ماهية الإدارة ….

دجوار أحمد آغا –

---

الإدارة عبارة عن الخطوات والطريقة التي ابتكرها الإنسان لتنظيم حياته دوناً عن غيره من الكائنات الحية الأخرى, وكيفية ترتيب شؤونه اليومية والإشراف على تأمين الاحتياجات الأساسية له. وقد تطورت الإدارة فيما بعد بحيث أصبحت علماً قائماً بحد ذاته يتم فيه اتخاذ القرارات وصياغة الأهداف وتجميع الموارد الاقتصادية والبشرية واستخدامها بالشكل الذي يلبي طموحات وأهداف المجتمع.

الإدارة هي النشاط المسؤول عن اتخاذ القرارات وصياغة الأهداف وتجميع الموارد المطلوبة واستخدامها بكفاءة لتحقيق نمو المؤسسة واستقرارها عن طريق مجموعة من الأعمال أهمها التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والتقويم. وتمَّ التأكيد على أنَّ الإدارة مجموعة متكاملة من الخبرات والمهارات والقدرات أغلبها مكتسب بالتعليم والتدريب والممارسة العملية.

الإدارة من أهم الأنشطة الإنسانية في جميع المجتمعات على اختلاف مراحلها وتطورها وذلك من أصغر خلية اجتماعية (العائلة) وصولاً إلى أوسع الإمبراطوريات، فالإدارة ضرورة مجتمعية لجميع ميادين الحياة (الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية…الخ.

وتُعرف بأنها إحدى فروع علم الاجتماع وتُعرف أيضا بأنها عملية تحقيق الأهداف الموضوعة من خلال استثمار الموارد والعناصر المتاحة حسب منهج مُحدّد وضمن بيئة محددة، كما تُعرف بأنها عملية التخطيط والتنظيم، الرقابة، التنسيق، والتوجيه المطبقة على الموارد المالية والمادية والبشرية من أجل تحقيق أفضل النتائج بأقل التكاليف وأفضل الطرق وأقصرها.

من خلال ما سبق يجب أن نعلم مدى أهمية التعريف الصحيح للإدارة من أجل تلافي السلبيات والنواقص الموجودة في الظاهرة السياسية المستدامة في المجتمع.

الإدارة هي التعبير عن حالة الانتظام في الكون وعن حالة الهروب من الفوضى ويمكن تسمية الإدارة (بالعقل المجتمعي)، فالطبيعة ذات المعنى المرن تحتاج إلى رقي في الإدارة.

لابد لنا من توضيح مصطلح الإدارة الذاتية والإدارة الغريبة (الأجنبية), فالإدارة الذاتية تعمل على تنظيم القدرات المجتمعية لتؤمن بالتالي سيرورة المجتمع وتضمن بالتالي مأكله ومشربه.

أما الإدارة الغريبة (الأجنبية – الدخيلة) شرعت نفسها كسلطة تعمل على إغواء المجتمع وحكمه وتحويله إلى مستعمرة.

من أهم مهام الادارة:

1ـ التخطيط: هي عملية اتخاذ القرارات الصحيحة والمراقبة وقيادة المؤسسات والجماعات للوصول إلى الأهداف المرجوة وذلك من خلال توجيه وتمكين وتطوير الإمكانات البشرية والمادية.

يعتبر التخطيط القاعدة التي تقوم عليها المهام الأخرى، وهو عملية مستمرة تتضمن تحديد طريقة سير الأمور لتحديد الأنشطة التنظيمية اللازمة لتحقيق الأهداف.

2ـ التنظيم:  وهو عملية مستدامة في المؤسسة أو الدائرة يتم من خلالها ترتيب المهام وربط الأعمال بتسلسل متتالي يتم فيه احترام الخطط والأهداف- تحديد الأنشطة اللازمة لإنجاز الهدف- وتصنيف الأنشطة.

3ـ التعيين:  وهو عملية مكونة من عدة مهام لتزويد المؤسسة أو الدائرة المعنية بالأشخاص المناسبين للعمل من خلال إجراء مسابقات واختيار الأنسب والأفضل, ومنها (توفير الكوادر العاملة والمختصة في مجال عملها, عملية حُسن الاختيار, تدريب وتطوير العاملين بعد نجاحهم في المسابقات وتعينهم,  تقييم الأداء.

4ـ التوجيه: وهي عملية الأشراف ومتابعة الأعمال وتوجيه العاملين نحو تحقيق الأهداف المرسومة فمن واجب الإداري إرشاد العاملين وتحفيزهم على آداء المهام الموكلة لهم وبسوية عالية .

