سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

“لم يبقَ لي في بلادي سوى ذكريات الطفولة وقبور إخوتي!!!”

منزل الناشط محي الدين عيسو كان في مدينة رأس العين / سري كانيه وهو حقوقي وناشط إعلامي والعبارة التي لخص بها الناشط عيسو عن بلاده هو “لم يبقَ لي في بلادي سوى ذكريات الطفولة وقبور إخوتي!”.
تختلف القصص في تفاصيلها وتتشابه في جوهرها، لترسم صورة دقيقة لحد كبير، حول ما تركه الغزوان التركيان على مدينة رأس العين / سري كانيه، واللذان يفصل بينهما نحو سبع سنوات عاشت خلالها المدينة وريفها استقراراً نسبياً.
 “في الاحتلال الثاني لمدينة رأس العين / سري كانيه 2019 من قبل المحتل التركي ومرتزقة المعارضة التابعة لها من الجيش الوطني السوري ومرتزقة داعش والنصرة، تم تشريد سكان المدينة وارتكاب مئات الجرائم والانتهاكات، والاستيلاء على منازل المدنيين”. هكذا يروي الناشط محي الدين عيسو.
“بقيت قبورنا رهائن بيد المحتلين”
من ضمن المنازل المنهوبة والمستولى عليها، منزل عيسو المنحدر من مدينة رأس العين / سري كانيه، والذي يقول لـ”نورث برس” إنه “لم يعد باستطاعة أمي حتى قطع المسافة بين باب منزلها وقبور أبنائها، لتبقى تلك القبور رهائن بيد المحتلين”.
ويضيف عيسو متحسّراً: “بعد أن تشردّت عائلتي في كل من قبور رأس العين، وتركيا وباشور وألمانيا والسويد، لم يبقَ لي في سوريا أيُّ شيء سوى ذكريات الطفولة وقبور إخوتي”.
محي الدين عيسو، الصحفي والناشط في مجال حقوق الإنسان من رأس العين / سري كانيه، عمل في الإعلام كعضو مجلس أمناء لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان منذ عام 2003.
كان مجرداً من جنسيته السورية
ينحدر من مدينة رأس العين / سري كانيه، وعمل في مراكز المعارضة منها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ومركز توثيق الانتهاكات في دمشق حتى عام 2012، فيما لفت في حديثه إلى أنه كان مجرداً من جنسيته السورية، ويتابع: “كغيري من أبناء الشعب الكردي الذين راحوا ضحية إحصاء عام 1962 وجُرِّدوا من الجنسية السورية”.
منزل عيسو في رأس العين / سري كانيه، جرت مداهمته في العام 2012، على خلفية تأسيس “رابطة الصحفيين السوريين” إلى جانب منزله في العاصمة السورية، دمشق، ليجبر على الهجرة إلى باشور كردستان.
يذكر عيسو الأحداث في نهاية العام 2012، هجوم مرتزقة المعارضة المدعومة من المحتل التركي من ضمنها مرتزقة “جبهة النصرة” على مدينة رأس العين / سري كانيه، وأردف قائلاً: “قامت باحتلال المدينة وتهجير سكانها والبالغ عددهم حوالي /50/ ألف، لتهجر عائلتي بعدها”، على حد قوله.
المرتزقة وفقاً لعيسو: “احتلت منزله لأكثر من أربعة أشهر، نتيجة عمله الإعلامي وظهوره على الفضائيات العربية وفضح انتهاكاتهم، فيما لم تتمكن عائلته من العودة من تركيا خلال فترة تواجد تلك الفصائل المتطرفة فيها”.
عائلته تفرقت بين تركيا وباشور كردستان، فيما قصد عيسو أوروبا، ليمر بتركيا وبسجون بلغاريا وصربيا وهنغاريا والنمسا بسبب الهجرة غير الشرعية، لحين وصوله إلى ألمانيا التي تعرَّض فيها لمرض عضال ويتعرض لعلاج بالجرعات الكيماوية.
حياتها هي المسافة بين منزلها وقبور أبنائها
يؤكد عيسو، التحاق عائلته به، بناءً على خطابات وجهت إلى وزارة الخارجية الألمانية، من منظمة مراسلون بلا حدود ومنظمات حقوقية أخرى، فيما فقد شقيقيه في باشور كردستان وجرى نقلهم لدفنهم في مسقط رأسهم بمدينة رأس العين/سري كانيه.
اختتم الناشط محي الدين عيسو من سري كانيه قائلاً: “أمي التي لا تجيد العربية ولن تقرأ هذه الكلمات، ما زالت لا تعلم شيئاً عن مرضي، أمي التي حبست دموعها عند رؤيتي قالت لي: “الحياة بالنسبة لي هي المسافة التي تفصل بين باب منزلي في رأس العين وقبور أبنائي”.
يذكر أنه إثرَ الغزو الذي قامت به دولة الاحتلال التركي مع مرتزقة الجيش الوطني السوري التابعة لها، في التاسع من تشرين الأول المنصرم، تهجّر آلاف المدنيين من مناطقهم قسراً، ولا سيما المناطق الحدودية كرأس العين / سري كانيه وتل أبيض / كري سبي، بحثاً عن أماكن قد تكون ملاذاً لهم.