سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ما قصة مزار فاطيما الذي يحجُّ إليه الكاثوليك من كل أنحاء العالم..؟!

يقع في قلب البرتغال مكان يكتنفه التبجيل الروحي والأهمية التاريخية وهي بلدة فاطيما، فهي وجهة مرادفة للحج والتفاني، ففاطيما تجتذب ملايين الزوار. ففي 13 أيار من كل عام تحتفل الكنيسة الكاثوليكية بما تصفه بذكرى تجلي السيدة مريم العذراء في بلدة فاطيما البرتغالية التي يتدفق عليها أعداد كبيرة من الحجاج الكاثوليك سنوياً من مختلف أنحاء العالم.
ووسط حماسة ممارسة الشعائر الدينية، تظل قصة المكان حيّة في قلوب الملايين من الكاثوليك كما تظل أصول وأسباب اسم “فاتيما” غامضة ومثيرة.
تشير دائرة المعارف البريطانية إلى رواية الفاتيكان التي تتحدث عن ظهور العذراء مريم سيدة فاطيما أمام ثلاثة أطفال رُعاة هم لوسيا دوس سانتوس (9 سنوات) وفرانسيسكو وجاسينتا مارتو (8 و6 أعوام على التوالي) بالقرب من قرية فاطيما في وسط البرتغال، على بعد حوالي 113 كيلومترًا شمال شرق العاصمة لشبونة في عام 1917. وبحسب الرواية الكاثوليكية فقد أبلغ الأطفال عن تجليات أخرى صاحبتها ما يصفه الفاتيكان بـ”معجزات”، وتولي الكنيسة الكاثوليكية أهمية لما تقول إنها أسرار ثلاثة كشفت عنها مريم العذراء للأطفال.
وبحسب الكنيسة الكاثوليكية فإن ما تصفه بالأسرار الثلاثة تشمل رؤية مرعبة للجحيم ونبوءة متعلقة بنهاية الحرب العالمية الأولى وبداية الحرب العالمية الثانية وسر ثالث فُسِّر على أنه نبوءة أخرى لمحاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني في 13 أيار من عام 1981.
ووفقًا للبابا بنديكتوس السادس عشر، فإن الرؤى الموصوفة في الأسرار الثلاثة “تهدف إلى تعبئة قوى التغيير في الاتجاه الصحيح”. وكتب يقول إنها ليست مثل الكتاب المقدس، وهو النص الذي يصفه بأنه “إعلان عام”. ومضى يقول إن رؤى فاطيما هي “إيحاءات خاصة” هدفها هو “المساعدة على العيش بشكلٍ أفضل” وفقًا لتعاليم المسيح. ويأتي الحجاج الكاثوليك إلى مزار فاطيما من بلدان بعيدة مثل الصين وفنزويلا وتيمور الشرقية.
وكانت أول رحلة حج إلى المزار في عام 1927، وفي عام 1928 بُنيت عند المزار كنيسة يُعتقد أنها أقيمت في المكان ذاته الذي تقول الكنيسة أنه شهد تجلي مريم العذراء مع برج يبلغ ارتفاعه 65 مترًا ويعلوه تاج برونزي كبير وصليب بلوري.
وفي 13 أيار من عام 1967 – الذكرى الخمسين للرؤيا الأولى – تجمع حشد من حوالي مليون حاج في فاطيما للاستماع إلى البابا بولس السادس وهو يتلو قداسًا ويصلي من أجل السلام.
وأصبحت لوسيا دوس سانتوس فيما بعد راهبة كرملية وعاشت حتى سن 97 عامًا، إلا أن فرانسيسكو وجاسينتا مارتو ماتا عندما كانا طفلين نتيجة لوباء الأنفلونزا في الفترة 1918-1919. وتم تطويب الطفلين في عام 2000 من قبل البابا يوحنا بولس الثاني ثم تم إعلانهما كقديسين من قبل البابا فرانسيس في عام 2017 ليتزامن ذلك مع الذكرى المئوية للظهور. وكتبت لوسيا دوس سانتوس، التي توفيت عام 2005، ما يسمى بأسرار فاطيما الثلاثة، وبدأت عملية تطويبها في عام 2008.
اختلفت الروايات حول سبب التسمية حيث يعتقد البعض أن قرية فاطيما سميت على اسم ابنة النبي محمد فاطمة أثناء الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيبيرية.
ومن جانبها، تقول دائرة المعارف البريطانية إن التسمية تعود لأميرة مغاربية من القرن الثاني عشر، وقال موقع نوبلتي دوت أورغ إنه في عام 1158، هزم فارس برتغالي يُدعى غونسالو هيرمينغز والدها الأمير وأخذ الأميرة أسيرة ثم طلب من الملك البرتغالي دوم أفونسو هنريكس الإذن بالزواج منها وقد أعطى الملك موافقته بشرطين، أن تتحول إلى الكاثوليكية، وأن توافق على الزواج منه.
وعند المعمودية، تلقت الأميرة اسم أوريانا. وكهدية زفاف، أعطاها الملك مدينة سمتها أورينا، على اسمها المسيحي الجديد. ومع مرور الوقت أصبحت تُعرف باسم أوريم. وفي الوقت نفسه، أصبحت الأراضي الجبلية القريبة، حيث عاشت الأميرة لبعض الوقت، معروفة باسمها الأصلي.
فيما تقول رواية ثالثة، وهي أكثر القصص شيوعاً في المصادر العربية، إن قصة فاطيما تعود إلى عام 1492 عند سقوط مدينة غرناطة حيث دارت معركة كبيرة عند قصر الملح بقيادة الملك ألفونسو الأول، وانتصر جيشه وكان من ضمن السبايا أميرة أندلسية تدعى فاطمة، فكانت من نصيب حاكم مدينة أوريم الذي تزوجها بينما اعتنقت هي المسيحية. وقد عُرفت الأميرة بمستواها العالي من الثقافة.
وتمضي الرواية الأخيرة قائلة إن الأميرة كانت مثقفة وجميلة وطيبة القلب فأصبحت محبوبة من الجميع لدرجة أن الناس سموا القصر الذي كانت تعيش فيه والمنطقة المجاورة باسمها. ومع مرور الوقت، أصبحت هناك قرية صغيرة تحمل اسمها والتي صارت مزاراً يحج إليه الكاثوليك من كل انحاء العالم.