سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

لماذا لم يُلقِ بشار الأسد كلمة في قمة البحرين؟

هيفيدار خالد_

تناولت وسائل الإعلام التابعة لحكومة دمشق، نبأ مشاركة رئيس حكومة دمشق بشار الأسد في القمة العربية التي انعقدت قبل أسابيع في العاصمة البحرينية المنامة لمناقشة العديد من الملفّات الإقليمية التي تخصّ الدول العربية، وأهم التحديات التي تواجهها في الوقت الحالي، وأكّدت صحيفة الوطن المقرّبة من الحكومة أنّ بشار الأسد لم يُلقِ كلمةً في القمّة العربية المنعقدة في البحرين، وهو ما أثار تساؤلاتٍ عديدةً.

جميع الآراء ذهبت إلى أنّ عدم إلقاء الأسد كلمةً في القمة يعود إلى أنّه لم يجد أحداً أمامه كسائر المرات يصفّق لما يقول، أو ربما أن الدقائق الثلاث التي خُصصت لجميع الرؤساء لا تكفي لشعاراته الرنانة التي لم تجلب للشعب السوري سوى المزيد من الدمار والجوع والتهجير والنزوح والهلاك والموت والقتل.

وليس هذا فحسب بل أنّه تنازل عن استضافة القمّة العربية المقبلة “الرابعة والثلاثين” عام 2025 لصالح العراق، لأنّه لم يعد لديه ما يقوله للدول العربية التي أعادته للجامعة العربية واتفقت معه على عدّة أمور من أجل حل الأزمة التي تجتاح البلاد منذ أكثر من 13 عاماً، ومع ذلك لم يُقدّم أي شيء يُذكر؛ إذ لم يعد يمتلك الإرادة والقوة والشرعية لتحقيق خطوات من شأنها أن تساهم في إجراء تغييراتٍ حقيقية في النظام السياسي الحالي في البلاد.

نعم بشار الأسد حتى الآن لم يفِ بالوعود التي قطعها مع الدول العربية، خاصةً بعد أن أطلقت العديد من المبادرات في هذا الخصوص، وخير مثال على ذلك مكافحة ظاهرة المخدرات التي تقف وراء انتشارها في الدول العربية حكومة دمشق نفسها، وخاصةً في الفترة الأخيرة، كما أنه لم يخطُ أي خطوةٍ على صعيد مسار التطبيع العربي.

وها هو اليوم عاجز عن اتّخاذ أي إجراءاتٍ أو قراراتٍ من تلقاء نفسه، فقراره بات مرهوناً لدولٍ إقليميةٍ مثل إيران وروسيا اللتين تحاولان بشتى الطرق والأساليب الاستفادة من بقائه في السلطة خدمةً لأجنداتهما ومصالحهما في سوريا وبالتالي المنطقة برمتها.

بشار الأسد صمت في الوقت الذي كانت سوريا بأمسِّ الحاجة للكلام ونقل معاناتها للعالم، كان عليه أن يتحدّث عن المعاناة التي يتعرض لها سكّان عفرين الأصليون على يد تركيا التي دخل معها في علاقاتٍ رسمية خلال الفترة الأخيرة، كان عليه أن يذكر الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب السوري في كافة المناطق المحتلة في سوريا، كان عليه أن يتحدث عن شعب السويداء الذي أنهك مدينتهم بمخدراته وعن إدلب التي تحوّلت إلى إمارةٍ تركية وعن جرابلس وإعزاز وسري كانيه وتل أبيض والباب وأوضاع النازحين واللاجئين الذين دمّرت الحرب حياتهم وآمالهم. نعم التزم بشار الأسد الصمت مع تفاقم معاناة السوريين أضعافاً مضاعفة، ولكن التهرّب من المسؤولية ليس بغريب عليه، إذ لم يقدم ما شأنه التخفيف عن السوريين طوال سنوات الأزمة التي تسير بالبلاد نحو “مجهولٍ” يُقابل بصمت.