية للمستقبل
وشدد مسور قائلاً: نحن المثقفين ندعو الأحزاب الكردية بالتحلي بالعقلانية وتقديم مصلحة الشعب فوق أي اعتبار أخر ومصلحة الشعب الكردي اليوم تقتصي الوحدة والتكاتف ضد عدو لا يرحم وعلى هذه الأحزاب رص الصفوف وأن تتحد وتتكاتف لأن مصير الشعب الكردي الذي يمر بمرحلة حساسة وحرجة للغاية من تاريخه يتعلق مصيره بوحدته ووحدة أحزابه وبدون الوحدة سوف يتجه هذا الشعب نحو المصير المجهول؛ ولهذا مناداة الأحزاب والتنظيمات أن يفضل  مصلحة هذا الشعب فوق المصالح الحزبية والأنانية الضيقة والعمل على التقارب وإنجاز الوحدة المصيرية بالنسبة للمستقبل وليس للشعب الكردي فقط بل لمستقبل جميع الشعوب المتأخية معه فإلى الوحدة والتكاتف؛ والوحدة وحدها ستقرر مصير الجميع في هذه الأوضاع الاستثنائية والحرجة”.
واختتم الكاتب والعضو في اتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة خالص مسور حديثه قائلاً: “العدو التركي لا ينام ليل نهار وهو دائب على خلق الفتن والعداوات بين أبناء الشعب الواحد ويحاول تأليبنا بعضنا ضد بعض حتى يتخلص منا كشعب برمته يريد إفناؤه والاستحواذ على أرضه وخيراته؛ وهو من يوعز إلى بعض المقربين منه من الكرد بافتعال الاقتتال الداخلي ليحقق بالتالي محو الهوية الكردية من الوجود عاجلاً أم آجلاً”.