5ـ الرقابة: تقوم الرقابة بمتابعة مدى تقيد وتنفيذ العاملين للأعمال المكلفة بها و مدى تحقيقها للنتائج المرجوة من العمل, إلى جانب مراقبة العاملين الذين يتميزون بحسن الأداء ويبذلون جهود مضاعفة لإنجاز الأعمال, وكذلك ماهية سلبيات العمل سواء الإهمال المتعمد أو التقصير في أداء العمل عن غير قصد, ومن خلال هذه المراقبة والمتابعة  بإمكان الإدارة تحسين مستوى العمل وإخضاع العاملين لديها لدورات تدريبية في المجالات التي لديهم نقص فيها.

يحتاج الإداري أو الإدارية الناجحة إلى جملة من الصفات التي عليه التحلي بها ومن أبرزها:

– التحلي بالصدق والأمانة والإخلاص في العمل .

– العمل بروح المسؤولية والابتعاد عن مفهوم المنصب والسلطة .

– العمل على الأبداع وابتكار الأفكار الجديدة .

– الثقة بالنفس والاستماع إلى الرأي الآخر برحابة صدر.

– تقبل النقد وإبداء النقد الذاتي دونما خجل أو ضعف .

 -العمل على تطوير العمل المؤسساتي والابتعاد عن الأنانية والذاتية المفرطة .

– توثيق وأرشفة جميع القرارات والوثائق ومحاضر الاجتماعات والتعاميم الصادرة والواردة تحت رقم وتاريخ الجهة الصادرة عنها.

– الابتعاد عن إعطاء تعليمات شفوية والالتزام التام بالورقيات والثبوتيات .

السلبيات التي تبدو واضحة وظاهرة للعيان في الإدارات غالباً ما تكون على الشكل التالي :

– الضعف في تطوير المخططات والمشاريع، والاعتماد على الكلام العام دون دراسات أو إحصائيات رسمية عند وضع أي مخطط لمشاريع اقتصادية أو خدمية أو صحية.

– ضعف آليات المتابعة والمراقبة أثناء القيام بمشروع مما يؤدي إلى تعرض أغلب المشاريع للفساد .

– يوجد خلط بين العمل الإداري والعمل التنظيمي في أغلب الأحيان.

أهم المبادئ التي يجب أن يلتزم بها أي إدارية أو إداري لتكون الإدارة ناجحة:

– يجب تميز القدرات الذاتية وتشخيص الجوانب المهمة فيهم وتطويرها من خلال التدريب ليتم فيما بعد ممارستها بشكل عملي .

– يجب أن يتصرف الإداري أو الإدارية بحس المسؤولية وفق آداء الواجب وليس من منطلق المنصب والسلطة.

– يجب أن يتعرف الإداري أو الإدارية إلى جوهر النظام الذي يعمل فيه, أي أن يتعرف على مفاهيم وعقلية النظام الذي يعمل لديه .

-على الإدارية أو الإداري في أية مؤسسة أو دائرة كانت, أن ينتبه إلى الحرب الخاصة التي سوف يشنها العدو أو حتى الخصم على مؤسسته للتأثير على معنويات العاملين لديهم.

– يتوجب على الإداري أو الإدارية أن يمارس النقد الذاتي قبل انتقاد أي عامل أو عاملة يعملون في المؤسسة أو الدائرة التي يشرف على إدارتها .

ختاماً يمكننا القول بقدر ما تعتبر السلطة مناهضة للمجتمعية، فإن الإدارة بتنظيمها وقوتها تحمي نفسها مقابل معاداة السلطة للمجتمع، ولا يحصل تطور أخلاقي من دون كفاءة اجتماعية ، فالإدارة تُمثل القدرة على الرقي بالمجتمع نحو الأفضل والنهوض به نحو تحقيق التطورات على الصعد السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية……إلخ.

الإدارة تُمثل الحالة الطبيعية للمجتمع لكي يبقي نفسهُ بعيداً عن السلطة وأمراضها, ومن المهم أن تكون تلك الإدارة تتصف بالصفات القيادية والأخلاقية والإنسانية. كما أنَّ الإدارة التي تتخذ من الأخلاق أساساً لنفسها تُعبر عن الرقيّ والمرونة الذهنية لدى الإنسان وتُظهر مدى القدرة على إدارة المجتمعات لذاتها وتحملها على التفكير بعيداً عن الذهنية الدولتية التي تعمل جاهدة و بشتى الطرق والأساليب على إبقاء المجتمعات تحت نير العبودية وتحرمه من إدارة نفسه بنفسه.