سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

لقاءات المصالح …استهداف لإرادة الشعوب الحرة

ميرخان عمادي_

لاتزال الأنظمة الديكتاتورية في منطقة الشرق الأوسط وحماية لمصالحها الفردية والأنانية تتاجر بدماء شعوبها، وتستنزف اقتصاد المنطقة، وتتنازل عن سيادة أراضيها للمحتلين الذين زرعوا القتل والدمار في كل مكان، ولم يلتفتوا في يوم من الأيام إلى معاناة تلك الشعوب التي عانت ومازالت تُعاني من قبضة الحديد والنار التي كانت تحكمهم، وقيّدت سلاسل قوانينهم الجائرة إرادة الشعوب فوقعت تلك تحت رحمة الدولة القومية.
 فحين نتطرق للأوضاع في كل من سوريا والعراق على مدار السنوات الماضية من الأزمات التي عصفت بالبلاد، نجد أن الشعبين العراقي والسوري ذاقا الأمرّين من الحروب التي دمرت وشردت الشعبين في كلا البلدين، ليزداد الوضع سوءاً، فالانقسامات في العراق والتناحر بين الأطراف السياسية وخلق الفتن بين الشعوب داخل البلاد، أرهق جسد العراق الذي لم يذق طعم الاستقرار والأمان، والسبب الرئيسي في ذلك عدم وجود استقرار سياسي بين الأطراف التي تحكم البلاد، والذي سمح للاحتلال التركي استغلال تلك الظروف، ودخل كالطاعون في جسد الدولة العراقية وهمه الوحيد إعادة أمجاد الدولة العثمانية البائدة، وتنفيذ الاتفاق الملي لاحتلال الموصل وكركوك وكذلك وضع العراق تحت قبضته بحجة الاتفاقات الاقتصادية المبرمة بين الطرفين ومحاربة حزب العمال الكردستاني، فأردوغان وتحت مسمى مشروع التنمية والسكك الحديدة يُخفي نواياه الاستعمارية، فقد كان الاحتلال التركي الداعم الأساسي لمرتزقة داعش الذي دمر البلاد، وارتكب العديد من المجازر، وكذلك أصبحت لتركيا قواعد لا تحصى في إقليم كردستان، وانتشار الاستخبارات التركية التي تتجول في الإقليم وكأنها أراض تركية وعمليات الاغتيالات التي تقوم بها، ناهيك عن الهجمات المستمرة بكافة صنوف الأسلحة؛ ومنها المحرمة دولياً التي كانت سبباً في ارتقاء العشرات إلى الشهادة، بالإضافة إلى حرق طبيعة كردستان وقطع مياه نهري دجلة والفرات، فبدلاً من اتخاذ حكومة بغداد وهولير موقفاً من تلك الانتهاكات الجسيمة والخروقات المستمرة للسيادة العراقية، نجدهم مثل حجارة الشطرنج يلعب أردوغان بمصير بلادهم كما يشاء، ويقومون بتنفيذ مخططاته على حساب الشعب العراقي ويحاولون ضرب أي مشروع ديمقراطي داخل العراق وخاصةً منطقة شنكال، التي كانت ضحية مؤامراتهم عند دخول مرتزقة داعش إليها، وارتكاب جينوسايد بحق الشعب الإيزيدي الذي تعرض للكثير من المجازر عبر التاريخ، وهنا شكلوا إدارتهم الذاتية وقوات الحماية للوقوف بوجه كافة المجازر.
تلك الأطراف تتحالف اليوم في العراق ضد نضال ومقاومة حزب العمال الكردستاني الذي كان الدرع المنيع في صد هجمات مرتزقة داعش والاحتلال التركي على مدار أكثر من أربعة عقود، واستطاع إفشال كافة مخططات الاحتلال التركي.
في سوريا قد يكون الوضع أسوأ بكثير نتيجة تواجد الكثير من الأطراف التي تُعقد الأزمة في البلاد، فمن جهة حكومة دمشق تتمسك بذات الذهنية وتريد العودة بسوريا إلى ما قبل عام 2011، وترفض أي حوار سوري سوري يُنهي معاناة ملايين السوريين الذين كانوا وقوداً لحربٍ لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
إن الشعب السوري على مدار أكثر من ثلاثة عشر عاماً عانى من الذهنية المستبدة لحكومة دمشق التي دمرت البلاد، ووضعت سوريا تحت قبضة إيران وروسيا، وتخلت عن الأراضي التي احتلتها تركيا، ودمرت البنى التحتية وقتلت وشردت الملايين من الشعب السوري، تلك الذهنية التي لا تقبل إنهاء معاناة الشعب السوري الطامح لمشروع ديمقراطي كمشروع الإدارة الذاتية يجمع كافة الشعوب والمكونات تحت ظلها.
الموت الذي نشرته تركيا في كل من سوريا والعراق يقابل من قبل حكومتي دمشق وبغداد بالرضا والقبول، وهذا ما نراه اليوم من خلال محاولة بغداد عقد اجتماعات بين دولة الاحتلال التركي وحكومة دمشق، بهدف التقارب بين الطرفين، وهذا إن تم سيزيد الطين بلة، كون تركيا لا تريد الانسحاب من الأراضي السورية ولا حتى العراقية، وهنا نجد تلك الأنظمة على حساب دماء شعوبها تعقد الاتفاقات والمؤامرات بدلاً من الجلوس مع شعوبها، وإنهاء أزمات بلادها، فالحل الذي تبتغيه الشعوب ينبع من الداخل، كون هدف نظام الرأسمالية العالمية والقوى المحتلة استمرار الأزمات والحروب في المنطقة، ومحاربة أي مشروع ديمقراطي يُشكّل خطراً على أهدافهم وأطماعهم.