ما الهدف وراء شائعات أنصار روسيا حول نية الانسحاب من الحسكة؟

قامشلو/ صلاح إيبو- التصريحات الروسية الأخيرة حول انتهاء المواجهة العسكرية بين الحكومة السورية والمرتزقة المسلحة الموالية لتركيا على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لا تتطابق اليوم مع الواقع الميداني الذي مازال يشهد القصف المتبادل بين الطرفين ولكن بشدة أخف من الأيام السابقة.

وما يدور عن نية تركيا سحب معداتها أو نقاط المراقبة في غربي إدلب، وفق الطلب الروسي الأخير لا يبدو هو الآخر أيضاً مطابقاً لمجريات الواقع، إذ قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنه رصد بعد منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء، دخول نحو 30 آلية تركية محملة بمعدات لوجستية وعسكرية، أي بعد 24 ساعة من التصريح الروسي، عبر معبر كفرلوسين الحدودي شمال إدلب، واتجهت نحو النقاط التركية في المنطقة، وهوما يُشير إلى عدم توصل طرفي الصراع في إدلب لتسويات بعينها.

التصريحات الروسية عن تسوية قريبة لملف إدلب، جاءت بالتزامن مع إعلان التحالف الدوالي المناهض لداعش إدخال معدات عسكرية جديدة إلى شمال وشرق سوريا منها عربات برادلي القتالية، إضافة لزيارة جيمس جيفري إلى الحسكة ولقائه بقيادات في مجلس سوريا الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية ومن ضمنهم قادة مجلس دير الزور العسكري.

ومثلت زيارة جيفري الأخيرة للحسكة، رسالة سياسية لأطراف عدة، والتي قال المكتب الإعلام لجيفري أنه ركز على مسألة إيجاد حلاً سياسياً للملف السوري وفق القرارات الدولية واستمرار دعمهم لحلفائه على الأرض في سوريا، وأستبعد جيفري أي انسحاب أمريكي على المدى القريب أو المتوسط من سوريا حتى إيجاد حل سياسي.

هذه التطورات السياسية والعسكرية على الأرض، دفعت روسيا للقيام بمناورات سياسية، وربما ميدانية بهدف الحفاظ على توازن القوى بين روسيا وأمريكا على الساحة السورية التي لها انعكاسات كبيرة على الساحة الإقليمية والدولية.

في ملف إدلب، يحاول الروس استغلال الظروف السياسية العامة، وانتزاع تنازل تركي في الوقت الراهن، نتيجة حالة ضعف عامة تعانيها السياسية التركية، ولاسيما مع فرنسا والمانيا في ما يتعلق بإدلب، إضافة لركود في السياسة الأمريكية في بعض الملفات بحكم قرب الانتخابات الأمريكية، وكانت أمريكا من أكثر المناهضين لأي عمل عسكري في إدلب، وحل معضلة إدلب إن حدث فعلٍ، فهي رسالة روسيا لأمريكا تؤكد قدرة روسيا إيجاد توافقات على الميدان لكن يبدو أن هذه التوافقات مؤقتة.

فالشائعات التي يروج لها اليوم بعض المحسوبين على روسيا، حول نية الجيش الروسي الانسحاب من الحسكة والاحتفاظ فقط بقوات لها في مطار قامشلو، وبالتالي فتح المجال أمام القوات التركية لعمليات احتلالية جديدة في شرق الفرات، يربطها مصدر مطلع على العلاقات بين “قسد” والجيش الروسي في سوريا، بزيارة جيفري الأخيرة، وقرب بدء الشركة الأمريكية العمل في حقول الرملان والشدادة النفطية، وبالتالي هذه الشائعات “غير الرسمية” تدخل في خانة التهديد السياسي فقط بحسب المصدر.

ونفت مصادر مطلعة ميدانية، أي تحرك أو نية للتحرك للقوات الروسية المتواجدة في شمال وشرق سوريا، كذلك استبعد الكاتب الروسي “فيكتور سوكيركو، في مقالة له بصحيفة “سفوبودنايا بريسا”، أن تسمح موسكو بتفاوت كفة الميزان لصالح أمريكا في سوريا، وجاء في مقاله حول تعزيز الأمريكيين قوتهم في سوريا تحسبا لصدامات محتملة مع القوة الروسية هناك، “من المعروف أن روسيا، بعد 12 ساعة تماما، من نقل ناقلات للجند وأنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية إلى سوريا، عززت قاعدتها في مطار مدينة قامشلو”، وتابع “لقد أوضحت موسكو أنها ستتخذ على الفور إجراءات جوابية ولن تسمح لكفة ميزان القوة أن تميل لمصلحة واشنطن”.

فالنظرة العامة للساحة السياسية الحالية، تُشير إلى وجود سجالات سياسية بين القوى الرئيسية في سوريا، بهدف تمكين وجودها والدفع نحو حل سياسي يكون فيه تمثيل كافة القوى متوازناً.